الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

نوفل البعمري: ملف الصحراء: الخروج من الحلقة المفرغة

نوفل البعمري: ملف الصحراء: الخروج من الحلقة المفرغة نوفل البعمري
ونحن على بعد ثلاثة أشهر و بضعة أسابيع من طرح ملف الصحراء على مجلس الأمن لاستصدار قرار أممي جديد، مع ما يعني ذلك من أجندة سيكون الأمين العام للأمم المتحدة مطالب بتقديم تقريره يستعرض فيه تطورات الملف سياسياً و ميدانياً و قبلها الخلاصات التي سيرفعها له ستافان ديماستورا باعتباره المبعوث الأممي للمنطقة والملف… ونحن نستعد لكل هذه الأجندة وجب وضع التحركات التي قام بها المبعوث الأممي في مجهر الملاحظة والمتابعة، وحان الوقت لطرح سؤال: حول الوضعية التي يوجد عليها الملف؟

والتوصيف الذي يمكن وصف به الملف ككل ضمن المسار الذي حددته قرارات مجلس الأمن آخرها قرار 2703؟
الملف اليوم انتقل من منطقة رمادية حيث كانت المواقف غير واضحة اتجاهه و اتجاه المخارج الممكنة له، الواقعية والسياسية إلى منطقة أكثر راحة بالنسبة للمغرب حيث باتت أكثر من مائة دولة من مختلف القارات تدعم الحكم الذاتي ومغربية الصحراء، منها سبعة عشرة دولة أوروبية لها موقف إيجابي من الحل المغربي، أضف لها الدعم الذي حصل علية من دول التعاون الخليجي، والجامعة العربية، ودول الكاريبي وعدد كبير من دول الاتحاد الأفريقي التي اتخذت خطوة افتتاح قنصليات لها بالمنطقة وباتت أجهزة الاتحاد الأفريقي متبنية لقرارات مجلس الأمن مُعترفة بحصرية المجلس للنظر في الملف… هذا التراكم الإيجابي المنسجم مع النظرة الواقعية التي باتت تُقدم للملف أصبحت تتناقض مع طبيعة العملية السياسية خاصة مع المقاربة التي أراد ستافان دي ميستورا العمل بها و المتاهة التي إذا استمر في نفس نهجه سيدفع بالملف إلى إغراقه في دائرة مفرغة، يتضح ذلك  من خلال:
عدم الضغط على الطرف الأساسي للإنخراط بإيجابية في الملف وفقاً لما قرره مجلس الأمن، المقصود هنا النظام الجزائري.
محاولة ستافان دي ميستورا إقحام دول جديدة في تحركاته لا علاقة بالعملية، لم تكن يوماً ضمن أية أجندة سابقة.
إحاطته السابقة التي تقدم بها لمجلس الأمن لم تكن دقيقة في تحديدها للمسؤوليات وافتقادها تقديم خلاصة واقعية لستة أشهر الأولى لنصف السنة من تجديد تعيينه.

الوضع الحالي  حيث إنتهى الملف لا يمكن اليوم من خلال المتابعة، إلا  بالوضع "بالعبثي" بسبب ما أصبح  يعيشه ليس فقط من جمود بل من خلال ما أُقحمن فيه بشكل متعمد من  الدائرة المفرغة،  الحلقة اللامتناهية من التمطيط وتمديد بعثة المينورسو كل سنة في ظل وضع الركود والجمود الذي تعيشه العملية السياسة بسبب عدم جرأة المبعوث الأممي في تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالملف، هي قرارات تتبنى بشكل واضح، مباشر المعايير السياسية للحل المغربي، مع دعم هذه القرارات لمختلف التحركات  المغربية سواء ما تعلق منها بتنمية المنطقة و النهوض بها خاصة مشروع الأطلس الكبير الذي أعلن عنه عاهل البلاد، و مشروع أنبون الغاز الذي سيربط نيجيريا بالمغرب مروراً بالصحراء…و غيرها من المشاريع الكبرى التي كانت موضوع  إشادة كبيرة من طرف الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره الأخير الذي وجهه لمجلس الأمن أكتوبر الماضي، و هو دعم أممي يعزز السيادة المغربية في المنطقة يعكس موقفاً إيحابياً، داعماً للحضور المغربي بالأقاليم الجنوبية و لكافة أشكال السيادة التي يمارسها في المنطقة…

هذا التقدم المنجز محلياً بالمنطقة، والتراكم الإيجابي الذي خلقه المغرب على مستوى قرارات مجلس الأمن، والدعم الواضح لمبادرة الحكم الذاتي الذي تشهده المناقشات داخل اللجنة الرابعة…أصبح يتناقض مع حالة الجمود التي يعيشها الملف، والنفق الذي دخله الذي يبدو أن استمرار تحركات المبعوث الأممي بنفس الصيغة أصبح معه الملف ككل يدور داخل حلقة مفرغة للأسف، وهو ما يستوجب من الدبلوماسية المغربية  والأمم المتحدة ستتجه قريباً نحو فتح الملف مع قرب موعد أكتوبر، ضرورة تحركها - أي الدبلوماسية المغربية-  رفقة أصدقائها والدول الداعمة لأطروحتها السياسية داخل مجلس الأمن وخارجه من أجل دفع مجلس الأمن لتبني خطة واضحة لطي الملف،  ليس فقط الإعلان عن دعم مبادرة الحكم الذاتي، بل تحديد أجندة مدققة لعودة جميع الأطراف للمباحثات حيث انتهت في جنيف 1 وجنيف 2، ودفع الدولة الجزائرية باعتبارها طرفاً أساسياً نحو التعاطي بشكل إيجابي مع العملية السياسة….

لحين الانتقال لهذه الخطوة، المغرب سيظل يتحرك بصفوف متراصة، متحركة…نحو انتزاع المزيد من الاعترافات والمكاسب لقضيته الوطنية الأولى، ونحو تعزيز عمل الدبلوماسية المغربية باعتبارها تتحرك وفق خطة ملكية تم وضعها منذ سنة 2018 في كل محطة تحقق، وتنتزع دعماً للحكم الذاتي ولمغربية الصحراء.