الجمعة 27 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

الوكيلي: صراع إسرائيل و"حزب الشيطان": نحن مع مَن ضدّ مَن؟!

الوكيلي: صراع إسرائيل و"حزب الشيطان": نحن مع مَن ضدّ مَن؟! محمد عزيز الوكيلي
بدايةً، يحار العقل في إيجاد لقب مناسب لحزب حسن نصر الله غير "حزب الشيطان" لأن لقبه الرسمي (حزب الله) لا يليق بجلال الله وحكمته وعدله ورحمته... وهذا الحزب بعيد عن كل هذه الصفات أكثر من بُعد السماء عن الأرض!!
بيد أن السؤال في العنوان أعلاه محيّر بالفعل!!
فهل نحن مع قوات إسرائيل في ضربها المبرح والقاتل لميليشيات "حزب الشيطان"، الذي عاث فساداً وتخريباً في البلدان العربية التي تسلل إليها بتدبير من زبانية خاميناي والملالي ومخابراتهما؟ مرة تحت غطاء الجهاد والممانعة بلبنان، ومرة أخرى تحت ظل عبث إيراني شيطاني بشعب سوريا، وأهل السّنّة منه خاصة، ونساء سوريا وأطفالها، تارة بمباركة من روسيا، وصمت من تركيا، ولامبالاة من الصين التي تحاول بدورها إيجاد مَواطِئِ قدمٍ لها في كل مناطق الصراع "العربي العربي"، و"الإسلامي الإسلامي"، وتارة أخرى بمُماهاةٍ فاضحةٍ من "جزار الشام" بشار الأسد، الذي ترك "حزب الشيطان" يفعل ما يشاء بالسوريين البسطاء المستضعفين؟!
أم هل نبارك قوات "حزب الشيطان" ذاته، ومن ورائه الحرس الثوري الإيراني، فيما يُسَمّيه زبانيتُه جهاداً مقدساً ضد الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين، ولأراضٍ عربية أخرى ببلدان المواجهة، ناسين أو متناسين حقيقة هذا الحزب "اللبنانوإيراني" الموبوء، بكل جرائمه سابقة الإشارة، وبما لا يقل عنها وحشية فيما ارتكبه في العراق، وفي اليمن جنباً إلى جنب مع حوثيي هذا الأخير... ولائحة جرائمه تعز عن العد والوصف والإحصاء... دون ان نضع في حسباننا سوى مقولة معاداة الكيان الصهيوني، ومساندة الكفاح الفلسطيني، حتى ونحن نعلم علم اليقين بأن الحابل اختلط فعلاً بالنابل، وبأن الخطوط الفاصلة بين نضال الفلسطينيين الشرفاء والبسطاء اختلطت وتشابكت تمام التشابك والاختلاط مع كل المعارك التي دارت والتي سيستمر دورانُها ردحاً آخر من الزمن، بين بقايا حماس والقسام، وبقايا حزب الشيطان ومعهم طلائع الحوثيين من جهة، وبين "قوات نتنياهو" من جهة ثانية... وقد نسبتُ قوات إسرائيل الفاعلة حاليا في الساحة إلى رئيس وزراء إسرائيل باسمه، وبالذات، نظرا لتصاعد صياحات عنيفة من داخل إسرائيل تؤاخذ هذا المسؤول على ما تعتبره تهوّراً ومقامرة توشك أن تهدد الوجود الإسرائيلي برمته... مما يمكن أن تنجم عنه إطاحة برئيس الحكومة هذا، وتعويضه بآخر يكون أقدر على ترميم ما يمكن ترميمه في كامل تراب المنطقة، تجاه اللبنانيين، الذين يؤكد نتنياهو ذاتُه في تصريحاته المتوالية بأنه لا يرغب في محاربتهم، هم أنفسهم، وإنما يرنو، كما يقول بعظمة لسانه وبالصوت والصورة، إلى اجتثاث "حزب الشيطان" من جذوره، وكسر أنيابه، وتقليم مخالبه، حتى لا تقومَ له قائمةٌ بعد هذه المواجهة الأكثر من دامية، والأكثر من وحشية، من الجانبين معاً؟! 
هل نميل إلى أحد هذين الخندقين، وكلاهما لا يخدم أي مصلحة من مصالح أوطاننا وأهالينا... أم هل نَركُن إلى ذلك الدعاء العجيب، المثير للسخرية،  والذي يشكّل قاسماً مشتركاً، في آن واحد، بين الحكماء المُسالمين، والضعفاء قليلي الحيلة، وكذلك بين الجبناء الرعاديد، ومعهم بتحصيل الحاصل فلول المنافقين والحربائيين، والذي جاء فيه: "اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين"؟!!
نحن هنا أمام خيارٍ صعبٍ وفي غاية الالتباس: فمن جهة، أمامنا إسرائيل، وفي مواجهتها تاريخ طويل من العواطف العروبية والشعارات الإسلاموية والبكائيات، التي لم تُفلح في الدفع بنا خطوة واحدة إلى الأمام، سواء لرمي إسرائيل في البحر كما كانت تتغنى بذلك مواويل ومِخْيالات عهد جمال عبد النصر، قبل أن تعيدها "حرب الأيام الستة" إلى ناصية الواقع؛ أو للانتهاء معها، اي مع إسرائيل ذاتِها، إلى مرفإٍ للسلام يُكرّسُ لحل الدولتين على الأقل؛ أو كخيار ثالث، للحفاظ على حالة "اللاسلم واللاحرب"، التي عمّرت طويلا بين العرب وإسرائيل فاستنزفتهم جميعاً ولم يأت من ورائها غير هذا الذي نشهده اليوم من الفوضى الدولية غير الخلاّقة؟!!
ونعود إلى السؤال ذاته: "مَن نُناصِر ضدَّ مَن"، والطرفان معا حوّلا المنطقة إلى خراب لن تتأتى إعادة إعماره إلا بعد أجيال من الضياع، شريطة أن تنتهي معاركه وحرائقه وجرائمه في ساعة الناس هذه... أمّا إعادة إعمار النفوس المكلومة والقلوب المُدماة والأجساد المعطوبة وتداعياتها على الكيان الإنساني بعموم خريطة المنطقة فلن يتأتى قبل قرون إن كُتِبَ له فعلاً أن يتحقق!!!
ويبقى السؤالُ ذاتُه كما بدأنا به هذا الكلام هُوَ هُو، لا يتغير... ويبقى جوابُه عصياً على الإدراك!!
مَن يستطيعُ البحثَ له عن إجابة شافية فليُخبرني مشكوراً ولكن، بلا ببغائية؟!! 
 
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي