الأحد 8 سبتمبر 2024
خارج الحدود

إيران وحزب الله والبوليساريو.. عنصر اضطراب في الساحل وجنوب الصحراء

إيران وحزب الله  والبوليساريو.. عنصر اضطراب في الساحل وجنوب الصحراء إبراهيم غالي يتوسط زعيم حزب الله ومرشد إيران(يسارا)
كشفت تقارير إعلامية عن وصول ميليشيات تابعة للحرس الثوري الايراني إلى الجزائر في الأسابيع الأخيرة، مضيفة بأن الميليشيات وصلت عبر رحلات جوية مباشرة بين إيران والجزائر، لتعزيز دعمها العسكري واللوجستي لجبهة البوليساريو، حيث تم نقل معدات عسكرية متطورة، بما في ذلك أنظمة أسلحة من أصل إيراني وجنوب أفريقي. وتشمل هذه المعدات طائرات بدون طيار وصواريخ وقذائف مضادة للدبابات بالإضافة إلى معدات اتصالات.
 
ولا يثير تدخل الجزائر في هذا الشأن مفاجأة، نظرا للدعم التاريخي الذي يقدمه النظام العسكري الجزائري لجبهة البوليساريو المتمركزة في تندوف على الأراضي الجزائرية.
 
ويتابع الغرب عن كثب هذه التطورات المثيرة للقلق في شمال إفريقيا حيث تتورط بشكل مباشر ميليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني في تهديد الاستقرار الإقليمي والأوروبي.
 
ويرى عدد من المحللين أن إيران تسعى منذ مدة طويلة إلى توسيع نفوذها في المنطقة المغاربية، سواء من خلال الدبلوماسية أو الجماعات المسلحة التابعة لها مثل "حزب الله" اللبناني، حيث تنشط الجماعة الشيعية المسلحة في هذه المنطقة، بهدف تقديم الدعم العسكري واللوجيستي لجبهة البوليساريو .
 
وقد مدت جبهة البوليساريو يدها إلى حزب الله بدءًا من عام 2016، بتعليمات من إيران وبدعم من "الحرس الثوري"، من أجل القيام بأنشطة إرهابية وأعمال غير قانونية، بهدف تمويل الجبهة الانفصالية لاحتياجاتها بعد نقص الموارد المالية لأسبابٍ مختلفة، بينما يجد حزب الله الفرصة متاحة ليتمدد في منطقة شمال إفريقيا.
 
ويرى موسى المالكي، أستاذ باحث في الجغرافيا السياسية والقضايا الاستراتيجية، أن الجزائر طالما وظفت البوليساريو كمرتزقة لضرب استقرار المغرب ووحدته الترابية، وهاهي تتحول اليوم أمام أنظار العالم إلى ميليشيا عسكرية موالية ومدعومة بأسلحة إيران، بهدف ضرب استقرار شمال إفريقيا والتوسع على حساب بلدان الساحل، التي تواجه اليوم خطرا شديدا واستراتيجيا على أمنها واستقرارها واقتصاداتها، وأيضا على ضفتي المتوسط.
 
ويمكن تفسير إقدام الجزائر على هذه المغامرة/ المقامرة الجديدة غير المحسوبة العواقب – يضيف المالكي - بالفشل الذريع الذي أصاب الأطروحة التي روجتها طيلة عقود سعيا لتقسيم المغرب وأوهام الوصول إلى المحيط الأطلسي، بعد اقتناع المنتظم الدولي وفي مقدمته الدول الغربية الكبرى، والدول الإفريقية والدول العربية بعدالة قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
 
وتوقع المالكي استخدام مرتزقة البوليساريو في ابتزاز بلدان الساحل وتهديد استقرارها للضغط عليها محاولة لتغيير مواقفها السيادية بعد توجهها إلى ربط شراكة استراتيجية مع المغرب ذات أبعاد اقتصادية وسياسية وأمنية تخدم صالح شعوب المنطقة.
 
وحسب المحللين فقد طورت إيران أذرعا استخباراتية تحت غطاء دعوي أو ثقافي، وتحت غطاء إيديولوجي في عدة عواصم إفريقية وأوروبية. هذه الأذرع انكشفت بشكل واضح اليوم، ففي المغرب انكشف دعم إيران لجبهة البوليساريو عبر حزب الله بالأسلحة والعتاد، حيث تسعى إيران الى محاولة اللعب بورقة الصحراء المغربية للتأثير في مواقف المغرب، علما أن للمغرب سياسة خارجية واضحة فيما يتعلق بالعلاقات مع دول الخليج التي يجمعه معها تحالف استراتيجي وعلاقات راسخة.
 
ويعتبر المغرب الكبير إلى جانب أهميته الجيوستراتيجية، بوابة إلى الساحل، وهي منطقة تشتغل فيها قوى مثل روسيا، وتحاول إيران من جهتها استغلال تنامي المشاعر المعادية للوجود الفرنسي في المنطقة لترسيخ نفوذها، حيث سبق للنظام الإيراني أن بعث وفودًا إلى مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وهي دول تسعى طهران لتعزيز علاقاتها معها في مجالات مختلفة، مثل الاقتصاد أو السياسة أو الصحة.
 
ويلعب "الحرس الثوري" دورًا بارزًا في إفريقيا، من خلال دعمه لمنظمات إرهابية مثل جبهة البوليساريو الانفصالية لتمهيد الطريق لاختراق القارة وإدخالها في سلسلة من العمليات الإرهابية والحروب الأهلية.
 
وتعد جبهة البوليساريو عنصر اضطراب في منطقة شمال إفريقيا، على غرار التنظيمات الإرهابية الأخرى، مثل تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وداعش، وجماعات أخرى تشكّل مصدر اضطراب خطير، حيث يشير المراقبون الى تورط البوليساريو في تنفيذ أنشطة غير مشروعة في منطقة الساحل جنوب الصحراء، مثل المخدرات وتبييض الأموال والاتجار في البشر، والاتجار في الأسلحة.
 
كما أن "حزب الله" كذراع من أذرع إيران في المنطقة، يواصل التغلغل في شمال إفريقيا، حيث يمتلك العديد من الأنشطة المشبوهة خاصة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، من خلال تبييض الأموال والمتاجرة بالمخدرات.
 
ووفق المراقبين، فإن توغل "حزب الله" وإيران في شمال إفريقيا لن يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة فحسب، بل يشكل أيضًا تهديدًا لأوروبا.
 
وقبل سنوات، سلط مسؤولون مغاربة الضوء على العلاقات بين حزب الله والبوليساريو بعد زيارة قام بها وفد عسكري من الجماعة الشيعية إلى تندوف في سنة 2016.
 
وفي 2017، اعتقلت السلطات المغربية قاسم تاج الدين في مطار الدار البيضاء، بناء على مذكرة توقيف دولية صادرة عن الولايات المتحدة. ويعتبر تاج الدين، المتهم بغسل الأموال والإرهاب، أحد كبار المسؤولين الماليين في "حزب الله" في إفريقيا.