يُحيي العالم في السابع والعشرين ( 27) من شهر شتنبر سنوياً اليوم العالمي لمقاومة الحروب والاحتلال، وتنص ديباجة ميثاق الأمم المتحدة على عدم استخدام القوة المسلحة في غير المصلحة المشتركة، كما تطالب المادة الثانية منه بفض المنازعات الدولية بالوسائل السلمية ومنع الدول الأعضاء التهديد بالقوة أو استخدامها، وبالتالي يحرم الميثاق الحروب ولا يعترف بشرعية الاحتلال.
وللتذكير فقد عرف العالم، عبر التاريخ، القديم والحديث، اندلاع حروب واقتتال ومآسي، كما انتفضت الشعوب والأمم صد هذا الاحتلال، واستطاعت استرجاع حريتها وتحرير أوطانها ومواطنيها وثرواتها.
كما عايش العالم، في القرن العشرين، اندلاع حربين عالميتين مدمرتين، ونشأت هيئة الأمم المتحدة التي ينظمها ميثاق دولي ساهمت فيها الدول التي كانت قائمة ومستقلة آنذاك.
واعترفت الأمم المتحدة بحق الشعوب والأمم في نيل حريتها وتقرير مصيرها، كما تم الاعتراف بالحق في نيل حريتها بالطرق السلمية وغير السلمية في شكل المقاومة بكافة الطرق السلمية والعسكرية
وتم الاعتراف بالحق في المقاومة باعتباره "حق إنساني" معترف به، رغم أن الخلاف والجدل حول محتواه وأشكاله ما يزال قائما إلى يومنا هذا.
ويمكن للحق في المقاومة، أن يأخذ عدة أشكال، عصيان مدني أو مقاومة مسلحة ضد احتلال أجنبي أو حكومة استبدادية؛
بل إن الكثير من المفكرين والحقوقيين، اعتبروا الحق في المقاومة بأنه أسمى حقوق الإنسان. لكن للأسف يلاحظ أن هذا الحق في القانون الدولي لحقوق الإنسان ضعيف ونادرًا ما يناقش.
وتعترف العديد من البلدًان صراحة بالحق الدستوري في المقاومة، كما يعترف به الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب كما أن الحق في مقاومة الاحتلال في القانون الدولي هو حق إنساني معترف به عالميا.
وبالنسبة للمغرب فمن المعلوم أنه تعرض للاستعمار في 30 مارس سنة 1912 بواسطة اتفاقية للحماية، ونال استقلاله سنة 1956 بعد صراع سلمي ومسلح , كما أن مقاومة الاحتلال والاستعمار قد تتخذ شكلا سلميا مثل تجربة الزعيم الهندي المهاتما غاندي(ولد فى أكتوبر 1869 وتوفى شهر يناير 1948) كان زعيما لحركة الاستقلال الهندية وصاحب الدعوة إلى المقاومة السلمية.
كما يؤكد القانون الدولي أن المقاومة بكافة أشكالها حق مشروع للشعب الواقع تحت الاحتلال، وأن سلاحها يحظى بشرعية قانونية ولا يمكن نزعه. وقد خطت الأمم المتحدة خطوة متقدمة في هذا الشأن، وأقرت سنة 1947، «اتفاقات جنيف الأربع»، إذ يتناول (الاتفاق الرابع) حماية السكان المدنيين، الأمر الذي أعطاه مكانة مهمة في القانون الدولي في المجال الإنساني.، «اتفاقات جنيف الأربع»، إذ يتناول (الاتفاق الرابع) حماية السكان المدنيين، ما أعطاه مكانة مهمة في القانون الدولي في المجال الإنساني.
بالرغم من النصوص الدولية والمواثيق الإنسانية العديدة التي تنصص على حق المقاومة في مواجهة العدوان فإننا في الوقت الراهن نلاحظ هيمنة النمط الواحد في حاجة إلى التذكير بهذا الحق الذي بدأت قوى دولية تتنصل من القانون الدولي تتناساه وتتجاهله وتحتقره.
وتسعى قوى الاستعمار وحلفاؤها ( إقليميا ودوليا) إلى الالتفاف على هذا الحق والإجهاز عليه خدمة لمصالحها. بل تسعى جاهدة للالتفاف على حق مقاومة العدوان المشروع
ووصمه بالإرهاب، مستعملة آلة ضخمة من الإعلام على قلب الحقائق وتزوير المعطيات بتقديم " النضال" على أنه " إرهاب " ، والمقاومين" إلى " جماعات متطرفة".
يشير ميثاق الأمم المتحدة الصادر سنة 1945 وخاصة في مادته 25 إلي إنماء العلاقات الودية بين الدول على أساس المبدأ الذي يقضي بأن الشعوب متساوية.
ـ تنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة على شرعية حق المقاومة للشعوب من أجل الدفاع عن نفسها إذا داهمها العدو بقصد احتلالها ".. ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء "الأمم المتحدة..."
ـ قرار رقم (1514) لسنة 1960 الخاصة بمنح البلدان والشعوب المُستعمَرة استقلالها، والتي اشتَهرت فيما بعد بقرار "تصفية الاستعمار". الذي جاء تطبيقًا لمبادئ حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وقد جاء فيه : " إن إخضاع الشعب للاستعباد الأجنبي والسيطرة الأجنبية والاستغلال الأجنبي يشكل إنكارًا لحقوق الإنسان الأساسية، ويناقض ميثاق الأمم المتحدة، ويعرض السلام والتعاون الدوليين للخطر، وإن كل محاولة تستهدف جزئيًا أو كليًا تقويض الوحدة الوطنية والسلامة الإقليمية لدولة ما، تتعارض مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها.."
ـ القرار رقم 637 بتاريخ 16/12/1970، الذي اعتبرت فيه الأمم المتحدة حق الشعوب في تقرير مصيرها شرطا أساسيا للتمتع بسائر الحقوق والحريات الأخرى، وقد جاء العهدان الدوليان (العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية) ليدعما هذا الموقف.
ـ القرار رقم 3101 الصادر في 12/12/1972 في الدورة الثامنة والعشرين للتأكيد على حق الشعوب الخاضعة له بالتحرر منه بكافة الوسائل1.
ـ القرار رقم (3103) لسنة 1973 بشأن المبادئ المتعلقة بالمركز القانوني للمقاتلين الذين يكافحون ضد السيطرة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي والنظم العنصرية، لا بإضفاء
المشروعية على عملهم فحسب، وإنما بشمول هؤلاء المقاتلين أيضاً بقواعد القانون الدولي المعمول به في النزاعات المسلحة مثل اتفاقيات جنيف لعام 1949 الخاصة بجرحى الحرب وأسراهم، وحماية المدنيين. وقد نص هذا القرار على أن نضال الشعوب في سبيل حقها في تقرير المصير والاستقلال هو نضال شرعي يتفق تماماً مع مبادئ القانون الدولي، وأن أية محاولة لقمع الكفاح المسلح هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة ولإعلان مبادئ القانون الدولي وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأن المحاربين المناضلين الذين يقعون في الأسر يجب أن يعاملوا كأسرى حرب وفق أحكام اتفاقية جنيف المتعلقة بأسرى الحرب.
ـ أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1974 بالقرار رقم 3214 حول تعريف العدوان، حق الشعوب في النضال بجميع الأشكال بما فيها الكفاح المسلح من أجل نيل الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير، وبالتالي أجازت حق جميع الشعوب في العالم في المقاومة المسلحة للاحتلال في سبيل تحررها من الاحتلال، وذهب إلى " أن أي محاولة لقمع الكفاح المسلح ضد السيطرة الاستعمارية والأجنبية والأنظمة العنصرية هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة ولإعلان مبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الدولية والتعاون بين الدول، وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان" .
ـ وقد أكدت لجنة حقوق الإنسان، مرارا، شرعية القتال ضد الاحتلال بكل الوسائل المتاحة ضمنها الصراع المسلح (القرار رقم 3 (35) في 21/2/1979 والقرار رقم 1989/19 في 6/3/1989). وقرار الجمعية العامة 37/43 تبنى بشكل جلي في 3/12/1982 "يعيد التأكيد على شرعية نضال الشعوب من أجل الاستقلال ووحدة الأراضي والتحرير من الهيمنة الاستعمارية والأجنبية والاحتلال الأجنبي بكل الوسائل المتاحة يضمنها الصراع المسلح... "
ـ اللجنة الخاصة بموضوع الإرهاب التي شكلتها الأمم المتحدة في عام 1989 حددت الأسباب التي تؤدي إلى اندلاع العنف (الإرهاب) السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأوردت منها: الاستعمار والتشبث بالسيطرة الاستعمارية ، احتلال أراضي الغير والهيمنة على الشعوب، العنصرية والتمييز العنصري والفصل العنصري، إنكار حق الشعوب والأمم في تقرير المصير، حروب الإبادة والعدوان واستخدام القوة وانتهاك السيادة والاستقلال والوحدة الإقليمية للدول، استخدام الإرهاب للسيطرة على الشعوب وإجبار السكان على النزوح، الاضطهاد الديني وإثارة الفتن الطائفية وإشعال الحروب الأهلية، الاستبداد والظلم والقهر وكبت الحريات وانتهاك الحقوق.
ـ المادة 1 من (البروتوكول الإضافي الأول لمعاهدات جنيف ) الصادر سنة 1977 تعتبر أن النضال من أجل تقرير المصير كحالات نزاع مسلح دولي
ـ "إعلان جنيف حول الإرهاب" ينص على " كما أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة مرارا، فإن الشعوب التي تقاتل ضد الهيمنة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي وضد النظم العنصرية في ممارسة حقهم في تقرير المصير لديهم الحق في استخدام القوة من أجل تحقيق أهدافهم داخل إطار القانون الدولي الإنساني. ومثل هذه الاستخدامات الشرعية للقوة يجب عدم خلطها بأفعال الإرهاب الدولي " في ممارسة حق تقرير المصير، للشعوب الواقعة تحت الهيمنة الاستعمارية والأجنبية الحق في «النضال.. والسعي للحصول على الدعم بما يتوافق مع مبادئ الميثاق" وبما يتفق مع "إعلان مبادئ القانون الدولي ذات الصلة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول".
ـ قرار الجمعية العامة 2625 حيث يشير إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول إلى المبدأ الذي يقول "تمتنع الدول في علاقاتها الدولية من التهديد أو استخدام القوة ضد وحدة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة، أو بأي شكل يتعارض مع أهداف الأمم المتحدة.
ومما يجدر التذكير به أن القانون الدولي يعطى حق المقاومة المسلحة للشعوب التي احتلت أرضها، ولا يحق لأي فرد أيا كان أن يتنازل عن هذا الحق حتى لو كان رئيس حكومة أو رئيس دولة. لأن هذا الحق يعد من حقوق الإنسان الطبيعية التي كفلتها الوثيقة الدولية لحقوق الإنسان والصادرة سنة 1966 والتي تتضمن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذي يجعل حق الشعوب في مقاومة المستعمر وتقرير المصير ومواصلة الكفاح المسلح، بكل النواحي، حق مقرر للشعوب". إن اعتراف الأمم المتحدة بشرعية مقاومة الشعوب تحت الهيمنة الاستعمارية والأجنبية أو الاحتلال تتفق مع الحظر العام لاستخدام القوة المتضمنة في ميثاق الأمم المتحدة بسبب أن الدولة التي تُخضِع شعبا بالقوة لهيمنة استعمارية أو أجنبية تقترف فعلا لا شرعيا حسب تعريف القانون الدولي ، ويمكن للشعب المقهور وفي ممارسة حق أصيل في الدفاع عن النفس، القتال من اجل الدفاع ونيل حقه في تقرير المصير .
إن الاعتراف العالمي بحق تقرير المصير، والاستقلال الوطني ووحدة الأراضي والوحدة الوطنية والسيادة بدون تدخل أجنبي وتثبيته قرارات دولية وفي الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وبتحوله من مجرد مبدأ سياسي إلى حق قانوني، يعتبر نصرا إنسانيا لا يمكن الاستهانة به، يعتبر نصرا للإنسانية لم يأت جزافا ولا منة ولا عطاء، لقد تحقق هذا الانتصار بفضل نضال الشعوب.
لقد اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة مراراً بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف مثل قرارها رقم (3236) لعام1974 بند (1و2)، وقرارها رقم (39/17) لعام 1984 بند(3)، وقرارها رقم 49/149 لعام 1995 في البند (1و3)، وبحقه في استرجاع حقوقه بالوسائل المتاحة كافة بما في ذلك الكفاح المسلح حسب قرار الجمعية العامة رقم (3236) لعام 1974 بند (5)، ورقم (39/17) لعام 1984 بند(2).
إن القانون الدولي، ومنذ قيام الأمم المتحدة، قد حظر اللجوء إلى القوة المسلحة أو التهديد بها في إطار العلاقات الدولية، غير أنه أجاز اللجوء إلى القوة بأشكالها المختلفة في حالات الدفاع الشرعي ضد الاحتلال، بوصفها وسيلة لممارسة حق تقرير المصير، والوصول إلى الاستقلال الوطني.
وتقر الجمعية العامة للأمم المتحدة بمشروعية نضال الشعوب في سبيل التحرر من الهيمنة الاستعمارية والسيطرة الأجنبية، بالوسائل كافة، بما في ذلك القوة المسلحة، وتقر بحق دول العالم تقديم المساعدات للشعوب التي تناضل في سبيل تقرير المصير، فالدعم الخارجي في
الكفاح المسلح الذي تخوض الشعوب ضد دولة استعمارية أو عنصرية أو ضد الاحتلال الأجنبي، لا يُعد من قبيل التدخل في شؤونها الداخلية وذلك وفق قرار الجمعية العامة رقم (3070) لعام 1973 في البند الثاني والثالث...""
إن هذه الاتفاقيات الدولية تفرض على الدول عدم الاعتداء على الدول الأخرى واحترام سيادتها ووحدتها الترابية وهذه الدول الموقعة على ميثاق الأمم المتحدة يجبرها هذا الميثاق بالضرورة أن تمتنع عن القيام بكل ما من شأنه أن يعيق حركات التحرر الوطني في استرجاع استقلالها وفي مقاومة قوى الاحتلال والقوى الغازية بل تذهب الأمم المتحدة إلى أكثر من ذلك هو حقها في الدعم الأجنبي في حربها التحريرية الاستقلالية..