الجمعة 5 يوليو 2024
في الصميم

بين العمدة والوالي.. أيعقل أن نلعب «الرونضة» بمبلغ 25 مليار بالبيضاء؟!

بين العمدة والوالي.. أيعقل أن نلعب «الرونضة» بمبلغ 25 مليار بالبيضاء؟! عبد الرحيم أريري
بالنظر إلى أن مدينة الدارالبيضاء سجلت أضعف مشاركة في الانتخابات الأخيرة بالمغرب، والتي لم تتجاوز   18% (أقصد مدينة البيضاء وليس الجهة)، فإن ذلك كانت له كلفة مالية باهضة بالنسبة لخزينة البلاد. فمن أصل 530 مليون درهم خصصتها الدولة للانتخابات بالمغرب، تم تخصيص نصف المبلغ تقريبا للدارالبيضاء (25 مليار سنتيم).
 
لكن النتيجة المحصل عليها لم تتجاوز  360.000 ناخب (من أصل 2 مليون مسجل بلوائح البيضاء)، ممن صوتوا على كل الأحزاب المشكلة لمجلس مدينة الدارالبيضاء الحالي، الذي تقوده نبيلة ارميلي عن حزب الحمامة، أي أن نسبة المشاركة بالبيضاء لم تتعد 18%. 
 
هذه النسبة هي الأضعف على مر تاريخ الاستحقاقات التي عرفها المغرب عامة والبيضاء خاصة. وحسبنا الاستشهاد هنا بالاقتراع الذي حمل عبد العزيز العماري في الولاية الجماعية السابقة إلى رئاسة البيضاء الذي بلغت فيه نسبة المشاركة 25%.
 
حين نقول أن الكلفة كانت باهضة، فإن ذلك يتجلى لنا من خلال حجم ما تطلبته عملية تعبئة ناخب بيضاوي للتصويت على الأحزاب، مقارنة مع ماتطلبه الوضع لتعبئة الناخب المغربي بباقي التراب الوطني. ففي الدار البيضاء استدعى الأمر إنفاق 700 درهم لتعبئة كل ناخب، بينما المعدل الوطني لم يتجاوز 60 درهما. أي أن كلفة الناخب البيضاوي التي تحملتها الدولة بلغت 12 مرة مقارنة مع كلفة تعبئة الناخب بباقي المغرب.
 
وإذا حصرنا الأمر على الكلفة التي تطلبها التصويت على منتخبي حزب التجمع الوطني للأحرار، فإن المبلغ يرتفع بشكل صاروخي. رسميا حزب أخنوش لم يحصل سوى على 89.251 صوتا بالدارالبيضاء في اقتراع 2021 (أي 4% من مجموع المسجلين في اللوائح الانتخابية!)، مما يفيد أن كلفة تعبئة ناخب بيضاوي لفائدة حزب أخنوش تطلبت إنفاق 2800 درهم، أي 47 مرة عن المعدل الوطني. أما إذا حصرنا المقارنة بين كلفة تعبئة ناخب للتصويت على حزب الحمامة بالمغرب، والتي بلغت في المعدل الوطني 407 درهما، فإن البيضاء تشكل دوما الأعلى، بحيث تصل كلفة التصويت على حزب الحمامة 7 مرات مقارنة مع كلفة التصويت على نفس الحزب بباقي التراب المغربي.
 
ومن الطبيعي أن تقود هذه الوضعية إلى الفراغ المؤسساتي الجماعي والحزبي الذي تعيشه الدارالبيضاء حاليا، لدرجة أن منتخبي البيضاء وعلى رأسهم العمدة نبيلة ارميلي، لا أثر لهم على المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي العام بالعاصمة الاقتصادية.
 
نظرا لأن الطبيعة تخشى الفراغ، كان من اللازم على ممثلي الدولة- في شخص والي الدارالبيضاء وباقي عمال المقاطعات- أن يملأوا الفراغ ويعوضون الساحة بعد انسحاب العمدة وباقي أجهزة المجلس الجماعي عن إدارة الدار البيضاء.
 
ونحن على مقربة من الانتخابات القادمة التي تؤكد المؤشرات الأولية أن الأغلبية الكاسحة من الناخبين بالبيضاء ستمتنع عن تزكية هذه «الملهاة الانتخابية»، فما المانع إذن من الإعلان مسبقا عن ولاية انتخابية بيضاء بالعاصمة الاقتصادية، لتوفير 25 مليار سنتيم لفائدة خزينة الدولة من جهة، وللسماح للأحزاب بالابتعاد مؤقتا عن الرادار إلى حين تأهيل نفسها وتأهيل مرشحيها من جهة ثانية؟!.
 
بل ما المانع من إعلان الدار البيضاء كمدينة ذات وضع قانوني خاص Statut Particulier، تسيرها السلطة المركزية مباشرة عبر مؤسسة الوالي وشركات التنمية والتدبير المفوض، على الأقل ليخرج كل واحد «من رونضته»؟!
 
الكرة في ملعب صناع القرار !