الاثنين 11 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

البدالي صافي الدين: اليوم العالمي للمدرس في غزة الآن ولبنان وفي اليمن

البدالي صافي الدين: اليوم العالمي للمدرس في غزة الآن ولبنان وفي اليمن البدالي صافي الدين

منذ سنوات والعالم ينظم يوما خاصا بالمدرس، وهو يوم خامس أكتوبر من كل سنة. وذلك منذ عام 1994، وهي ذكرى من توقيع توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية عام 1966 بشأن أوضاع المدرسين.

 

وجاءت هذه التوصية بناء على مؤشرات تتعلق بحقوق وواجبات المدرسين والمدرسات (الكسرة والشدة تحت الراء) وكذلك أوضاعهم جميعا المعيشية والأمنية والنفسية، خاصة في البلدان التي تفتقر إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان وفي الدول المستعمرة.

 

وإن الإحساس العالمي بوضع المدرس في المنظومة الاجتماعية كان وجيها، لأن المدرس يظل المرشد والموجه للجيل الصاعد في كل الظروف، حتى أثناء الحروب الطاحنة. فهو لا يغادر الفصل هروبا من الهلاك تاركا متعلميه لوحدهم يلقون مصيرهم بنفسهم، إنه يظل معهم حتى النهاية، حتى لا يعلمهم الجبن أو الانهزام ولا يعلمهم التهور بل يعلمهم التضحية والصمود في وجه العدو، بدءا من العدو المتمثل في الجهل والأمية الى العدو الغاشم/المستعمر.

 

ويصادف يوم المدرس هذه السنة ما يعيشه المدرسون والمدرسات (بالشدة و الكسرة تحت الراء) في المخيمات الفلسطينية و في غزة حيث يعملون على تدريس الأطفال تحت القصف العشوائي للطائرات الحربية للعدو وتحت نيران الصواريخ المتساقطة على رؤوس أهل غزة ومخيمات اللاجئين الفلسطيني . لم تنل منهم الحرب الهمجية حتى يتخلوا عن دورهم في التدريس، إذ يعتبرون أنفسهم حاملي البندقية التي ستقضي على الاستعمار طال الزمن أم قصر. إنها عقيدة المدرس (ة) في حياة الحرب وفي حياة السلم. وكذلك هو المدرس (ة) يتحمل ويلات الحروب من أجل الحفاظ على عملية التدريس.

 

ذلك لأن يوم المدرس له أبعاده الإنسانية و التربوية و الوطنية، أما أبعاده الإنسانية فهي تتجلى في إنقاذ الأطفال من الجهل و التخلف، دون تمييز عنصري أو عرقي أو طبقي، مما يجعل المدرس (ة) في منأى عن كل انحياز أعمى، وأما أبعاده التربوية فهي التي تجعل الطفل يسلك سبل الرشد لا سبل التيه و الاستلاب و التقليد الأعمى، وأما الأبعاد الوطنية فهي تكريس حب الوطن لدى الطفل والاعتزاز بوطنيته. إن ما يعيشه المدرس (ة) في غزة وفي لبنان واليمن وفي السودان من معاناة ومن تضحيات في سبيل التدريس والمتمدرسين والمتمدرسات يحتاج أكثر من وقفة إجلال وإكبار لهؤلاء الجنود الأوفياء لوطنهم ولشعوبهم. إن احتفال العالم بيوم المدرس في الخامس من أكتوبر من كل سنة منذ 1994 لم يأت اعتباطا بل جاء للإشادة بدور رجال التعليم ونسائه في ترسيخ العلم والعلوم وترسيخ القيم الإنسانية والتربية على المواطنة. إنه أكثر من 100 بلد يحتفل بيوم المدرس(ة) العالمي، ويعود الفضل في الانتشار السريع والوعي العالمي بهذا اليوم إلى منظمة” إديوكيشن انترناسيونال “ في جميع أنحاء العالم ، وذلك بغية توفير تعليم جيد ومدرس يكون قد نال من التكوين ما يلزم وله مستوى معيشة أفضل، لأنه بغير الممكن أن يكون هناك تعليم جيد بدون معلمين و معلمات مخلصين ومهليصات ومؤهلين ومؤهلات في جميع أنحاء العالم. فالمعلمون والمعلمات هم وحدهم المؤهلون لمساعدة التلاميذ على التفكير النقدي، والتعامل مع المعلومة من حيث جميع الجوانب واستخدامها في الأوضاع المناسبة، كما يتعلمون التعاون والتضامن بين أطفال شعوب العالم.

 

إن الاحتفال باليوم العالمي للمدرس إنما هو من أجل إثارة الانتباه إلى الحاجة من الرفع من مكانة مهنة التعليم ليس لأجل المعلمين والتلاميذ فحسب، ولكن من أجل المجتمع والمستقبل ككل. وهي مناسبةً للاحتفاء بالمعلمين وبالمعلمات و استرعاء الانتباه إلى وضعهم، وإلى الظروف التي يعملون فيها، لأنه لا يمكن توفير تعليم جيد بدونهم .

 

إن جميع أولئك الذين يناضلون من أجل توفير تعليم ذو جودة عالية للأطفال في العالم عليهم أن ينضموا إلى المعلمين والمعلمات والمنظمات التي تمثلهم للاحتفال بالمهنة ولدعمهم.