السبت 28 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

كمال العايدي: مشروع قانون المسطرة الجنائية وسؤال النجاعة الإجرائية..

كمال العايدي: مشروع قانون المسطرة الجنائية وسؤال النجاعة الإجرائية.. كمال العايدي
تعرض على مجلسي البرلمان بعد المجلس الحكومي مسودة التعديلات المنتظرة في قانون المسطرة الجنائية، وككل تعديل لقانون مسطري لابد من الضبط والتنقيح في اختيار التعديلات وصياغتها. فالثابت ان لقانون (م- ج) ارتباط وثيق بتحقيق معادلة الأمن القضائي وتكريس حقوق الإنسان بتعبيد الطريق المستنير لمبادئ المحاكمة العادلة.
 
وقد تتقاطع القراءات لنصوص المشروع لكنها تتوحد في المناداة الى تكريس سيادة القانون على الأفراد والمؤسسات. فابرز التعديلات وإن لمع بريقها لم تأت بجديد يؤكد نية المشرع في تعزيز ضمانات الحرية والعدالة الإجرائية.

فحضور المحامي مع الموقوف عند استنطاقه من طرف الضابطة القضائية تمت الإستعاضة عنه بأجهزة التصوير مع اتاحة الفرصة له للقاء دفاعه بعد ذلك.
 
كما ان الزيادة في شروط الوضع تحت الحراسة النظرية وان تعددت لكنها ابقت للنيابة العامة كامل السلطة التقديرية في هذا الموضوع مع تطعيمه بمقتضيات جديدة كالمراقبة الإلكترونية مثلا، لكن في العمق فان المشروع عمل على جعل سلطة النيابة العامة ناعمة فقط دون الحد منها، اللهم مراقبة عملها في هذا الإطار من طرف غرف المشورة بمحاكم الإستئناف. 
 
كما حاول التعديل الإنصات الى الأصوات الداعية إلى إلغاء قضاء التحقيق في الجنح، واعتبر ان التحقيق فيها لا يكون إلا بنص خاص.. وإن كنت أرى ان يتم التراجع عن قضاء التحقيق بالمحاكم الإبتدائية بالغائه نظرا لما راكمه من سلبيات، وخاصة البطئ الكبير في تجهيز القضايا وإصدار الأوامر فيها. 
 
على صعيد آخر حرص المشرع على ضبط الأدلة وتوسيع دائرة تحصيلها في جرائم معينة كغسل الأموال والجرائم السيبرانية من خلال إقرار الطب الجنائي والتقنيات الحديثة في الإثبات.
 
أن مشروع التعديل جنح نحو الإستفادة من التقنيات الحديثة وتسريع بعض الإجراءات وتقليص أمد بعض الطعون مع ما يترتب على ذلك من ضرورة توافر وعي خاص بالإجراءات الجديدة وهو ما قد يضع حقوق الناس وحرياتهم في خضم مطبات قد تفسد الغاية من التعديل ولا توصله بنجاح الى ما توخاه المغرب في مخطط إصلاح منظومة العدالة وفق برنامج امتد لسنوات عهد حكومة بنكيران مع وزير العدل آنذاك الاستاذ المصطفى الرميد.
 
ان أي تعديل يتعين ان يسد ثغرات التشريع القاىم او يجود ما هو واضح من نصوصه وكل بحث عن الجدوى لابد وان يتدارس حجم العثرات القائمة في قانون المسطرة الجنائية، وفي نظري الموضوع اكبر من رتوش لتجميل وجه هذا القانون الذي تعب مع مرور السنين بحجم الخدش الذي طاله من بعض التجاوزات التي لحقت الجسد الحقوقي وانكماش دائرة الحرية. التشريع الذي لا يتساوى امامه المواطنون لا يجيب على السؤال الكبير.. هل نحن حقا في حاجة إلى تعديل من هذا القبيل؟
 
 
الاستاذ كمال العايدي/ محامي بهيئة سطات