كرست الممارسة السياسية في المغرب تقليدا كاد يقترب من العرف الملزم، يتعلق بضرورة إجراء تعديل حكومي عند منتصف كل انتداب حكومي. وغالبا ما يرتبط هذا التعديل بمبرر ضخ دماء جديدة في جسم السلطة التنفيذية وأن بعض الوزراء عجزوا عن حسن تدبير الحقائب المسندة إليهم أو أنهم ارتكبوا أخطاء جسيمة تبرر ضرورة استبدالهم بمن هم أهل لهذه المهام. ثم تطفو على السطح بعض النقاشات المتناقضة مع هذه المبررات، من قبيل منح فرصة لبعض الوجوه الحزبية في إخراج أقرب إلى جبر الخواطر و في بعض الأحيان يتم الحديث عن نجاعة التكنوقراط مقارنة بالفاعل السياسي، ناهيك عن بعض التاويلات الصادرة عن بعض الصحف و الجرائد و كأننا أمام قصص و روايات الإثارة التي تثير فضول المواطن، ليتحول شغف التعديل الحكومي إلى عصى سحرية ستقلب الموازين و تغير حياة المواطن رأسا على عقب.
تمر الأيام والشهور وتعود الأمور إلى نقطة الصفر، لتستأنف الحكومة المعدلة خطاب الاكراهات والموروث التدبيري السابق و كأننا أمام رهان حكومات التجارب تجعل من المواطن فأر التجربة.
تظهر أولوية الزمن السياسي على أولوية المردودية، وكأننا أمام مسلمة مفادها أن التعديل الحكومي مشروط بمنتصف الولاية الحكومية.
إن النتيجة الحتمية لهذه الوضعية هي جعل الوزراء المعنيون بالتعديل يسابقون الزمن لتأكيد نجاحاتهم وأحقيتهم في الإستمرار على الكرسي الحكومي وفي أسوأ الأحوال يلجأ البعض إلى تسريع وتيرة الامتيازات من قبيل تعيين بعض المقربين في مناصب المسؤولية أو في بعض الوظائف قبل مغادرة مقر الوزراة مع ضمان تقاعد مريح.
عبداللطيف مستكفي، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بكلية الحقوق الدارالبيضاء.