سبق وكتبت في تدوينة سابقة أن السلطان المغربي محمد بن عبد الرحمان (محمد الرابع)، الذي حكم المغرب ما بين 1859 و 1873، كان ملما بعلم الرياضيات وعلم الفلك وأنه قام بترجمة واحد من أهم الكتب العلمية في زمنه للعالم الرياضي الفرنسي جيروم لالاند (رسالة في علم الفلك).
أضيف اليوم، أن هذا السلطان المغربي منذ كان وليا للعهد خليفة لوالده عبد الرحمان بن هشام على مراكش، قد اشتغل على اختراع عدد من الآلات الحسابية المندرجة ضمن علم الهندسة والقياس.
أشير اليوم إلى معلومة جد هامة تاريخيا، هي اختراعه لآلة قياس حسابية خاصة بمواقيت الصلاة وشروق الشمس وغروبها وتوالي ساعات اليوم، لا تزال متبثة إلى اليوم على واحد من حيطان جامع مدرسة بن يوسف بمراكش. التي أشار إليها بن عبد الله الموقت المراكشي في كتابه "السعادة الأبدية في التعريف بمشاهير الحضرة المراكشية" (أنظر الصورة).
أكثر من ذلك فإن ذات السلطان المغربي سيعمل على ابتكار صناعة آلة قياس حسابية دقيقة من نوع "آلة مقياس جنتر" وأجود منها، مع تأليفه كتيبا تفسيريا حولها. للأسف بقي مخطوط الكتيب وضاعت الآلة تلك (إلى أن يتبث البحث في الأرشيف المخزني العكس). عنوان المخطوط الذي حرره السلطان محمد الرابع بيده هو "نخبة الملوك لمن أراد إلى الأوقات أو القبلة السلوك" (أحال على تفاصيله المؤرخ المغربي محمد المنوني في كتابه "مظاهر يقظة المغرب"). الذي يقول فيه:
"اخترعتُ شكلا ثابتا شافيا كافيا لما صنف قبله في العروض والسماوات والجهات والميول والظلال والإرتفاعات والأطوال والأوقات والقبلة (...).
فلقنتُ عمله المختصر البديع الأفخم الطالب محمد الأشخم، المتعين من الناض حذاق أصحابنا في ذلك، لينتج منه آلة على نحو الإشارة، فأنقها وطرزها وأتقنها، ففاقت الرومية الآتية من هنالك وقد أسفرت عن وجه التحقيق اللثام وتحت الشمس ينسكب الغمام.".
واضح من خلال منطوق ما دونه هذا السلطان المغربي أنه ملم بمبادئ الفيزياء الرياضية حين حديثه عن شكل الرسم الذي كلف بتنفيذه الطالب المغربي محمد الأشخم الزرهوني من مدينة مولادي إدريس زرهون، الذي يستحضر فيه تراكب حسابات العروض والميول والظلال والإرتفاع والطول والمسافات الزمنية. (أنظر الصورة لنموذج ما كان يسميه المغاربة "الركلة العجمية" الشبيهة بتلك التي صنعها السلطان محمد الرابع).
السؤال:
لماذا لم تتحول تلك الإختراعات الحسابية إلى أداة تعليمية تربوية ضمن النظام التعليمي التقليدي بالمغرب؟. واضح أنها صارت وسيلة تربوية في مجالات معينة ضمن ذلك النظام التعليمي بالمغرب. لكن ما المدى الذي بلغته؟ ولماذا لم يتم التأسيس عليها لخلق جيل من الحيسوبيين العلماء الفيزيائيين والرياضيين بالمغرب في القرن 19؟. لماذا بقي هم الإصلاح نخبويا في المغرب على مستوى رأس السلطة وجزء من الحاشية ولم يتحول إلى تيار مجتمعي؟.
مرة أخرى، السر في التعليم وإصلاحه وتطويره لصناعة الإنسان المغربي الجديد حينها.
"اخترعتُ شكلا ثابتا شافيا كافيا لما صنف قبله في العروض والسماوات والجهات والميول والظلال والإرتفاعات والأطوال والأوقات والقبلة (...).
فلقنتُ عمله المختصر البديع الأفخم الطالب محمد الأشخم، المتعين من الناض حذاق أصحابنا في ذلك، لينتج منه آلة على نحو الإشارة، فأنقها وطرزها وأتقنها، ففاقت الرومية الآتية من هنالك وقد أسفرت عن وجه التحقيق اللثام وتحت الشمس ينسكب الغمام.".
واضح من خلال منطوق ما دونه هذا السلطان المغربي أنه ملم بمبادئ الفيزياء الرياضية حين حديثه عن شكل الرسم الذي كلف بتنفيذه الطالب المغربي محمد الأشخم الزرهوني من مدينة مولادي إدريس زرهون، الذي يستحضر فيه تراكب حسابات العروض والميول والظلال والإرتفاع والطول والمسافات الزمنية. (أنظر الصورة لنموذج ما كان يسميه المغاربة "الركلة العجمية" الشبيهة بتلك التي صنعها السلطان محمد الرابع).
السؤال:
لماذا لم تتحول تلك الإختراعات الحسابية إلى أداة تعليمية تربوية ضمن النظام التعليمي التقليدي بالمغرب؟. واضح أنها صارت وسيلة تربوية في مجالات معينة ضمن ذلك النظام التعليمي بالمغرب. لكن ما المدى الذي بلغته؟ ولماذا لم يتم التأسيس عليها لخلق جيل من الحيسوبيين العلماء الفيزيائيين والرياضيين بالمغرب في القرن 19؟. لماذا بقي هم الإصلاح نخبويا في المغرب على مستوى رأس السلطة وجزء من الحاشية ولم يتحول إلى تيار مجتمعي؟.
مرة أخرى، السر في التعليم وإصلاحه وتطويره لصناعة الإنسان المغربي الجديد حينها.