منذ أيام لفت انتباهي مقال في مجلة نسوية هولندية يقول إن هولندا عيّنت في السنوات الأخيرة ما لا يقل عن 5 نساء سفيرات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. المجلة برّرت ذلك بكون النساء “مرحّب بهن أكثر في المنطقة العربية، قادرات أفضل من الرجال على الدخول إلى جميع الميادين والتحاور مع جميع الأطراف نظرا لسياسة الفصل بين الجنسين”. وأشار المقال نفسه إلى أن “السفيرات قادرات على الدخول إلى المجتمع النسوي، والتعاطي مع قضايا المرأة في المنطقة بشكل أفضل من الرجال”، ووفق وزارة الخارجة الهولندية، فإن 30 بالمئة من موظفيها بالمنطقة، نساء. وتختص المنطقة العربية دون غيرها بهذا “الامتياز”.
أقول “امتياز” وأنا متأكدة تماما ممّا أقول، وسأشرح الأسباب هنا:
- الخارجية الهولندية على ما يبدو بذلت مجهودا مضاعفا، في فهم طبيعة المنطقة العربية، ووضع المرأة فيها، فتعاطت مع المسألة بحكمة و”دبلوماسية” مفرطة، وبعثت نساءها يمثلنها في مجتمع “ذكوري” يُعتبر وضع المرأة فيه الأسوأ في العالم، ولا بد أنها أنفقت الكثير من المال في “فهمنا” ووظفت الخبراء وكلفت المعاهد ومراكز البحث بدراسة عقليتنا المستعصية على الفهم، وبالتالي فنحن حظينا بأكبر قدر من ميزانيتها ومصروفاتها.
- ساعدنا الخارجية الهولندية على التقدم على باقي مؤسسات الحكومة، التي وضعت هدفا أمامها، يتمثل في تشغيل 30 بالمئة من النساء في مناصب قيادية بحلول العام 2017، وهكذا فإن الحكومة الهولندية وجدت المناخ المناسب لتصريف “قدراتها” النسوية، وتطبيق سياستها الخاصة بالمرأة والمساواة، وأنا شخصيا أرى أنه يجب على الخارجية الهولندية أن تشكرنا على مساعدتنا لها في الإحراز على هذه المكانة المتقدمة على باقي الهياكل والمؤسسات الحكومية، فالفضل كل الفضل يعود لنا أولا وأخيرا، ولولا وضع المرأة لدينا لما تقدمت المرأة لديهم وحظيت بحقوقها كاملة.
- استدعى وضع المرأة في المنطقة العربية “تدخلا خارجيا” و”مساعي دبلوماسية” من أجل تحسينه، بعد أن فشلت كل المساعي الحقوقية والمؤتمرات والمعاهدات الدولية في إحراز أي تقدم في هذا المجال. وهو ما يعتبر فخرا لنا، فـ”الحل الدبلوماسي” عادة ما يكون إشارة على حسن النية، وحرصا على صداقات ومصالح قائمة.
- بالإضافة إلى كل اللغات المعتمدة في مؤسسة كهذه، اضطرت الخارجية الهولندية من أجلنا، ومن أجلنا فقط، إلى اعتماد لغة إضافية، هي لغة المرأة، التي يفهمها الرجل الشرقي جيّدا، كما عرفته ودرسته، فالرجل العربي مهما علا منصبه وتقدم وارتقى في المناصب القيادية، ومهما تعلم من لغات، إلا أنه لا يزال يفهم لغة واحدة، هي لغة المرأة، من منظور غربي طبعا، لهذا يخاطبونه باللغة الأقرب إليه، والأكثر تأثيرا فيه، وكما ترون فإنهم مطلعون جدا على قول الإمام علي: “وخاطب الناس على قدر عقولهم” وهذه ميزة أخرى ونقطة يجب أن تحسب لنا، لابد أن يفاخر بها كل المسلمين، “ليس الشيعة فحسب”.
ما رأيكم، ألسنا مجتمعا عبقريا بامتياز؟
(عن "العرب" اللندنية")