الخميس 2 مايو 2024
اقتصاد

القدوري: ضعف الثقة والأمن في نظام الأداء الإلكتروني والضرائب سبب ارتفاع التعامل ب"الكاش"

القدوري: ضعف الثقة والأمن في نظام الأداء الإلكتروني والضرائب سبب ارتفاع التعامل ب"الكاش" نورالدين القدوري، أستاذ وباحث في العلوم الاقتصاد والتسيير
يفرض استمرار التداول النقدي للمغاربة بـ"الكاش"، عوض التعامل المالي الرقمي الإلكتروني، تحديات كبرى على الاقتصاد الوطني، المسألة التي جعلت عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، يدق ناقوس الخطر، ويدعو الجهات المعنية بالبحث عن أسباب تفضيل المغاربة الأداء نقدا.
جريدة "أنفاس بريس" فتحت النقاش حول هذا الموضوع، مع خبراء في الاقتصاد، ومحللين في المجال النقدي لمقاربة الأسباب، والحلول.
رأي القدوري نورالدين أستاذ وباحث في العلوم الاقتصاد والتسيير، عضو مجلس الإدارة للجمعية المغربية للعلوم الاقتصادية، عضو منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية:

ضعف الثقة، والأمن في نظام الأداء الإلكتروني، يعتبران محددان أساسيان في استمرار استعمال المستهلكين للأداء االنقدي، من جهة. 

ومن جهة أخرى، يرجع ذلك الى التهرب الضريبي، والتملص من تعقب الكتلة النقدية، خصوصا أن الاقتصاد الغير المهيكل يمثل %30 من الناتج الداخلي الخام حسب دراسة أنجزت من طرف بنك المغرب سنة 2021. اذ نلاحظ، رغم أن المغرب يتوفر على شبكة أبناك قوية، تصنف كأبطال وطنيين، نظرا لامتداد فروعها في الدول الافريقية، فانه لا يزال يصنف ضمن الدول الأكثر ارتباطا ب"الكاش"، فحجم الأداء نقدا بلغ %74 من مجموع وسائل الأداء (حسب دراسة صدرت في غشت 2022 للمنصة الانجليزية Merchant Machine)، كما قدر حجم التداول النقدي سنة 2021، %27 من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يمثل معدل 8780 درهما كحوزة لكل مواطن مغربي. وقد ساهمت الأزمة الصحية في تكريس هذا التداول، اذ على عكس الدول الأوروبية التي شهدت تراجعا في استعمال الأوراق النقدية، كسلوك وقائي من الإصابة بالفيروس، فإن المغرب عرف ارتفاعا على طلب "الكاش" بنسبة 20% سنة 2020.  الأمر الذي يؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني، اذ تعاني الأبناك من نقص في السيولة، ما دفع بنك المغرب الى عمليات إعادة شراء سندات الخزينة (BDT) من البنوك في السوق الثانوية، بمبلغ يقارب 16 مليار درهم. كما أن التهرب الضريبي، عبر تقنيات التداول النقدي يفوت مداخيل التحصيل الضريبي على خزينة الدولة. بالإضافة الى كلفة استصدار الأوراق النقدية، وتوزيعها، وتأمينها، التي تمثل 0,8% من الناتج الداخلي الخام، أي 10 مليار درهم ( 0,40 درهم لكل ورقة نقدية).

هل المستقبل سيكون كما في أوروبا للتعامل بالبطائق عوض الكاش؟
المغرب أدرج منذ قانون مالية سنة 2016، عدة تدابير ضريبية للحد من استعمال الأداء النقدي في المعاملات التجارية، وصولا الى تسقيف مبلغ أداء الفواتر سنة 2019، في مبلغ 5000 درهما نقدا في اليوم، مع نفس المورد،  وذلك في حدود 50.000 درهما في الشهر. لكن كما قال ميشيل كروزي، فان المجتمعات لا تتغير بالمراسيم، ويبقى الأداء المادي سائدا، ففي حين أن عدد الموزعين النقديين للأبناك في تضاؤل في أوروبا، اذ يتوقع حذف 45% منهم في أفق 2025 في بلجيكا مثلا، فان المغرب عرف ارتفاعا في عددهم، بلغ 7613 وحدة، بزيادة 8,6% سنة 2019 مقارنة مع سنة 2018. علما أن  71٪ من السكان لا يتعاملون مع البنوك. في المقابل، فان تنزيل الاستراتيجية الوطنية للانتقال الرقمي 2030، وانتشار التجارة الالكترونية، وابتكار وسائل جديدة للأداء الالكتروني (كالأداء دون تماس) سيساهمون في ترسيخ ثقافة الأداء اللامادي في السوق المغربي. 

جدير بالذكر كذلك، أن مجلس المنافسة أقر بضرورة الغاء جميع الرسوم المتعلقة بأداء الفواتير الكترونيا، والذي استجاب له جميع الفاعلين الاقتصاديين المعنيين خلال هذه السنة.