نونو جوديش (يتوسط)، حسن نجمي، ومحمد الأمين الصبيحي، ونجيب خداري الصديقة العزيزة مانويلا جوديش،
تلقينا في بيت الشعر في المغرب، بحزن وأسف عميقين، خبر وفاة الشاعر البرتغالي الكبير ورفيق حياتك الصديق العزيز نونو جوديش.
نزل الخبر علينا صاعقا. إذ لم تكن هناك مقدمات ليُعتبر خبر موته عاديا. ولا شكّ أن ردود الفعل السريعة التي جاءت في أعقاب هذا الخبر تؤكّد هول الصدمة لدى الأصدقاء والقراء، وتمنحنا جميعًا الثقة في المشروع الشعري القويّ الذي انخرط فيه نونو، وظلّ يغذّيه بخبرته الجمالية وحسّه الشعري المرهف وعمق معرفته الأدبية واللغوية والفكرية.
سنحتفظُ في ذاكرتنا، كشعراء وشاعرات مغاربة داخل بيت الشعر في المغرب، بمدى قيمة الصداقة التي جمعتنا مع نونو جوديش، ومعك شخصيا، أنت التي رافقته في حياته، وفي شعره، وفي برامجه و تنقلاته عبر العالم، و تعرفين عنه و عن شعره الكثير من المعطيات و العناصر التي تستحقّ منك كتابا – شهادة قد يضيء للقراء ولنا جميعا بعض الظلال الجميلة من شاعر رسّخ اسمه و قيمته في المشهد الشعري الكوني، سواء بقصيدته المغايرة أو بكتاباته الفكرية و النقدية والسردية، وكذا بما ظلّ يشيّده في صمت من علاقات وصداقات وتخاطبات إنسانية رائعة.
نحتفظ له أيضا بحضوره المشعّ بيننا عندما جاء إلى المغرب ليتسلّم جائزة الأركانة العالمية للشعر في فبراير سنة 2017. كان سعيدا بتلك الالتفاتة المغربية، كما كنا سعداء به وبقيمته الشعرية. وكان قرار لجنة التحكيم واضحا في التأكيد بأن نونو جوديش "متعدد الأساليب والتيمات دون أن يتنازل عن الاشتغال على مستوى أشكال وتقنيات الكتابة الشعرية، بأنساقها الإيقاعية الممتدة من الأغنية أو السوناتة، في تعايش مع السيلفات والكتل الشعرية أو قصيدة النثر التي تصل معها شعرية نونو جوديس إلى مستويات من القلق الإبداعي بالغة العمق والشفافية والإدهاش"، كما أكد قرار اللجنة وقتئذ"أنّ التبصر والعمق في تأمل الأشياء لدى الشاعر جعلاه يستقصي الجذور الخفية للقول الشعري في مسارات بحث لا ينقطع عن الجوهر اللغوي للإبداع الشعري. كما لمس لديه اقتدارا قويا على الحكي وتوظيف السرد الذي يساهم في رسم استراتيجيات وظيفية جديدة للنص الشعري، مستحضرا الأبعاد الأوتوبيوغرافية التي تقرب الشعري من المكاشفة المفتوحة على الذات والأحاسيس والتجارب، بما فيها الحميمي والمنفلت المستعصي على الوصف".
الصديقة العزيزة،
على روح الشاعر الكبير نونو جوديش الرحمة والسلام، ولك وللأسرة أصدق تعازينا، والعزاء أيضا إلى جميع أصدقائه وزملائه وزميلاته في المشهد الشعري البرتغالي الراهن.
سنفتقد نونو جوديش دائما، وسنستحضره بإخلاص وروح الصداقة وسيبقى دائما بيننا.
مراد القادري
رئيس بيت الشعر في المغرب
الرباط في 18 مارس2024
