رغم أن مساحة مدينة Antibes جد صغيرة، لا تمثل سوى 0،004% من مجموع مساحة فرنسا.
ورغم أن مدينة Antibes ليست ذات ثقل ديمغرافي في الشبكة الحضرية بفرنسا، بحكم أن سكانها لا يشكلون سوى 0،1% من مجموع سكان البلد، إلا أنها المدينة التي تسكن قلب كل فرنسي وفرنسية.
ليس لأن الفنان العالمي "بابلو بيكاسو" Pablo Picasso اختارها مقرا لسكناه منذ عام 1945، لدرجة أن المدينة منحته لقب المواطن الفخري عام 1951 وحولت مرسمه ( قصر grimaldi)، عام 1965 إلى متحف يضم 245 من أجمل تحف بيكاسو.
وليس لأن معظم مشاهير السينما والغناء يفضلون Antibes لقضاء عطلهم السنوية بترابها من قبيل: Madona- Rihanna- Johnny Deep- Bruce willis- Neil Young، وآخرين.
بل سبب تعلق الفرنسيين بمدينة Antibes، يعود إلى كونها الباب الذي تلج منه فرنسا لانتزاع الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية في رياضتي السباحة والجمباز في كل البطولات الدولية، سواء في الألعاب الأولمبية أو في بطولة العالم.
فالمناخ المتوسطي المعتدل طوال العام، وتوفر بنيات رياضية خاصة بالسباحة بوفرة في كل أحياء المدينة، جعل سكان Antibes يصابون بداء اسمه: "عشق السباحة". وهذا الداء/العشق أثمر على مر السنين هوية خاصة بالمدينة، لدرجة أن المرء قد يصادف أفراد أسرة واحدة تضم الجد والأب والأم والأبناء يتسابقون في مسبح أو في الشاطئ لمعرفة من منهم حل الأول في السباق.
هذا الطقس تحول مع مرور السنوات إلى عقيدة لدى سكان المدينة مما جعل فرنسا تقرر اختيار Antibes ( تبعد عن مدينة Nice بحوالي22 كلم)، مشتلا لتكوين الأبطال العالميين في السباحة، بدليل أن مقر رياضة السباحة الوطنية الفرنسية Le Pole France Natation يوجد بهاته المدينة، التي يتدرب في مسبحها الأولمبي عشرات السباحين المحترفين.
هذا المجهود لم يذهب سدى، إذ أنجبت Antibes سباحين فرنسيين عالميين قادوا بلدهم إلى البوديوم الدولي في هاته الرياضة سواء في الأولمبياد على مر العقود، أو في بطولة أوربا، أو بطولات العالم.
اللائحة طويلة، لكن حسبي التوقف عند اثنان مشهوران وهما : Alain Bernard- Frank Esposito.
ليس هذا وحسب، بل زاد تعلق الفرنسيين بمدينة Antibes، لكونها المدينة التي منحت لفرنسا شهرة في رياضة الجمباز، وبالتالي الظفر بميداليات عالمية وأولمبية وأوربية منذ عام 1998 إلى اليوم.
ومن أبطال الجمباز الفرنسيين الذين أنجبتهم مدينة Antibes، أذكر بالخصوص: Benjamin Varonian و Sebastian Tayac و Florent Marée، وآخرين جعلوا النادي المحلي بهذه المدينة يتربع على عرش الجمباز الأوربي منذ عام 2001 إلى اليوم.
فطوبى لفرنسا بجوهرة Antibes، والأمل أن يقتبس صناع القرار بالمغرب هذا النموذج لاستلهام الطرق الفضلى لزرع عدوى الرياضات المائية( سباحة، زوارق، تجديف، وغيرها) في صفوف سكان مدن الشمال المغربي المطلة على البحر المتوسط.
فمن العار أن تنجب مدن الضفة الشمالية من المتوسط أبطالا، بينما تنجب الضفة الجنوبية لنفس البحر "الحراكة" بالناضور والمضيق والفنيدق !