المجموعة الشعبية الرائدة مسناوة توثق لنداء ركوب وفرجة الخيل
"يَاااا أَنَا/ يَاااا أَنَا
وَانْتَ تْفَرَّجْ فِي الْخَيْلْ
جِيبُوا الْبَرْﻛِي وَسْنَاحُو/ وَجَّدْ لَدْهَمْ وَسْنَاحُو
وَجَّدْ الْعَوْدْ أُو سَرَّجْ/ ﻛادْ سَلَاحَكْ أُو تْفَرَّجْ
وَأنْتَ تْفَرَّجْ/ زِيدْ تْفَرَّجْ/ دْخُلْ تْفَرَّجْ
تْعَالَى تْفَرَّجْ فِي الْخَيْلْ
وَاهْ نُوضَوأ سَلْحُوأ يَا لَخُّوتْ
وَاهْ وَقْتْ الْحَرْكَةْ غَادِي يْفُوتْ
عَوْدِي زِينْ التّْحَنْحِينَةْ/ وَالْوَقْفَةْ جَنْبْ الَخَيْمَةْ
وَالْعَلَّامْ زِينْ التَّحْزِيمَةْ/ وَالنَّخْوَةْ وَالتَّبْسِيمَةْ
وَانْتَ تْفَرَّجْ/ زِيدْ تْفَرَّجْ/ دْخُلْ تْفَرَّجْ
تْعَالَى تْفَرَّجْ فِي الْخَيْلْ"
أسئلة مقلقة تطفوا على سطح حقل تراثتنا اللامادي المرتبط بسنابك الخيل والبارود
أطرح في هذا السياق مجموعة من الأسئلة استهل بها هذه المقالة، بعد أن تم إدراج فن ورياضة التّْبَوْرِيدَةْ ضمن قوائم التراث اللامادي باليونيسكو، في علاقة بكنوز ذاكرة ثقافة الخيل والبارود، ومجال الصناعة التقليدية ذات الصلة.
1 ـ هل نحن نُقَدِّرُ فعلا هذا التشريف الكوني، وهل نستطيع حمايته من العبث والعابثين، المتسللين لحقل الخيل والبارود للحصول على الضوء الأخضر لممارسة نزواتهم الشخصية المفضوحة؟
2 ـ كيف يمكن أن نحقق إشباع رغبة "البَّارْدِيَّةْ مْوَالِينْ الْخَيْلْ" وعلامة السربات في ممارسة عشقهم لفن التّْبَوْرِيدَةْ دون تمييز أو احتقار، ونضمن لهم كرامتهم وإنسايتهم في سياق آلية تكافؤ الفرص وسط مجالهم الجغرافي "القبيلة والدوار..."، على اعتبار أنهم يستعدون طيلة السنة لاستقبال موسم سنابك الخيل والبارود بشوق كبير؟
3 ـ وهل يحق لمنظمي مهرجانات التبوريدة هنا وهناك، إقصاء علامة الخيل وفرسانهم وخيولهم من نكهة تقديم عروضهم الفرجوية أمام الجمهور، دون وضع دفتر تحملات، وشروط موضوعية قابلة للتحقيق في مجال "التّْبَوْرِيدَةْ" بعيدا عن الذاتية والنرجسية التي يتعامل بها بعض من قطر بهم السّقف في هذا المجال الحيوي والحسّاس في زمن الترافع عن مقدرات تراثنا اللامادي والتفاعل مع مطالبه الآنية والمستقبلية؟
4 ـ لماذا تُغَيِّبْ إدارات مهرجانات التبوريدة آلية ربط المسؤولية بالمحاسبة، والحكامة في تدبير واستمثار المال العام الممنوح لها، وتقديم أوراقها المحاسبتية لكل مكونات حقل التّْبَوْرِيدَةْ وشركائها المفترضين، سواء كانوا علامة وفرسان، أو مسؤولين بالجماعات الترابية والمؤسسات ذات الصلة التي تخصص منحا مالية من أجل استمرارية العرض الثقافي والفني والتراثي وترسخ قيم الإنتماء للوطن؟
5 ـ هل من اللائق والمعقول أن نفرض على علام الخيل مبلغا ماليا مهما، من أجل أن يشارك في عروض التبوريدة ببعض المهرجانات هنا وهناك، في الوقت الذي يجب فيه منح الدعم لسربات الخيل المساهمة في تنشيط محارك التبوريدة وفق ما أسس له الرواد (دعم نقل الخيول ودعم العلف ودعم المواد الاستهلاكية...(، وضمان صناعة الفرحة والفرجة للجمهور العاشق لسنابك الخيل والبارود ولتراث وطنه وحضارته الضاربة بجذورها في عمق التربة المغربية؟
6 ـ ألا يَضُرُّ سلبيا ويؤثر معنويا ونفسيا وماديا، التعاطي مع فن التبوريدة، كجسر ومعبر لتحقيق نزوات شخصية، وتطلعات انتهازية ووصولية، تروم تنفيذ أجندات سياسوية مثل ما يقع في بعض أنديتنا الرياضية للأسف؟ في الوقت الذي تشتغل فيه الجامعة الملكية المغربية للفروسية وشركائها بـ "دار السلام ومعرض الفرس"، بهدف تتثمين وتحصين ثقافة الخيليات بتعدد روافدها على جميع المستويات؟
شعب عاشق ومتعلق بتراث فن التبوريدة حد الهيام
فمن خلال الكم الهائل من مهرجانات عروض التبوريدة المنظمة بربوع البلاد بجانب شواطئ البحر أو في ضواحي المدن، يتضح أن المغاربة قاطبة يعشقون فن ورياضة الفروسية التقليدية، وألعابها الشعبية المتعددة، ويحجون إليها كمتنفس اقتصادي واجتماعي وديني، خصوصا في البوادي والمدن الداخلية، ولا يمكن أن تمر العطلة الصيفية دون استمتاع الجمهور الوافد على فضاءات "التّْبَوْرِيدَةْ" بسنابك الخيل وبارود الفرسان.
شهادة للتاريخ لا ينكرها إلا جاحد
لقد كانت انطلاقة بعض مهرجانات التبوريدة منذ تأسيسها من طرف رجالات ميدانيين بالعديد من المناطق دون ذكر أسمائها، جد موفقة وناجحة، حيث حققت كل أهدافها الثقافية والفنية والتراثية والاجتماعية منذ أكثر من 24 سنة. بل أنها تركت الأثر الطيب في النفوس، بعد أن حفلت أوراق ولادتها ونشأتها واستمرارتيتها بالفعل والتراكمات والمعطيات الإيجابية.
بدون منازع أضحت مهرجانات فن ورياضة التبوريدة التي تم تأسيسها منذ سنوات خلت، مرجعا لمن يريد أن ينخرط في مسار التحديث التنظيمي، والبنية الاستقبالية ومرافقها الصحية، وطريقة تهييء محرك التّْبَوْرِيدَةْ بمقاييس مضبوطة تضمن السّلامة والأمن والفرجة وكرامة الجمهور. وتعدى ذلك إلى إلزامية توفير اللوجيستيك، والتنشيط الإذاعي المتميز، وضبط أرقام مرور سربات الخيل وتقديم المعلومة للمتلقي بشكل مضبوط وصحيح.
سؤال جوهري حارق
لكن السؤال الذي ينتصب هنا والآن، هو لماذا تتعامل الجهات المنظمة اليوم، سواء كانت جماعات محلية أو جمعيات ثقافية وفنية وتراثية، أو مؤسسات وإدارات خاصة أحدثت لهذا الغرض، تتعامل بطريقة تبخس للناس أشيائهم وأثرهم الطيب في الزمان والمكان، ولا تعطي المكانة اللائقة لفرسان الخيل والبارود؟
ذاكرة التأسيس التي يريد البعض طمس معالمها ومحوها من الذاكرة
لا جدال في أن هناك مهرجانات وطنية ومحلية، عديدة ذات الصلة بالتراث اللامادي المرتبط بـ "الخيل والبارود" أسسها هنا وهناك رجالات صادقون يؤمنون أشد الإيمان بأهمية الترافع على القيمة المضافة للتراث الثقافي، وكل أنواع تعابير الموروث الشعبي المتعدد الروافد والخصوصيات، حيث كان التخطيط بذكاء لكل كبيرة وصغيرة لضمان نجاحها بعد سبر أغوارها، والبحث في أدق تفاصيلها، واستطاعت الأيادي البيضاء أن تسلط الضوء على معانيها ورموزها ودلالاتها التاريخية والاجتماعية والثقافية والتراثية والفنية، من أجل تحصينها وتثمينها وتوثيقها وإدراجها كمكون ضمن لوائح التراث الكوني الإنساني.
طفيليات ضارة بحقل سنابك الخيل والبارود
للأسف الشديد ظهرت في الآونة الأخيرة، طفيليات مسمومة في حقل ثقافة الخيل والبارود ـ خصوصا بعد أن وصل مشروع المدافعين على كل مكونات التبوريدة المغربية الأصيلة، إلى من يهمهم الأمر داخل الوطن وخارجه ـ همها الوحيد هذه الطفيليات عرقلة نمو أزهار وأغصان شجرة هذا التراث اللامادي الوارفة الظلال، والطيبة المنتوج الحضاري، والسطو على منجزات حاملي هَمِّ عَلَّامَة وفرسان خيل التّْبَوْرِيدَةْ، من أجل استثماره برغبة وحلم "الزعيم" الذي لا يشق له غبار، والذي يقرر لوحده دون أخذ رأي الآخرين، طبقا للقول المأثور: "أنا ومن بعدي الطوفان".
لا يمكن يا سادة يا كرام، في هذا المنعطف التاريخي الذي أثبت أن للمغرب رجالاته الصادقين المؤمنين بقوة الضمير الوطني، أن نسكت على العديد من الأخطاء القاتلة التي تقترف أمام أعين الجهات المعنية، وتلغي معنى الإنتماء للوطن ولحقل سنابك الخيل والبارود، ونمنح "شيكا على بياض" إلى كل وصولي وانتهازي لتحقيق نزواته الشخصية عبر ممر فرسان التبوريدة وخيولهم الشريفة، ويقوم بمجزرة في حق مهرجانات الخيل والفرسان بمجرد أنه يتمتع بصفة "منظم" أو "مدير مهرجان" أو "رئيس جماعة" أو "برلماني" أو "زعيم" أو "فْرَاقْشِي".
من فضلكم، لا تلوثوا صفاء ينابيع كنوز تراثنا وثقافتنا الشعبية التي لا تفهموا نهائيا في معانيها ودلالاتها ورموزها التاريخية، واتركوا لِعَلَّامْ الْخَيْلْ وفرسان التّْبَوْرِيدَةْ حقلهم التراثي اللامادي الذي ينفقون عليه الأموال الطائلة من أجل استمراريته، وتوريثه للأجيال اللاحقة والإفتخار به أمام الأمم.
رجاء، لا تلوثوا صفاء مشرب خيول التّْبَوْرِيدَةْ، فإنها تكره الإرتواء من مستنقعات المياه العكرة والعفنة، ولا تضعوا الفخاخ في طريق عَلَّامْ الْخَيْلْ وفرسانه الشجعان المدثرين بأرقى الأزياء التقليدية ومستلزمات سنابك الخيل والبارود.
استحلفكم بالله، أن لا تعكروا صفو الأجداد، وشيوخ التبوريدة، وفرسان قبائلنا المجاهدة التي استرخصت الغالي والنفيس في سبيل أن نفتخر نحن اليوم بهذا الزخم القوي لفن التبوريدة عبر ربوع مملكتنا الشريفة، وما قدمته جداتنا وأمهاتنا من منتوج صناعي تقليدي أعطى القيمة التاريخية لفرساننا الأشاوس.