أجابت المرافعات حول المحاماة التي ألقيت بمسرح محمد الخامس بالرباط، السبت 21 شتنبر 2024، بشكل صريح عن سؤالي من نحن؟ وماذا نريد؟ وإن حصل هناك التباس على مستوى الاجابة على سؤالي ماذا بعد؟ وما العمل؟ وهذا في نظري المتواضع أمر متوقع ومنتظر لأن الجمعية اختارت تسيير وتدبير المعركة النضالية الحالية بالضغط باستعمال ضابط الكم أكثر من الكيف عبر اتخاد آلية (الحشد الممزوجة بتيمة أن الصف المهني موحد، لا يأتيه الخلاف من بين يديه ولا من خلفه)، وبالتالي التحكم في الضابط المعتمد في أفق انتظار رد فعل المخاطب، وذلك منذ الوقفة التي نظمتها الجمعية أمام البرلمان والوقفات المحلية وتتويجها بلقاء وطني للمحاماة، برسائل واضحة لا تقبل أي تأويل، وهي بذلك قامت فقط بإعادة صياغة قواعد الاشتباك المحددة سلفا وبذل الجهد حتى لا تحدث توترات غير مرغوب فيها نسقا وسياقا بغض النظر عن اختلاف التقديرات حول مدى فعالية الانتقال من آلية ضبط النفس لقياس حجم تجاوب الآخر والتي اعتمدها السلف في تدبير الملفات المطروحة آنذاك الى اعتماد مناشدة الحوار مع المؤسسات المعنية، تحت يافطة المقاربة التشاركية، وبالتالي يحق طرح السؤال، هل حصل اختلاف على مستوى التجاوب الإيجابي للأخر بعد هذا الانتقال السلس من ضبط النفس إلى مناشدة الحوار.
وما مدى نجاعة تراجع الإطارات الشبابية إلى الوراء في الدفع بهذا التجاوب إلى الأمام من عدمه، بعدما قررت أن تعتمد فقط على التنسيق والتشاور مع الجمعية واستغناؤها عن قيادة المعركة الميدانية، بعد أن كانت تقرر وتنفذ العديد الأشكال النضالية المنظمة من طرفها سلفا.
لكن من المعلوم أن في التخطيط الاستراتيجي لأي معركة مفصلية ينبغي استحضار معطيات عديدة، من قبيل نقاط القوة ونقاط الضعف، وتحديد الفرص والامكانات المتاحة ومقارنتها بالمخاطر والتهديدات وتحديدها، بشكل واضح وصريح في ضوء التحليل الملموس للواقع الملموس بعيدا عن الدوغمائية والتعصب،
فمن وجهة نظري أن التوازنات المطروحة اليوم في ظل التغول الأغلبي للحكومة الحالية هي حساسة جدا، ولا تمنح هوامش عديدة للمناورة في سبيل تحقيق الحلم المهني المطروح، وينبغي أن ندرك جيدا أثر كل خطوة نضالية كيفما كان حجمها على قلب موازين القوى.
وهذا لن يتأتى الا بالاستقراء الجيد للنقط الخلافية في مشاريع القوانين المقدمة وتحديد المؤسسات الضاغطة التي تسعى إلى تمريرها وهدفها منها ومن أين استمدت هذه المؤسسات قوتها؟ هل من ضعفنا المتخيل في اللاوعيها؟ أم من عدم التواصل الجيد معها؟ وذلك حتى لا نرفع المظلات في مهنتنا إن أمطرت السماء على هذه المؤسسات بالرغم من فصل الصيف فيها كما يقال.
وكذلك لن يتأتى الا بالانفتاح على المواطن عبر الاستغلال الجيد لألية الإعلام والتواصل وتنويره بأنه مستهدف في حقه في الولوج المستنير والمتبصر للعدالة عبر حل الاشكالات البنيوية للعدالة على حساب حقوقه بدءا من تزايد عدد الملفات مع ضعف المناصب المالية المخصصة للقضاء وعدم تجاوز التدبير الحالي للموارد البشرية المتوفرة حاليا، أمام تزايد حجم الاستثمارات ونمو النشاط الاقتصادي وتأثير ذلك على حجم القضايا والمنازعات مما أدى الى البطء في البت في القضايا والضغط الاداري ومشاكل التبليغ وعدم جاهزية الملفات وغيرها من الاشكالات البنيوية التي تقظ مضجع العدالة ببلادنا وكأني بالعصا السحرية المتمثلة في التنصيص على الغرامات والرفع من قيمة القضايا التي تقبل الطعن ستحل هذه الاشكالات!!!!.
جيد جدا تحديد قواعد الاشتباك عند إدارة المعارك، كما هو جيد جيدا إنتاج أدوات الضغط الأخرى الكفيلة بتحقيق الغاية وذلك عبر الاستثمار الجيد لنقاط القوة التي رصدت عبر الية الحشد وواقعية المطالب وشرعيتها الدستورية وذلك لرد المخاطر والتهديدات لكن ينبغي كذلك تحديد نقاط الضعف والتخلص منها لإنتاج فرص وإمكانيات خاصة وأن الدستور ينتصر لمطالب المحاميات والمحامين اليوم، وفي نظري المتواضع تحقيق ذلك لن يتأتى الا بخلق جبهة مدنية موحدة داعمة لمطالبنا باعتبارها حقوقا من حقوق المواطن وبأهداف واضحة ومحددة والكل للتصدي لكل ما من شأنه أن يمس بالحقوق والحريات المكفولة بنص الدستور والاوفاق الدولية.
أحمد حموش، محام بهيئة الدارالبيضاء