السبت 23 نوفمبر 2024
في الصميم

أريري: المداخل الستة لردم نكبة الفيضانات واسترجاع المغرب للجنوب الشرقي من الجنيرال ليوطي !

أريري: المداخل الستة لردم نكبة الفيضانات واسترجاع المغرب للجنوب الشرقي من الجنيرال ليوطي ! عبد الرحيم أريري
حين يتعلق الأمر بمصالح اللوبيات نجد فوزي لقجع، وزير الميزانية، يتصدر الفضاء العام ويحشد الأتباع ويعبئ الفيالق والكتائب الإلكترونية للتهليل برصد الاعتمادات والتسريع بصرفها لفائدة الباطرونا أو لفائدة العائلات الكبرى المتحكمة في أهم القطاعات الاقتصادية، لكن حين تضرب "الجايحة" بسطاء القوم وتجرف سيول الفيضانات البشر والزرع والشجر والقناطر والدور السكنية بمغرب ليوطي (المغرب غير النافع)، نجد الوزير فوزي لقجع ومن معه "يضربون الطم" ويختفون من الرادار.
 
المؤلم أن المغرب يتوفر على حساب خصوصي مرصود لمواجهة الفواجع، يسمى: "صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية"، وهو صندوق يتم تمويله من مخصصات الميزانية العامة للدولة كل عام من جهة، ومن مداخيل رسم شبه ضريبي يسدده كل مواطن عن عقد تأمين على سيارته أو شاحنته من جهة ثانية، فضلا عن القروض والمنح والمساعدات الدولية المقدمة لصندوق التضامن.
 
هذا الصندوق أنشئ أصلا لدعم المغاربة الذين لا يتوفرون على تأمين ضد المخاطر الطبيعية أو غير القادرين على تحمل أداء كلفة التأمين السنوي.
 
وحسبنا هنا الاستشهاد بما تم جمعه سنويا من مداخيل مالكي السيارات والشاحنات الناجمة عن رسم التأمين، والتي بلغت في الفترة الممتدة من 2020 إلى 2023 ما قيمته 90 مليون درهم، دون احتساب مخصصات الدولة والهبات الدولية (مثلا في السنة الماضية ضخت سويسرا لحساب هذا الصندوق حوالي 20 مليون درهم كهبة). مع العلم أن صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية الطبيعية أتاح تعبئة ما يقرب من 300 مليون دولار لتغطية الخسائر الناجمة عن زلزال الحوز، منها 275 مليون دولار جاءت من وثائق إعادة التأمين السيادية التي تم طرحها في عام 2020 وتم تجديدها في عام 2023( حسب وثيقة للبنك الدولي).
 
إن المطلوب من الحكومة - في شخص وزير الميزانية، فوزي لقجع - أن يخرج من قوقعته ويقدم للرأي العام الجواب على الأسئلة الستة الحارقة التالية:
 
أولا: هل سيتم إعلان الجنوب الشرقي منطقة منكوبة حتى يتسنى صرف المساعدات للمتضررين؟
 
ثانيا: متى سيتم صرف التعويضات للمتضررين من صندوق التضامن ضد الكوارث، هل سيم بعد شهر أوشهرين أم سيتم تبني عقيدة "سير تضيم" وهل سيعوض جميع المتضررين أم سيتم الاقتصار على تعويض القلاع الانتخابية لأحزاب التحالف الحكومي؟
 
ثالثا: ماهو الأفق الزمني لصرف التعويض من الحساب الخصوصي المذكور، حتى لا يبقى المنكوبون معلقون إلى أجل غير مسمى، " ماهم مزوجين ماهم مطلقين".
 
رابعا: كم من مبلغ سيتم صرفه لكل أسرة مكلومة ولكل أسرة منكوبة بالجنوب الشرقي، هل سيراعي حجم الضرر الحاصل، أم سيتم صرف بضع دريهمات لذر الرماد في العيون ؟
 
خامسا: ما مصير المعاهدات الدولية المبرمة بين المغرب مع اليابان وغيرها من الدول، وكذا مع البنك الدولي، بشأن تدبير المخاطر الطبيعية بالمغرب وما يرافقها من تفعيل آليات الإنذار المبكر وتوفير البنى التحتية الملائمة لتخفيف حدة الكوارث حسب خصوصيات كل حوض جغرافي؟
 
سادسا: مامصير الاتفاقيات المبرمة بين الجامعات المغربية والمجالس الجهوية لمساعدة المدن والجهات على ضبط طوبوغرافية المخاطر  وشبكتها حسب نوع الخطورة، وسبل التخفيف من وطأتها( زلزال، فيضان، مد بحري، حرائق الغابات والواحات، انجراف التربة، إلخ...)، وماهو سبب تعطيل العمل بهذه الاتفاقيات: هل السبب مرتبط بتكنوقراط سلطات الوصاية في وزارتي المالية والداخلية؟ أم مرتبط بتقاعس  الشعب العلمية وشعبة الجغرافية بالكليات والمعاهد العليا التابعة للجامعات المعنية بالاتفاقيات؟ أم مرتبط بلامبالاة منتخبي الجهات المعنية بالاتفاقيات؟
 
الآن والمغرب يحصي خسائره البشرية والمادية الناجمة عن الأمطار العاصفية الغزيرة التي مست الجنوب الشرقي في مطلع شتنبر 2024، سيكون من الأفيد استحضار المثل الشعبي القائل:" البكاء وراء الميت خسارة"، وبالمقابل علينا الحرص على المطالبة بجواب آني ومستعجل على الأسئلة الستة المذكورة أعلاه.
 
فالجواب على الأسئلة وتفعيل الالتزامات المسطرة سلفا، هو أحسن عزاء نقدمه لسكان المغرب الشرقي، الذي مازال خارج رادار الدولة، وخارج السياسات العمومية للحكومات المتعاقبة. 
ولتكن نكبة الفيضانات فرصة لنا لتحرير الجنوب الشرقي  من "الحكرة" التي تنهش ترابه وسكانه منذ عهد الجنيرال ليوطي !.