في كل مرة تقوم فيها السلطة العمومية بإعادة تأهيل الملاعب الرياضة الكبرى، إلا وتهدر الفرص في إنجاز عمليات تهيئة تتلائم مع المواصفات العالمية ومع الإكراهات الأمنية.
آخر مثال، هو المجازر التي ترتكبها شركة "سونارجيس" حاليا بالدارالبيضاء على هامش إعادة تأهيل ملاعب: "محمد الخامس، العربي الزاولي، تيسيما والأب جيكو"، بمبلغ فاق 250 مليون درهم.
شركة "سونارجيس" الوصية على صفقة إعادة التأهيل، لم تستحضر أن ملاعب كرة القدم هي قطب جذب للجماهير الغفيرة، مع ما يترتب عن ذلك من انسداد المحاور الطرقية واختناق الشوارع وازدحام المرور بسبب غياب مواقف السيارات.
صحيح، أن هناك جزءا من الجمهور يأتي راجلا.
صحيح، أن جزءا من الجماهير يستعمل التريبورتو أو سيارات الخطافة من نوع "صطافيت" في التنقل لمشاهدة المقابلات.
صحيح، أن بعض الجمهور يتنقل بالحافلة أو الترامواي إلى الملعب.
صحيح، أن جزءا من الجماهير يستعمل التريبورتو أو سيارات الخطافة من نوع "صطافيت" في التنقل لمشاهدة المقابلات.
صحيح، أن بعض الجمهور يتنقل بالحافلة أو الترامواي إلى الملعب.
لكن الصحيح أيضا أن جزءا مهما من الجمهور يأتي للملاعب بالسيارات الشخصية، والمفروض في الدولة ومهندسي الدولة ومخططي الدولة ومدبري مرافق الدولة ومدراء مؤسسات وشركات الدولة، أن يستحضروا هذا المعطى المهم في التخطيط والبرمجة وإعادة تأهيل الملاعب، إسوة بما هو معمول به في مختلف دول المعمور.
لنأخذ مثال ملعب العربي الزاولي الموجود بتراب مقاطعة عين السبع( البيضاء)، فهذا الأخير انتقلت طاقته الاستيعابية من 16 ألف إلى 25 ألف متفرج، ولم يتم توفير سوى مكان حقير لموقف سيارات لا يتسع إلا لـ 250 سيارة فقط، علما أن جزءا مهما من هذا الموقف سيخصص لسيارات القوة العمومية وحافلات الفرق المتبارية وسيارات الإسعاف وكذا آليات التلفزة وغيرها، مما سيقزم من طاقة الباركينغ إلى النصف أو الثلث.
أيعقل أن نعيد تأهيل ملعب العربي الزاولي ونرفع طاقته الاستيعابية بنسبة 56%، دون أن يتم بناء باركينغ تحت أرضي بطابقين أو على الأقل بطابق واحد؟
أين سيركن المتفرجون سياراتهم، خاصة وأن ملعب العربي الزاولي يوجد في مثلث طرقي يعرف "بمثلث الموت"، وهو مثلث شوارع: ابن الونان، الحزام الكبير وعلي يعتة، وهي كلها شوارع مختنقة ومكتظة بالسير طوال الأسبوع، لكونها تخترق تغطي مجالات ترابية تعج بالوحدات الصناعية والمجمعات العمرانية ذات الكثافة السكانية الرهيبة؟!
مواصفات بناء الملاعب الكبرى تنص على وجوب إنجاز موقفين متباعدين، واحد لجمهور الفريق المستقبل والثاني للجمهور الزائر، مع الحرص على أن يكون الموقفان معا يسعان لعشرة في المائة من سعة المدرجات، أي أنه بالنسبة للطاقة الاستيعابية لمركب العربي الزاولي، فإن الحاجة الملحة هي "باركينغ" يسع على الأقل لحوالي 2500 سيارة، وليس ل 250 سيارة فحسب، نصفها أو ثلثاها سيخصص لسيارات القوة العمومية وحافلات الفرق كما أوضحنا.
فكيف تجاهل مهندسو الدولة ومخططو الدولة ومدبرو الدولة، هذه البديهيات؟
وتبلغ المرارة ذروتها، إذا استحضرنا أن ملعب العربي الزاولي خضع لثلاث عمليات إعادة التأهيل خلال 25 سنة، دون أن يتم تدارك هذه الفضيحة.
إذا كان هذا حال ملعب العربي الزاولي، الذي سيستقبل فقط مقابلات الأندية الوطنية وتداريبها ولن يستقبل المبارايات الدولية والقارية، فما بالنا بالمركب الدولي محمد الخامس، الذي سيكون مرآة المغرب على قنوات العالم وهو يستقبل مقابلات كأس إفريقيا وغيرها من الرهانات الرياضية الكبرى، دون أن يتوفر على باركيغ تحت أرضي بطابقين أو ثلاثة، بمواصفات دولية لامتصاص الضغط، خاصة وأن ملعب محمد الخامس يوجد أصلا في قلب الدارالبيضاء في منطقة مشبعة بالاختناق والاكتظاظ وندرة مواقف السيارات؟
من يملك الجواب، أعده شخصيا بأن أرشح يوسف القاسمي، مدير شركة "سونارجيس"، لنيل جائزة نوبل !!