الأربعاء 27 نوفمبر 2024
سياسة

بعد‭ ‬هزيمتها‭ ‬السياسية‭ ‬والديبلوماسية.. الجزائر تبيع تندوف لإيران وحزب الله للانتقام من المغرب

بعد‭ ‬هزيمتها‭ ‬السياسية‭ ‬والديبلوماسية.. الجزائر تبيع تندوف لإيران وحزب الله للانتقام من المغرب شنقريحة يتوسط علي خامنئي المرشد الأعلى لإيران (يسارا) وحسن نصرالله الأمين العام لحزب الله اللبناني
أعادت‭ ‬واقعة‭ ‬زيارة‭ ‬اللبناني‭ ‬"قاسم‭ ‬حدرج"،‭ ‬المُقرَّب‭ ‬من‭ ‬«حزب‭ ‬لله»،‭ ‬لمخيمات‭ ‬تندوف،‭ ‬حقيقة‭ ‬استعانة‭ ‬دولة‭ ‬«الكابرانات»‭ ‬و«دمى‭ ‬البوليساريو»‭ ‬بالوصفات‭ ‬الشيعية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬لي‭ ‬ذراع‭ ‬المغرب،‭ ‬إذ‭ ‬استقبل‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬قادة‭ ‬الانفصاليين‭ ‬استقبال‭ ‬غلاة‭ ‬الأنصار‭  ‬لأحد‭ ‬الأئمة‭ ‬الاثني‭ ‬عشر‭. ‬وما‭ ‬زاد‭ ‬الطين‭ ‬بلة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬«قاسم‭ ‬حدرج»،‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬«غربان‭ ‬حروب‭ ‬حزب‭ ‬لله»،‭ ‬قال:‭ ‬«أتشرف‭ ‬أن‭ ‬تقبلوني‭ ‬كمقاوم‭ ‬صحراوي‭ ‬إلى‭ ‬جانبكم،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬يدكم‭ ‬قاصرة‭ ‬فيدي‭ ‬موجودة‭ ‬استخدموها،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬صوتكم‭ ‬قاصر‭ ‬فصوتي‭ ‬سيصدح‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬لبنان‭ ‬دعما‭ ‬لهذه‭ ‬القضية،‭ ‬وأُعيّن‭ ‬نفسي‭ ‬سفيرا‭ ‬لهذه‭ ‬القضية‭ ‬أمثلكم‭  ‬في‭ ‬كل‭ ‬المحافل»‭.‬

وفي‭ ‬يونيو‭ ‬2024،‭ ‬احتضنت‭ ‬مدينة‭ ‬بيروت‭ ‬اللبنانية‭ ‬ندوة‭ ‬نظمتها‭ ‬جمعية‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬«حزب‭ ‬لله»‭ ‬تدعى‭ ‬«ممثلية‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬المشرق‭ ‬العربي»،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬حزب‭ ‬قومي‭ ‬يدعى‭ ‬«الحزب‭ ‬السوري‭ ‬القومي‭ ‬الاجتماعي»،‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬مأجورون‭ ‬داعمون‭ ‬للانفصال‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬بقوة‭ ‬المال‭ ‬الجزائري‭ ‬الذي‭ ‬يحاول‭ ‬تفجير‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء،‭ ‬وافتكاكه‭ ‬من‭ ‬وحدة‭ ‬الموقف‭ ‬والقرار،‭ ‬والتأثير‭ ‬على‭ ‬الهيئات‭ ‬السياسية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المدنية‭ ‬المعارضة‭ ‬للأنظمة‭ ‬العربية‭.‬

الواقعتان‭ ‬تثبتان‭ ‬معا‭ ‬الارتباط‭ ‬الوثيق‭ ‬لجبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬بميلشيات‭ ‬حزب‭ ‬لله‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬«يبتكر»‭ ‬حربا‭ ‬بالوكالة،‭ ‬على‭ ‬واجهات‭ ‬مختلفة،‭ ‬عسكريا‭ ‬وسياسيا‭ ‬وإعلاميا،‭ ‬ضد‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬الصحراء،‭ ‬كما‭ ‬تثبتان‭ ‬أن‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬المغربية‭ ‬متيقظة‭ ‬لما‭ ‬تنسجه‭ ‬الأجهزة‭ ‬العسكرية‭ ‬الجزائرية‭ ‬من‭ ‬مؤامرات‭ ‬انفصالية‭ ‬دنيئة،‭ ‬وتكشفان‭ ‬أن‭ ‬الرباط‭ ‬لم‭ ‬«تخترع»‭ ‬اتهام‭ ‬جنود‭ ‬حسن‭ ‬نصر‭ ‬لله‭ ‬بتقديم‭ ‬دعم‭ ‬عسكري‭ ‬ولوجستيكي‭ ‬لـجبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬بتنسيق‭ ‬إيراني‭ ‬و«إسناد»‭ ‬جزائري‭ ‬فاضح‭ ‬وآثم،‭ ‬وأنها‭ ‬تستند‭ ‬في‭ ‬فضحها‭ ‬للمؤامرة‭ ‬على‭ ‬حقائق‭ ‬دامغة‭ ‬لا‭ ‬يرقى‭ ‬الشك‭ ‬إليها‭.‬

ويعكس‭ ‬اهتمام‭ ‬حزب‭ ‬لله‭ ‬«المدعوم‭ ‬من‭ ‬إيران»‭ ‬بجبهة‭ ‬البوليساريو،‭ ‬تطورا‭ ‬خطيرا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يخلط‭ ‬الأوراق‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬برمتها،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬حزب‭ ‬لله‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬ورقة‭ ‬إيرانية‭ ‬للتغلغل‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬السمراء‭ ‬عبر‭ ‬بوابة‭ ‬«جماعة‭ ‬إرهابية»‭ ‬مدعومة‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬الكابرانات‭. ‬وليس‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬انكشاف‭ ‬أجندة‭ ‬طهران‭ ‬بأبعادها‭ ‬السياسية‭ ‬والطائفية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬وإصرارها‭ ‬على‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬رقم‭ ‬في‭ ‬معادلة‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬والجزائر،‭ ‬خاصة‭ ‬أنها‭ ‬تعول‭ ‬على‭ ‬حليفها‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬«حزب‭ ‬لله»‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تدريب‭ ‬ميليشيات‭ ‬مسلحة‭ ‬لترسيخ‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬مثلما‭ ‬فعلت‭ ‬جماعة‭ ‬فاغنر‭ ‬الروسية‭ ‬التي‭ ‬كرست‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬وفي‭ ‬دول‭ ‬الساحل‭ ‬وغرب‭ ‬إفريقيا‭. ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬تقارير‭ ‬إعلامية‭ ‬استقبال‭ ‬قادة‭ ‬البوليساريو،‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬لميليشيات‭ ‬تابعة‭ ‬لحزب‭ ‬لله‭ ‬والحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الايراني،‭ ‬حيث‭ ‬حلت‭ ‬بالمخيمات‭ ‬لتعزيز‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬واللوجستيكي‭ ‬والسياسي‭ ‬للانفصاليين‭. ‬إذ‭ ‬كشفت‭ ‬التقارير‭ ‬نفسها‭ ‬أن‭ ‬البوليساريو‭ ‬تلقت‭ ‬معدات‭ ‬عسكرية‭ ‬موجهة‭ ‬لإطلاق‭ ‬حرب‭ ‬لا‭ ‬هوادة‭ ‬فيها‭ ‬ضد‭ ‬أهداف‭ ‬مغربية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المسيرات‭ ‬الحربية‭ ‬والصواريخ‭ ‬المضادة‭ ‬للطائرات‭ ‬والقذائف‭ ‬المضادة‭ ‬للدبابات‭ ‬ووسائل‭ ‬اتصالات‭ ‬عسكرية‭ ‬متطورة‭.‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬الأدلة‭ ‬المغربية‭ ‬على‭ ‬تورط‭ ‬حزب‭ ‬لله‭ ‬وإيران‭ ‬لا‭ ‬تعوزها‭ ‬الوثوقية،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬ناصر‭ ‬بوريطة‭ ‬قد‭ ‬أعلن،‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬6‭ ‬سنوات‭ ‬(ماي‭ ‬2018)  أن‭ ‬المغرب‭ ‬قطع‭ ‬علاقاته‭ ‬مع‭  ‬طهران‭ ‬بعد‭  ‬تأكده‭ ‬بالحجة‭ ‬والبرهان‭ ‬من‭ ‬ثبوت‭ ‬تورط‭ ‬سفارة‭ ‬إيران‭ ‬بالجزائر‭ ‬في‭ ‬استعمال‭ ‬حزب‭ ‬لله‭ ‬لدعم‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬ماليا‭ ‬ولوجستيكيا‭ ‬وعسكريا‭.‬
 
ضباط‭ ‬وأسلحة‭ ‬إيرانية
واتهم‭ ‬المغرب‭ ‬حزب‭ ‬لله‭ ‬بتدريب‭ ‬مقاتلي‭ ‬البوليساريو‭ ‬على‭ ‬حرب‭ ‬العصابات‭ ‬وإرسال‭ ‬أسلحة‭ ‬إلى‭ ‬الجبهة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬تلك‭ ‬المضادة‭ ‬للطائرات‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬"سام‭ ‬9"‭ ‬و"ستريلا"،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2017،‭ ‬بعد‭ ‬اعتقال‭ ‬الرباط‭ ‬لقاسم‭ ‬محمد‭ ‬تاج‭ ‬الدين،‭ ‬الواجهة‭ ‬المالية‭ ‬لحزب‭ ‬لله،‭ ‬ومدير‭ ‬شركات‭ ‬كثيرة‭ ‬تابعة‭ ‬للحزب‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وتسليمه‭ ‬لواشنطن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صدرت‭  ‬بحقه‭ ‬مذكرة‭ ‬اعتقال‭ ‬دولية،‭ ‬لورود‭ ‬اسمه‭ ‬ضمن‭ ‬لائحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الخاصة‭ ‬بوزارة‭ ‬العدل‭ ‬الأمريكية‭. ‬(انظر‭ ‬كرونولوجيا‭ ‬في‭ ‬ص: 06)‭.‬

وأضاف‭ ‬بوريطة‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬أجراها‭ ‬مع‭ ‬أسبوعية‭ ‬«جون‭ ‬أفريك»،‭ ‬عقب‭ ‬إعلان‭ ‬قطع‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الاجتماعات‭ ‬بين‭ ‬البوليساريو‭ ‬و«حزب‭ ‬لله»‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬«مكان‭ ‬سري»‭ ‬بالجزائر‭ ‬العاصمة،‭ ‬تعرفه‭ ‬أجهزة‭ ‬الأمن‭ ‬الجزائرية‭. ‬واتهم‭ ‬السفارة‭ ‬الإيرانية‭ ‬بالجزائر‭ ‬العاصمة‭ ‬بكونها‭ ‬كانت‭ ‬حلقة‭ ‬الوصل‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬حزب‭ ‬لله‭ ‬والجزائر‭ ‬والبوليساريو‭ ‬عبر‭ ‬مستشارها‭ ‬الثقافي‭ ‬أمير‭ ‬الموسوي‭.‬

وأكد‭ ‬بوريطة‭ ‬أن‭ ‬قادة‭ ‬ميدانيين‭ ‬في‭ ‬حزب‭ ‬لله‭ ‬أبرزهم‭ ‬حيدر‭ ‬صبحي‭ ‬حديد،‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬العمليات‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الحزب؛‭ ‬وعلي‭ ‬موسى‭ ‬دقدوق،‭ ‬المستشار‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬التنظيم‭ ‬نفسه؛‭ ‬والحاج‭ ‬أبو‭ ‬وائل‭ ‬زلزالي،‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬التكوين‭ ‬العسكري‭ ‬واللوجستيكي،‭ ‬تنقلوا‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬عدة‭ ‬إلى‭ ‬تندوف‭ ‬منذ‭ ‬مارس‭ ‬2017‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬لقاء‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬البوليساريو،‭ ‬والإشراف‭ ‬على‭ ‬دورات‭ ‬تدريبية‭ ‬للمقاتلين،‭ ‬بدعم‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬«الكابرانات»‭ ‬الذي‭ ‬تأكدوا‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيه‭ ‬أنهم‭ ‬انهزموا‭ ‬هزيمة،‭ ‬ديبلوماسيا‭ ‬وسياسيا،‭ ‬أمام‭ ‬قوة‭ ‬المقترح‭ ‬المغربي‭ ‬واحترافية‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬المغربية،‭ ‬فاختاروا‭ ‬تسخير‭ ‬حزب‭ ‬لله‭ ‬والحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬«الحل‭ ‬العسكري»‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استنزاف‭ ‬المغرب،‭ ‬وإركاعه،‭ ‬وزعزعة‭ ‬استقراره‭.‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الجزائر‭ ‬تسخر،‭ ‬منذ‭ ‬ستة‭ ‬عقود،‭ ‬كل‭ ‬طاقاتها‭ ‬المالية‭ ‬والديبلوماسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دحر‭ ‬المغرب‭ ‬واستنزافه‭ ‬لتحقيق‭ ‬الزعامة‭ ‬الإقليمية‭ ‬وافتكاك‭ ‬منفذ‭ ‬بحري‭ ‬على‭ ‬الواجهة‭ ‬الأطلسية،‭ ‬فإن‭ ‬إيران،‭ ‬التي‭ ‬تسخر‭ ‬ميليشيات‭ ‬حزب‭ ‬لله،‭ ‬تطمح‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخ‭ ‬وجودها‭ ‬وتعزيز‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬كقوة‭ ‬بوسعها‭ ‬التدافع‭ ‬مع‭ ‬أمريكا‭ ‬وفرنسا‭ ‬والصين‭ ‬وروسيا‭ ‬وتركيا‭ ‬واليابان‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬الثروة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬ولهذا‭ ‬حرصت‭ ‬طهران‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬والجزائر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إيجاد‭ ‬قاعدة‭ ‬عسكرية‭ ‬«صلبة»‭ ‬بإمكانها‭ ‬احتواؤها،‭ ‬وأيضا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تأمين‭ ‬تغلغلها‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬والنيجر‭ ‬وبوركينا‭ ‬فاسو،‭ ‬وهي‭ ‬دول‭ ‬عبرت‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬علاقاتها‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬متعددة،‭ ‬مثل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والسياسة‭ ‬والصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬والابتعاث‭ ‬الطلابي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أكده‭ ‬نائب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني‭ ‬للشؤون‭ ‬السياسية‭ ‬آنذاك،‭ ‬علي‭ ‬باقري‭ ‬كني‭. ‬
 
حزب‭ ‬الله‭ .. ‬اليد‭ ‬القذرة‭ ‬لإيران
وتعول‭ ‬إيران‭ ‬كثيرا‭ ‬على‭ ‬تحريك‭ ‬أذرعها‭  ‬الشيعية‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬والبحرين،‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬كسر‭ ‬الإجماع‭ ‬العربي‭ ‬حول‭ ‬مغربية‭ ‬الصحراء،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تحاول‭ ‬ابتزاز‭ ‬المغرب،‭ ‬اللاعب‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬أمام‭ ‬تحقيق‭ ‬طموحاتها‭ ‬الدعوية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وإرغامه‭ ‬على‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬منطقة‭ ‬نفوذ‭ ‬الإسلام‭ ‬السني‭ ‬المعتدل،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬بيانات‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تؤكد‭ ‬التزامها‭ ‬الراسخ‭ ‬بوحدة‭ ‬الدول‭ ‬وسلامة‭ ‬أراضيها‭ ‬ورفضها‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭.  ‬

ولما‭ ‬تأكدت‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬إصرار‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬صون‭ ‬مصالحه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يملك‭ ‬من‭ ‬قوة،‭ ‬وفي‭ ‬تشريف‭ ‬شراكاته‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الواجهات،‭ ‬وضعت‭ ‬يدها‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬كابرانات‭ ‬شنقريحة‭ ‬ومرتزقة‭ ‬البوليساريو،‭ ‬وتجاوزت‭ ‬لغة‭ ‬التحرش‭ ‬إلى‭ ‬لغة‭ ‬التنفيذ‭. ‬إذ‭ ‬اختارت‭ ‬أن‭ ‬تنقل‭ ‬كوادرها‭ ‬العسكريين‭ ‬على‭ ‬جناح‭ ‬السرية‭ ‬من‭ ‬طهران‭ ‬إلى‭ ‬الجزائر،‭ ‬ومنها‭ ‬إلى‭ ‬مخيمات‭ ‬الرابوني،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإشراف‭ ‬عل‭ ‬تدريب‭ ‬ميليشيات‭ ‬لشن‭ ‬هجمات‭ ‬حربية‭ ‬في‭ ‬العمق‭ ‬المغربي‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬فضحه‭ ‬السفير‭ ‬المغربي‭ ‬عمر‭ ‬هلال‭ ‬أمام‭  ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬حين‭ ‬اتهم‭  ‬إيران‭ ‬وحزب‭ ‬لله،‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022،‭ ‬بالتوغل‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬شمال‭ ‬أفريقيا،‭ ‬وتدريب‭ ‬وتجهيز‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬تندوف‭ ‬بطائرات‭ ‬مسيرة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تهدد‭ ‬ليس‭ ‬مصالح‭ ‬المغرب‭ ‬ودول‭ ‬الجوار،‭ ‬بل‭ ‬تهدد‭ ‬مصالح‭ ‬أوروبا‭ ‬واستقرارها،‭ ‬وخاصة‭ ‬مصالح‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تحسم‭ ‬موقفها‭ ‬من‭ ‬مغربية‭ ‬الصحراء،‭ ‬وفضلت‭ ‬الإقامة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الرمادية‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬المعادلات‭ ‬الاستعمارية‭ ‬التي‭ ‬عفا‭ ‬عنها‭ ‬الزمن‭.‬‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬انتبه‭ ‬إليه‭ ‬الحلف‭ ‬الأطلسي‭ ‬حين‭ ‬ناقش‭ ‬مقترح‭ ‬بناء‭ ‬درع‭ ‬عسكري‭ ‬على‭ ‬الواجهة‭ ‬الجنوبية‭ ‬للمتوسط‭ ‬بعد‭ ‬تنامي‭ ‬عناصر‭ ‬الاضطراب‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬جماعة‭ ‬البوليساريو،‭ ‬وبوكو‭ ‬حرام،‭ ‬وجماعة‭ ‬الشباب‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وتنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وداعش،‭ ‬وجماعات‭ ‬أخرى‭ ‬تشكّل‭ ‬مصدر‭ ‬اضطراب‭ ‬خطير"،‭ ‬مثل‭ ‬قوات‭ ‬«فاغنر»‭ ‬الروسية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تنامي‭ ‬شبكات‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاتجار‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬المخدرات،‭ ‬وتبييض‭ ‬الأموال‭ ‬والمتاجرة‭ ‬في‭ ‬البشر،‭ ‬وتجارة‭ ‬الأسلحة‭.‬

أن‭ ‬الصلة‭ ‬المؤكدة‭ ‬بين‭ ‬«حزب‭ ‬لله»‭ ‬و«البوليساريو»،‭ ‬وتورط‭ ‬كابرانات‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬المؤامرة،‭  ‬لا‭ ‬تدعو‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬القلق،‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬استراتيجية‭ ‬دولية‭ ‬مشتركة‭ ‬لكسب‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحييد‭ ‬الجزائر،‭ ‬وإرغامها‭ ‬سياسيا‭ ‬وعسكريا‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬حسن‭ ‬الجوار،‭ ‬وعلى‭ ‬الالتزام‭ ‬بالخيار‭ ‬السياسي‭ ‬الأممي،‭ ‬وتفكيك‭ ‬تنظيم‭ ‬جماعة‭ ‬البوليساريو‭ ‬وتصنيفه‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬حزب‭ ‬لله‭ ‬كتنظيم‭ ‬إرهابي،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬محاصرة‭ ‬تمدد‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إقريقيا،‭ ‬ومنع‭ ‬تحويل‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬حاضنة‭ ‬للأنشطة‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭.‬