52 مليار درهم، هو المبلغ الباهض جدا الذي ابتلعه المخطط الأخضر، وتم تسويقه للمغاربة كمخطط سيحقق الأمن الغذائي للمغاربة وسيؤمن السيادة الغذائية والحيوانية للمغرب.
للأسف، النتيجة كانت كارثية على كل الأصعدة، ويصدق عليها المثل الشعبي: "لاحمار لاسبعة فرنك". أي لا المبلغ الفرعوني (52 مليار درهم) ظل في خزينة المغرب من جهة، ولا المغاربة استفادوا من انخفاض أسعار اللحوم والخضر والفواكه من جهة ثانية.
وتبلغ الخيبة ذروتها إذا علمنا أن غلاف 52 مليار درهم، هو مبلغ "لايجمعه فم"، بالنظر إلى أن هذا المبلغ يمثل حوالي 4% من الناتج الداخلي الخام للمغرب.
تخيلوا لو أن هذا المبلغ الكبير تم ضخه في قطاعات إنتاجية مفيدة للشعب (وليس منحه للوبيات والمافيات) وماذا كان سينجم عن ذلك من توسيع لوعاء الثروة وخلق مناصب الشغل، أو برمج هذا الغلاف المهم لإنجاز "أوطوروت" تربط بين الحسيمة وأسا (و"يشيط الخير"، لأن الطريق المزودج بين تيزنيت والداخلة بطول 1055 كلم لم يكلف سوى 10 ملايير درهم!)، أو برمج لإنجاز قناطر على الأودية لفك العزلة عن المراكز الحضرية الصاعدة (دار الكداري، بزو، تونفيت، زايدة، إملشيل، جماعة كلاز، تمحضيت، واو مانة، تيسينت، أكدز، مريرت، سيدي لحسن، إغرم، ثلاث يعقوب، تيسينت، والماس، مسمرير، ميضار، كيكو، مرموشة، واللائحة طويلة...).
مأساة المغرب أنه بعد كل فضيحة نهب وتبذير المال العام لا تتم محاسبة المسؤول الحكومي عن جرائمه المرتكبة في حق الشعب، إلا بعد مرور عقدين أو ما يزيد عن الفضيحة، بشكل لا يحقق العدالة المطلوبة ولا ينهض الفعل (أي محاكمة المسؤول العمومي) ليكون رادعا لكل مسؤول حكومي أو عمومي يتولى تدبير مؤسسة عمومية. عشنا هذه المأساة/الملهاة في قضية ملايير الضمان الاجتماعي، وفي ملايير المكتب الوطني للمطارات، وفي فضيحة ملايير البرنامج الاستعجالي للتعليم.
وغدا (أقصد بعد 15 أو 20 سنة)، سنسمع أن الدولة حركت المساطر القضائية لمحاكمة أخنوش عن إهداره 52 مليار درهم في "مخطط أسود". وحينها سيصرخ الشعب:" وماذا سنربح كمواطنين من محاكمة الوزير على فضيحة وقعت في عام الفيل؟!"
إن الوضع لن يتغير، والسيبة والتسيب ستظلان لازمتين للتدبير الحكومي للشأن العام، مادامت الدولة في المغرب ينطبق عليها: "كم لبثنا في الكهف؟!"