يُعد الحق في الإضراب من الحقوق الأساسية المعترف بها دولياً، وخاصة من قِبَل منظمة العمل الدولية (ILO)، التي تؤكد على أن الإضراب ليس مجرد وسيلة للدفاع عن المصالح الاقتصادية والمهنية، بل هو أحد الحقوق الديمقراطية الأساسية التي تضمن حرية التعبير والتفاوض الجماعي. ومع ذلك، يظل تنظيم هذا الحق في مختلف البلدان موضع نقاش واسع، كما هو الحال في المغرب، حيث أثار مشروع القانون رقم 97.15 الخاص بتنظيم الإضراب نقاشات حادة بين مختلف الأطراف.
بين التنظيم والتقييد:
نظرة متباينة يظهر مشروع القانون المغربي الخاص بالحق في الإضراب تركيزاً كبيراً على البعد الزجري، حيث خصص هذا المشروع 12 مادة من أصل 49 للزجر والعقوبات، مما يعكس توجهًا نحو التقييد بدلًا من تعزيز الحق وتنظيمه بطريقة تدعم ممارسته بشكل سليم. وهذا يخالف الرؤية التي تنادي بها منظمة العمل الدولية والتي يتبناها المغرب بموجب الدستور المغربي، والمتمثلة في التوازنٍ بين تنظيم حق الإضراب وحمايته دون تقييد غير مبرر له.
فمنظمة العمل الدولية تؤكد في تقاريرها على أن الإضراب يجب أن يُمارس في إطار قانوني معقول يضمن حرية العمل، لكنه في الوقت نفسه لا ينبغي أن يُستخدم كأداة لتقييد حق الأجراء في الإحتجاج المشروع. أما السياق المغربي، يبدو أن المشروع الحالي يخلق جوًا من التوجس، إذ يعطي الأولوية للعقوبات على حساب إيجاد إطار يضمن ممارسة الإضراب بشكل عادل ومتوازن.
التوازن بين القطاعات: كيف نحقق الإنصاف؟
تحت تأثير هذا المنطق الزجري، يبرز اللاتوازن في تعامل القانون مع القطاعات المختلفة. فقد خصصت 22 مادة للقطاع الخاص مقابل 4 مواد فقط للقطاع العام. ليلاحظ على أن هناك تفاوتا واضحا يتعارض مع المبادئ التي تؤكد عليها منظمة العمل الدولية، والتي ترى أن الحقوق العمالية يجب أن تُنظم بطريقة تضمن المساواة والعدالة في التعامل مع جميع الفئات المهنية، سواء كانت في القطاع العام أو الخاص.
وهنا يطرح هذا التفاوت تساؤلات حول كيفية تحقيق التوازن بين حقوق الأجراء في كلا القطاعين، والدعوة إلى إعادة النظر في توزيع المواد لضمان حماية شاملة وعادلة للجميع، بعيداً عن أي انحياز يؤثر سلباً على حقوق بعض الفئات.
الغموض في المفاهيم و إشكالية التعريف:
يواجه مشروع القانون الخاص بالحق في الإضراب تحديات كبرى من بينها الغموض في تعريف الإضراب. فقد حصر القانون الإضراب في الأجراء فقط، مما يتجاهل فئات أخرى مثل المستقلين أو المتدربين. وفقًا لمنظمة العمل الدولية، يجب أن يكون تعريف الإضراب واسعاً ليشمل جميع الفئات المهنية المتضررة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وليس فقط فئة الأجراء والمستخدمين بالإضافة إلى ذلك، التعريف الحالي للإضراب بأنه: "توقف عن العمل لأسباب اقتصادية أو اجتماعية مباشرة" يفتقر إلى الوضوح بشأن المقصود بـ "المصلحة الاجتماعية والاقتصادية".
بين التنظيم والتقييد:
نظرة متباينة يظهر مشروع القانون المغربي الخاص بالحق في الإضراب تركيزاً كبيراً على البعد الزجري، حيث خصص هذا المشروع 12 مادة من أصل 49 للزجر والعقوبات، مما يعكس توجهًا نحو التقييد بدلًا من تعزيز الحق وتنظيمه بطريقة تدعم ممارسته بشكل سليم. وهذا يخالف الرؤية التي تنادي بها منظمة العمل الدولية والتي يتبناها المغرب بموجب الدستور المغربي، والمتمثلة في التوازنٍ بين تنظيم حق الإضراب وحمايته دون تقييد غير مبرر له.
فمنظمة العمل الدولية تؤكد في تقاريرها على أن الإضراب يجب أن يُمارس في إطار قانوني معقول يضمن حرية العمل، لكنه في الوقت نفسه لا ينبغي أن يُستخدم كأداة لتقييد حق الأجراء في الإحتجاج المشروع. أما السياق المغربي، يبدو أن المشروع الحالي يخلق جوًا من التوجس، إذ يعطي الأولوية للعقوبات على حساب إيجاد إطار يضمن ممارسة الإضراب بشكل عادل ومتوازن.
التوازن بين القطاعات: كيف نحقق الإنصاف؟
تحت تأثير هذا المنطق الزجري، يبرز اللاتوازن في تعامل القانون مع القطاعات المختلفة. فقد خصصت 22 مادة للقطاع الخاص مقابل 4 مواد فقط للقطاع العام. ليلاحظ على أن هناك تفاوتا واضحا يتعارض مع المبادئ التي تؤكد عليها منظمة العمل الدولية، والتي ترى أن الحقوق العمالية يجب أن تُنظم بطريقة تضمن المساواة والعدالة في التعامل مع جميع الفئات المهنية، سواء كانت في القطاع العام أو الخاص.
وهنا يطرح هذا التفاوت تساؤلات حول كيفية تحقيق التوازن بين حقوق الأجراء في كلا القطاعين، والدعوة إلى إعادة النظر في توزيع المواد لضمان حماية شاملة وعادلة للجميع، بعيداً عن أي انحياز يؤثر سلباً على حقوق بعض الفئات.
الغموض في المفاهيم و إشكالية التعريف:
يواجه مشروع القانون الخاص بالحق في الإضراب تحديات كبرى من بينها الغموض في تعريف الإضراب. فقد حصر القانون الإضراب في الأجراء فقط، مما يتجاهل فئات أخرى مثل المستقلين أو المتدربين. وفقًا لمنظمة العمل الدولية، يجب أن يكون تعريف الإضراب واسعاً ليشمل جميع الفئات المهنية المتضررة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وليس فقط فئة الأجراء والمستخدمين بالإضافة إلى ذلك، التعريف الحالي للإضراب بأنه: "توقف عن العمل لأسباب اقتصادية أو اجتماعية مباشرة" يفتقر إلى الوضوح بشأن المقصود بـ "المصلحة الاجتماعية والاقتصادية".
فعدم التمييز بين الحقوق المشروعة والمصالح المادية المباشرة يفتح الباب لتفسيرات قد تؤدي إلى تقييد الحق في الإضراب، وهو ما يعتبر انتهاكاً لمبادئ حرية التنظيم والاحتجاج المعترف بها دولياً.
الإضرابات والسياسات العمومية... الأهداف والمحددات:
يحظر مشروع قانون الإضراب لأهداف غير واضحة أو غير محددة بدقة، وهو ما يزيد من تعقيد المسألة. إن منظمة العمل الدولية تعتبر أن الإضرابات الموجهة ضد السياسات العمومية حق مشروع، خاصة إذا كانت تؤثر بشكل مباشر على حياة الأجراء. ويعتبر منع الإضراب لهذا الغرض تقويضاً لحرية الإحتجاج ضد السياسات التي قد تؤثر سلباً على المصالح العمالية.
لهذا الغرض يجب أن يأخذ المشرع المغربي في الحسبان أن تقييد الأهداف المتاحة للإضراب قد يحد من فعاليته كأداة للدفاع عن الحقوق، ما قد يؤدي إلى إضعاف القدرة التفاوضية للأجراء والنقابات في مواجهة السياسات التي تضر بمصالحهم.
نحو مقاربة متوازنة وفق المعايير الدولية:
في ظل المعايير الدولية التي تدعو إليها منظمة العمل الدولية، يجب أن يعاد النظر في مشروع قانون الإضراب بالمغرب لضمان التوازن بين تنظيم هذا الحق وحمايته. ولتحقيق ذلك، يجب مراعاة النقاط التالية:
1. تقليل التركيز على الزجر: يجب أن يركز القانون على خلق إطار قانوني منظم يُسهل ممارسة الإضراب بطريقة مسؤولة، مع تقليل الاعتماد على العقوبات كأداة رئيسية.
2. إعادة التوازن بين القطاعات: لضمان العدالة، يجب أن يتساوى القطاع العام مع الخاص في الحماية والتنظيم القانوني لحق الإضراب.
3. توسيع نطاق تعريف الإضراب: يجب أن يشمل جميع الفئات المهنية والاجتماعية المتأثرة، بما يتماشى مع المعايير الدولية.
4. توضيح المفاهيم الغامضة: من الضروري تحديد "المصلحة الاجتماعية والاقتصادية" بشكل واضح لتجنب أي لبس في تفسير الأهداف المشروعة للإضراب.
ختاما، يظل الإضراب حقاً أساسياً وحجر زاوية في الديمقراطية الاجتماعية، ويجب أن يكون تنظيمه في المغرب متماشياً مع المعايير الدولية التي تضمن حرية التعبير والاحتجاج السلمي. إن المشروع الحالي بحاجة إلى مراجعة عميقة لضمان أن يكون الإطار القانوني متوازناً وعادلاً بين جميع الأطراف، حفاظاً على حقوق الأجراء وضماناً للعدالة الاجتماعية.