الأحد 8 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: جمال ياجمال..!

إدريس المغلشي: جمال ياجمال..! إدريس المغلشي
من الأشياء المثيرة المتميزة أن ينسجم اسمك مع صناعة الحدث ويتردد عبر كل اللغات بطريقة سهلة دون تكلف وأن تلعب مشيئة الله والأقدار على حد سواء لتنصفك في زمن قياسي بعدما تخلى عنك البعض وليس الكل. وتخوض بعزيمة وإصرار لتصنع الإستثناء ولتقول للجميع سأجعل من اسمي ومسيرتي ومستقبلي نموذجا متفردا يحكي عنه التاريخ وتحكي عنه كل القنوات العالمية ، منبهرة بحداثة سنه وتألقه ونجوميته .انه لامين جمال الذي أراد من خلال حضوره أن يثير الانتباه ويجعل من المهتمين والمتتبعين والعالم كله اصبح يتكلم عن الهدف الرائع الذي سجله هذا اللاعب الشاب لامين جمال ضمن منتخب اسبانيا في مواجهة منتخب فرنسا.
 
بعيدا عن التحليل الرياضي الذي جعل كثير من المعلقين ينبهرون اولا بطريقة تسجيل الهدف في زمن كان فريقه منهزما وبعدما ظن الجميع أن فرنسا تخطو نحو حسم نتيجة المقابلة لكن الحقيقة ان شاب عمره 16سنة اختار أن يسمع اسمه وصوته في لحظة مهمة والكاميرات موجهة نحو نجم آخر إنه الفرنسي كيليان امبابي .الهدف أعيد كثير من المرات لجماليته وفي كثير من القنوات العالمية .وقد استطاع أن يقلب الطاولة والنتيجة معا على الجميع .ويساهم بشكل كبير في تأهيل منتخبه الى نهائي كأس اوروبا2024 المانيا يوم الأحد المقبل.
 
لكن دعونا نسلط الضوء على خلفيات هذا الانجاز الذي كشف لنا عدة معطيات وخلاصات تحتاج منا الوقوف عليها لتحليل كثير من الأمور .بداية لانشك لحظة أن المغاربة جميعا قد انتابتهم فرحة لاتوصف لأن بطل هذا الحدث مغربي. رغم ارتدائه لقميص بلد آخر .
 
 
فلامين جمال لم يسعد الإسبان لوحدهم فحسب بل تجاوزت الفرحة حدود جزيرة ليبيريا لتدخل رقعتنا الجغرافية في اتجاه معاكس وبدا جليا أن كثير من أبنائنا يصنعون السعادةفي بقاع العالم عوض صناعتها في بلدهم الأم للأسف هناك من يحرص على تهجير كل فرصة سعادة بيننا وهم يصرون على خنق تلك الطاقات لتنعم بحياة بديلة عما هو مفروض وجوده هنا ،لقد هاجروا في ظروف قاسية موطنهم الاصلي ليستقروا هناك .كما ان العنصر البشري المغربي ليس فاشلا بطبعه كما يصور بعض الفشلة او بعض الجهات بل هو عنصر ناجح متى توفرت له شروط ومقومات الفوز والتفوق وان المشكل ليس في هذا الأخير بل في فساد بعض المؤسسات التي لاتجيد التعامل مع هذه الكفاءات ان لم تكن تحاربها .
 
من كانوا يتوقعون فشل جمال عندما اختار اللعب لاسبانيا فالجواب والرد كان عمليا بعدما حقق انجازا استثنائيا فهدف واحد وفي مباراة حاسمة لاشك انه سيفتح له باب النجومية والعالمية لانه بالمعطيات يعتبراول شاب يسجل في محطة عالمية اصابة بطريقة خرافية . انتزعت بشكل كبير كثيرا من الاهتمام لايقبل الجدل والمرتبة الاولى من نجوم أوروبا . لقب لوحده كافي ليعبد له الطريق نحو اهداف اخرى لاتقل اهمية . سؤال يطرح نفسه بالحاح شديد لماذا لانستثمر مقدراتنا المحلية لما يخدم الوطن وصورته في الداخل والخارج ؟ هل قدرنا أن نفرح مع ابنائنا المهجرين بألوان اعلام اخرى وتحت غطاء جنسيات أخرى ؟ ألا يقتضي هذا الانجاز ان نسائل سياساتنا العمومية فليست حالة جمال الوحيدة بل هناك كثيرون من قفزوا للضفة الأخرى من أجل تحقيق أحلامهم والسعي لفتح آفاق اخرى لأنفسهم وعائلاتهم ألا تسائل هذه النماذج وضعيتنا الداخلية وتدبيرنا الكارثي الذي أصبح مثار جدل لايساعد الشباب على ابراز هواياتهم وتفوقهم.