تجربة المغرب في إعمار الأقاليم الجنوبية، بقدر ما تغري وتمنح المرء الاعتزاز والفخر بكسب الرهان، بقدر ماتستوجب التمييز بين الحقب التي عرفها إعمار الصحراء، بحكم أن كل حقبة لها خصوصيتها.
في تقديري يمكن تقسيم مراحل إعمار الصحراء إلى خمس مراحل وهي:
المرحلة الأولى:
تمتد من 1975 إلى 1991
وهي أصعب مرحلة، إذ بمجرد ما استعاد المغرب صحرائه حتى أعلنت الجزائر والبوليساريو الحرب على المغرب، مما استوجب من المغرب العمل على جبهتين: الجبهة العسكرية لصد هجمات العدو، والجبهة المدنية المتمثلة في البناء والإعمار.
ومن أهم ما ميز هذه المرحلة هو إكمال القوات المسلحة الملكية للجدار الأمني 2400) كلم) في ماي 1985 مما مكن من إعطاء دفعة قوية في مسلسل الإعمار بعد تأمين الصحراء بفضل هذا الجدار الأمني.
المرحلة الثانية:
تمتد من 1991 إلى 2000
وهي مرحلة غلب فيها تبني سياسات عمومية لتمكين مدن الصحراء من المقومات الدنيا ومعادلتها مع مدن الشمال Mise à niveau.
كما تميزت بانخراط قوي للنخب والساكنة المحلية في الانتخابات التي صاحبها أول وأكبر تقطيع ترابي بالمغرب (اقتراع (1992، مما أفرز جماعات ومجالس محلية عديدة بالأقاليم الجنوبية تولى منتخبوها تدبير الشأن المحلي.
المرحلة الثالثة:
تمتد من 2000 إلى 2015
وهي مرحلة العهد الجديد الذي ضخ جرعة قوية في المونطاج المالي والمؤسساتي في البنيات المكلفة بالإعمار بالصحراء، عبر خلق وكالة لتنمية أقاليم الجنوب وتمكينها من غلاف مالي مهم ناهز سبعة ملايير درهم تم ضخه بأقاليم الصحراء، بالموازاة مع الأغلفة الأخرى المرصودة من طرف الوزارات والمكاتب العمومية والجماعات المحلية. كما تميزت هذه الفترة ببروزإرهاصات النموذج التنموي الجديد المتمثل في تكليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي بصياغة مسودة حول نموذج تنموي آخر للأقاليم الجنوبية.
المرحلة الرابعة:
تمتد من 2015 إلى 2023
وهي المرحلة التي زادت فيها سرعة الإعمار عبر تبني جيل جديد من المشاريع المهيكلة للتراب الصحراوي ككل ووضع الأقاليم الجنوبية في صدارة ارتباط المغرب بعمقه الإفريقي ويتجلى ذلك في اعتماد النموذج التنموي الجديد عام 2015 وما رافقه من توقيع اتفاقيات أمام الملك محمد السادس تهم ضخ 88 ملياردرهم في الصحراء لتمويل المشاريع الكبرى (ميناء الداخلة الأطلسي، الطريق السريع تيزنيت الداخلة، المركب الصناعي فم الواد، مشاربع الطاقات المتجددة، ورش تحلية مياه البحر، سقي 5000 هكتار،إلخ.(...
المرحلة الخامسة:
تبدأ من 6 نونبر 2023....
وهي المرحلة التي أسس لها المغرب، في شخص الملك محمد السادس، الذي خصص خطاب عيد المسيرة 6 نونبر 2023 كله لرسم كناش تحملات جديد في الإعمار والتنمية في الصحراء، عبر تحديد وظيفة أخرى للأقاليم الجنوبية، تتمثل في إدخال المغرب في رادار جيواستراتيجي يهم المحور الإفريقي الأمريكي، وتحويل أقاليم الصحراء إلى جسر يربط بين الواجهه الأطلسية لإفريقيا والقارة الأمريكية.
فاللهم كثر حسادنا!