الاثنين 25 نوفمبر 2024
اقتصاد

بومدين: سياسة الدعم بين الريع والنجاعة 

بومدين: سياسة الدعم بين الريع والنجاعة  عبد الصادقي بومدين
طالب عبد الصادقي بومدين، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، بإبعاد الدعم عن الريع وربطه بالنجاعة والنتائج. فيما يلي التصريح الذي خص به القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، جريدة "أنفاس بريس":

" إذا اطلعنا على المبالغ المخصصة للدعم (في مختلف المجالات) في الميزانية العامة للدولة سنجدها مبالغ محترمة، وقد نستنتج  من خلال قراءة الأرقام أن الحكومة تبذل جهدا ماليا مهما لدعم من هم بحاجة إلى الدعم. 

 
غير أن قراءة تأثيرات هذه الأرقام على الموجه إليه الدعم ومن يأخذه وما الذي يقدمه للمجتمع في المقابل نجد وجها آخر، وقد نستنتج حكما آخر غير ما توحي به المبالغ والأرقام المجردة. 
 
لنستحضر بعض المجالات التي "تأكل" من المال العام الذي هو مال الشعب، ونرى مدى نجاعة صرف هذا المال. آخر ما حدث في هذا المجال دعم استيراد الخرفان بمناسبة عيد الأضحى، المبالغ المقدمة للمستوردين مبالغ مهمة، لكن هل استفاد منها المواطن؟ يعرف الجميع أثمنة الأضاحي هذه السنة، والقول أن المستفيدين من الدعم هم المستوردون وليس الشعب لا يجانب الصواب. 
 
المبالغ المالية الكبيرة المخصصة للفلاحة، خصوصا لتنصيب السقي بالتنقيط، تقدم أساسا للقادرين مسبقا على القيام بذلك، نوعية الفلاحة المعنية، عموما، هي الفلاحة المسقية والضيعات الكبرى، وما سماه وزير الفلاحة بالفلاحة الاستثمارية، لذلك اتجه إليها، للاستفادة من الدعم، عدد من الأشخاص الموسرين في المدن ولا تربطهم بالفلاحة والعالم القروي أي رابط. الفلاحون الصغار المحتاجون فعلا للدعم لا يشملهم ولا يستفيدون سوى بمالغ تافهة في سنوات الجفاف. 
الدعم الذي يقدم للمركبات للتغلب على غلاء المحروقات وما ترتب عنه من غلاء أغلب المواد الاستهلاكية لا أثر له. الغلاء قائم ومستمر، شاحنات نقل المنتجات الفلاحية رفعت من تعريفة النقل وتأخذ، بالأحرى يأخذ مالكوها، الدعم. 
سائقو سيارات الأجرة لا يتوصلون بالدعم الذي يذهب إلى جيوب مالكي "لاگريمات"... 
أمثلة من صرف مبالغ كبيرة من مال الشعب دون أن يستفيد المواطنون من ذلك. 

 
إيراد هذه الأمثلة لا يعني أن كل سياسة الدعم، عموما، غير مفيدة للمجتمع وللاقتصاد الوطني بل هناك مجالات كثيرة تؤدي فيها سياسة الدعم، التي تم إقرارها منذ عقود وتوسعت مؤخرا بالدعم المباشر للأسر المعوزة، أهدافها ولو في الحدود الدنيا، غير أن الامثلة المذكورة أعلاه تدعو إلى مراجعة بعض أشكال الدعم وربطها بالنجاعة ومدى تحقيق الأهداف التي تتوخاها هذه السياسة مبدئيا، وإلا فإنه يتحول إلى مجرد ريع بأخذه من لا يستحق من المال العام. 
 
نفس الشيء يمكن تطبيقه بخصوص الدعم المقدم على شكل إعفاءات ضريبية لشركات ومقاولات، الذي ينبغي أن لا يتوخى فقط إنقاذ مقاولات من الإفلاس أو التشجيع على خلق مقاولات جديدة، رغم أهمية ذلك للاقتصاد الوطني والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، بل ينبغي ربطه كذلك بالنتائج على مستوى التشغيل واحترام مدونة الشغل وانعكاساته الاجتماعية عموما."