عرت الأرقام الرسمية الأخيرة عن واقع مؤلم، يتجلى في أن عدد المغاربة الفقراء فقرا مدقعا (أي الذين لا يجدون في اليوم ما يلبي حاجياتهم الدنيا الضرورية)، ارتفع في الفترة بين 2019 و2022 بشكل مرعب، عبر سقوط 797.000 شخص في الفقر المدقع، لينضافوا إلى 1.360.000 مغربي يشكون من الفقر المدقع (أي ما يمثل 4 % من المغاربة).
وحسب هذه الأرقام، التي لم ينازع فيها أي جهاز حزبي أو حكومي أو جامعي، فزيادة الفقراء خلال هذه الفترة انتفخت بنسبة 56%.
ففي كل عام، وبدل أن يرتقي المغاربة من خانة الفقر المدقع إلى خانة الطبقة الضعيفة أو المتوسطة، لتتوسع قاعدة الرخاء في المجتمع، نجد العكس هو الذي يقع. فالمغاربة البسطاء أو المنتمون إلى الطبقة المتوسطة تتدهور أوضاعهم وينزلون في السلم الاجتماعي بدرجات متقهقرة.
الإحصاء كشف عن معطى صادم، يتمثل في نزول 265.666 مغربي كل سنة إلى خانة «الفقر المدقع»، أي ما يعادل سكان مدينة من حجم المحمدية (أو سكان مدينتين من حجم العرائش)، يشطب عليها من «رادار اليسر» لتلج إلى «نادي البؤس والهشاشة».
وبما أن حكومة أخنوش فشلت في تحريك عجلة التنمية وتوسيع وعاء الثروة وخلق فرص الشغل، فالقادم أسوأ. وبالتالي، إذا سارت الأمور على هذا المنوال، فستختم حكومة «الكفاءات» (أو الآفات)، ولايتها بإنتاج 1.328.333 مغربي فقير فقرا مدقعا إضافيا، أي حوالي 4% من مجموع السكان، لينضافو إلى المخزون le stock المتراكم من الفقراء، فيصبح عدد الفقراء الأشد فقرا بالمغرب مع نهاية ولاية أخنوش هو: 2.700.000 مغربي، أي ما يشكل 8% من المجموع العام للسكان. علما أن تصنيف مغاربة في خانة الطبقة الضعيفة والمتوسطة لا يفيد بأنهم يعيشون في بحبوحة أو رغد العيش، إذ إن أغلب أفراد هاتين الطبقتين يوجدون في وضعية مهزوزة تهدد بسقوطهم المدوي في الفقر المدقع بمجرد وقوع حادث بسيط، بالنظر إلى أنهم «عايشين بالسطارطير» (starter)، خاصة أن المغرب -عكس دول أخرى- لا يتوفر على شبكات اجتماعية filets sociaux تحمي المواطن من السقوط في الهاوية.
وتبلغ الطامة ذروتها حين نستحضر أن حزب أخنوش لم يحصل في انتخابات 2021 سوى على 2 مليون صوت (لن نناقش هنا كيف وبأي صيغة وبأي ثمن حصل على معظمها)، أي فقط 5,8% من مجموع المغاربة. لكن بسبب هذه الكمشة المحصل عليها من الأصوات دمر النسيج المجتمعي المغربي، وعكر حياة 8% من المغاربة بإدخالهم لنادي الفقراء ويتهدد الفقر 43% من المغاربة «للي عايشين بالبركة والقناعة ورضاة الوالدين».
يحسب لعزيز أخنوش أنه دخل إلى التاريخ من بابه الواسع، كأول رئيس حكومة بالمغرب يحطم أرقاما قياسية في صناعة الفقر وإنتاج الفقراء !