رفعنا نحن المغاربة، ملكًا وشعبًا، شعارًا جميلاً قبل أكثر من عشرين سنة. أكد ملك البلاد أن الإدارة يجب أن تكون قريبة من المواطنين. الأمر هنا يتعلق بمفهوم جديد للسلطة وبجعل المواطن في قلب كل المؤسسات. استبشر المغاربة خيرًا بهذا الشعار العظيم وقرروا الانخراط في ورش كبير يهدف إلى كسر كل الحواجز التي تعيق ولوج المواطن إلى كل الإدارات وكل ما لديها من سلطات لتحسين خدماتها. ويجب على كل مواطن أن ينطق بصدق عن كل ما وصل إليه من خدمات تحسنت منذ سنين.
الأمر بسيط جدًا ويستوجب وضع بعض النقاط على الحروف. أبدأ بمغاربة العالم الذين يؤمنون بقدرات بلادهم على خدمتهم بسرعة تتلاءم مع سرعة إدارات دولة الإقامة. أود أن أقول بكل صدق وبكثير من الاحترام أن وزارة العدل، أو السلطة القضائية، تعمل على تيسير الوصول إلى بعض الخدمات. ولكن جودة هذه الخدمات تحتاج إلى الكثير من المتابعة. نجد في طلب السجل العدلي مثالًا يبعث على المزيد من تجويد إيصال هذه الخدمة. تعرض الكثير من أهالي المغتربين إلى اللجوء إلى مصالح المحاكم لإعادة كتابة طلب للحصول على سجل عدلي مكتوب بالفرنسية أو بالإنجليزية. الأمر يتعلق كذلك بكل المسارات التي تتطلب التصديق على شهادة دراسية.
كم هو عسير أن تضطر إلى تسجيل ابنك، الحاصل على شهادة البكالوريا من البعثة الأجنبية، بمؤسسة مغربية عمومية أو خاصة. الأمر لا يتعلق بالمال المطلوب، بل بمسار عسير يتطلب مجهودات كبيرة من الآباء لعبور طرق وعرة وصعبة بين سفارة أوروبية، ولجوء إلى مصلحة معادلة الشهادات التابعة لوزارة التربية الوطنية، وتوجه إلى مصلحة تابعة لوزارة الخارجية، يسيطر عليها حراس أمن.. لكي تحصل على تأشيرة لا معنى لها. وبعد أن تكون قد ظننت أن الأمر قد انتهى، يتم إخبارك بضرورة الإسراع في الحصول على وثيقة مكونات التكوين وبرامجه والتي تعد ضرورية للحصول على المعادلة بين البكالوريا المغربية بأصنافها وأصناف البكالوريا المغربية القحة.
وأراجع الأمر لتبيان أن الأمر يتعلق بتسجيل حامل لبكالوريا فرنسية في مؤسسة تابعة للبعثة الفرنسية. وهذا التسجيل يهم طالبًا يريد متابعة تكوينه الجامعي بالمغرب لأنه يريد متابعة دراسته ببلاده. لا بد من الإشارة إلى أن الدولة المغربية تعمل على ضخ كل الكفاءات في وطننا. ويجب كذلك أن نؤكد على أن المراسيم والقرارات والتوجيهات الإدارية تساهم في تسهيل سفر الأطباء والمهندسين إلى خارج الوطن. يجب القول أن المواطن المغربي المزداد في مراكش، أو في كثير من مدن المغرب البعيدة عن الرباط، يجب عليه أن يسافر من أجل الحصول على نسخة كاملة من عقد الازدياد. نعم، يا وزير الداخلية ويا وزير الخارجية، ويا كل الوزراء، المغاربة يحتاجون إلى شيء يسير من اجتهادكم. مؤسساتنا يجب أن تكون في خدمة من يدفع ضرائبًا، وفي خدمة من يضخون أكثر من 100 مليار درهم لضمان توازن ميزاننا التجاري، وفي ضمان توازن الحساب الجاري لميزان المدفوعات، وفي توازن حساب الرأسمال الذي يؤكد التصاق المغاربة بوطنهم عبر تحويلاتهم الإستراتيجية اقتصاديًا. على صاحب القرار قراءة الأرقام بكثير من الوعي.