الأحد 5 مايو 2024
منبر أنفاس

عبد الواحد زيات: أزمة صناديق التقاعد أزمة نخبة تفكر داخل الصناديق وليس في مستقبل الأجيال

عبد الواحد زيات: أزمة صناديق التقاعد  أزمة نخبة تفكر داخل الصناديق وليس في مستقبل الأجيال عبد الواحد زيات
دراسة بنت عليها الحكومة قناعتها حول إصلاح أنظمة التقاعد برفع سن التقاعد إلى 65 سنةهل هذه الدراسة تم ربطها بالوضع الصحي لفئة عريضة تعاني الأمراض المزمنة، وهشاشة العظام إلى جانب ارتفاع عدد المصابين بداء السرطان والفيروس الكبدي، وأمراض العيون وغيرها، هل تم ربطها بظروف كل حالة حتى يتم تعميم رفع السن على الجميع إجبارا وليس اختيارا، هل تكفي دراسة واحدة لتبني الحكومة قناعتها بهذا الشكل، وهل يمكن أن تحتفظ الحكومة بحيثيات هذه الدراسة لنفسها وتقدم ملخصا صغيرا تحاول من خلاله إقناع الجميع أنها دراسة تحيل مباشرة على إصدار قرار مجحف في حق المحالين على التقاعد، وفي ذات الوقت مجحفا في حق الفئة النشيطة داخل المجتمع التي يحاولون إقناعها أن صلاحيتها تنتهي بعد الوصول إلى سن الثلاثين بتسقيف السن في حدود 30 سنة في جل مباريات التوظيف.

سن التقاعد في المغرب يتم تكييفه من طرف الحكومة بمنطق ديكتاتوري تفرض على الشباب التقاعد في سن مبكرة وتفرض على كبار السن أن يكونوا الفئة النشيطة من خلال القيام بعملية تبادل الأدوار بين الفئتين، وهم يلعمون جيدا أن سن 60 سنة يصل إليه الموظفون والعاملون منهكين بالتعب والأمراض خاصة أن المجتمع المغربي ليس مجتمعا رياضيا حتى يمكن المجازفة بتتبيث سن التقاعد في  65 سنة، وهي الفئة العريضة العاجزة التي أنهكها الزمن والظروف والعمل والأمراض، وهل رفع سن التقاعد يمكن فرضه على الرجل والمرأة على الرغم من ببنية الاختلاف حيث المرأة تجمع بين العمل وتربية الأبناء والبيت وما تخلفه أعراض الولادة على المرأة هل يمكن تطبيق سن التقاعد على المرأة والرجل ليكون سنا موحدا بينهما أم من باب الإنصاف ينبغي إنصاف المرأة لتحصل على سن التقاعد الكامل في 55 سنة ويكون اختياريا إلى حدود 60 بدل المغامرة برفعه إلى 65 سنة.

منطق تسقيف السن هو محاولة لإدخال الشباب إلى دائرة الإحباط واليأس إلى الأمراض النفسية والعقلية ورفع السن التقاعد هو محاولة لزيادة حجم الضغط النفسي والصحي على كبار السن،  هذا التسقيف هو محاولة لتغيير الهرم السكاني ليكون العجز ليس في صناديق التقاعد فحسب بل سيكون العجز في مكونات المجتمع المغربي لأن عمر الشباب عمر العطاء عمر الإنتاج يتم قتله بقرارات جائرة ليست لها أي منطق.

إصلاح صناديق التقاعد لن تكون برفع السن بل  بتوسيع فئة النشيطين في المجتمع وأن يتم توسيع قاعدة الشغل وتعزيز حكامة صناديق التقاعد التي تعرضت إلى الكثير من الهزات.

ما هي العائدات الاجتماعية التي توفرها الدولة للمتقاعدين هل صرف المعاش هي الأدوار التي ينبغي أن تقوم بها صناديق التقاعد فقط، أين هي أدوار باقي الوزارات الأخرى.

وزارة السياحة على سبيل المثال في دول أخرى  ما عليكم إلا أن تستخلصوا الدروس من السياحة التي يستقطبها المغرب، أليست أعداد كبيرة من كبار السن من جنسيات متعددة من أوربا وآسيا وأمريكا وكندا وغيرها هي التي تأتي للاستجمام في المغرب  حيث توفر لهم دولهم وصناديقهم ووكالات اسفارهم عروضا مغرية و تمنحهم معاشات للعيش الكريم والسياحة وغيرها، وترفع معاشاتهم كلما ارتفعت الأسعار.

لكن في المقابل في المغرب يريدون أن يجعلوا العجز مرتبطا بالسن كون  الأزمة في سن فوق الثلاثين و أن الحل يكون في رفع السن إلى 65 سنة، إنه الجنون السياسي والانتحار السياسي أن البلاد تعاني من عقم في النخبة التي بإمكانها أن تفكر خارج منطق زاوية السن بدل التفكير داخل صناديق التقاعد،  وأن الحل الحقيقي يقتضي تعزيز رؤية مستقبلية للوطن في الاستثمار في الأجيال وليس إحباطها.
 
عبد الواحد زيات / طالب باحث  في العلوم السياسية و القانونية