الأحد 28 إبريل 2024
سياسة

اليونسي: بعد 2011 صار هناك طلب مكثف من طرف الأحزاب على الأعيان بغض النظر عن صفاء ذمتهم المالية

اليونسي: بعد 2011 صار هناك طلب مكثف من طرف الأحزاب على الأعيان بغض النظر عن صفاء ذمتهم المالية عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الأول سطات
نشرت جريدة "الوطن الآن" ملفا حول "فشل المغرب فـي وأد الفساد". عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الأول سطات، ساهم في هذا الملف بتحليل عدد من الأسباب التي جعلت بعض الأحزاب مرتعا للإنتهازيين، والفساد الذي صار مستشريا في بعض الأحزاب السياسية.
جريدة
"أنفاس بريس" تنشر رأي عبد الحفيظ اليونسي...
 
 
وظائف‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬محددة‭ ‬في‭ ‬الدستور،‭ ‬تأطير‭ ‬المواطنات‭ ‬والمواطنين،‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬السلطة،‭ ‬بالإضافى‭ ‬إلى‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الوطنية،‭ ‬والقيام‭ ‬بدور‭ ‬الوساطة‭.‬

وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬للقيام‭ ‬بهذه‭ ‬الوظائف،‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬العنصر‭ ‬البشري،‭ ‬وهذا‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬السياسي‭ ‬باعتباره‭ ‬آلية‭ ‬تنظيمية‭ ‬حديثة،‭ ‬تتطلب‭ ‬مستوى‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬المزاوجة‭ ‬بين‭ ‬الشق‭ ‬النضالي،‭ ‬والشق‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬المناضل،‭ ‬أو‭ ‬العضو‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬السياسي،‭ ‬أن‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬أفكار‭ ‬الحزب،‭ ‬وإيديولجيته،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬العام‭ ‬للعمل‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭.‬

لكن‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬تعرف‭ ‬مشاكل‭ ‬كثيرة،‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ذاتي،‭ ‬وماهو‭ ‬موضوعي،‭ ‬ومنذ‭ ‬2011‭ ‬إلى‭ ‬اليوم،‭ ‬هناك‭ ‬طلب‭ ‬مكثف‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬بروفايل‭ ‬محدد،‭ ‬يقطع‭ ‬مع‭ ‬بروفايل‭ ‬المناضل،‭ ‬وبروفايل‭ ‬السياسي‭ ‬أيضا،‭ ‬حيث‭ ‬صار‭ ‬البحث‭ ‬على‭ ‬بروفايل‭ ‬الأعيان،‭ ‬من‭ ‬يستطيع‭ ‬الحسم‭ ‬في‭ ‬المقعد‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬ماضيه‭ ‬أو‭ ‬حاضره،‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬ذمته‭ ‬المالية،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬سلوكه‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭.‬

الحزب‭ ‬لا‭ ‬يسأل‭ ‬عن‭ ‬مسار‭ ‬هذا‭ ‬الشخص،‭ ‬ولا‭ ‬يسأل‭ ‬عن‭ ‬مصدر‭ ‬ثروته،‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬سمعته‭ ‬وسط‭ ‬الناس،‭ ‬بل‭ ‬السؤال‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬هذا‭ ‬الفاعل‭ ‬الجديد،‭ ‬ولو‭ ‬أن‭ ‬الأعيان‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬متواجدين‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية،‭ ‬لكن‭ ‬الأعيان‭ ‬الجدد‭ ‬يدخلون‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬لحماية‭ ‬مصالحهم،‭ ‬ومراكمة‭ ‬الثروة،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬متابعة‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬المهول‭ ‬30‭ ‬شخصا‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية،‭ ‬والعشرات‭ ‬من‭ ‬المنتخبين،‭ ‬يسائل‭ ‬المنظومة‭ ‬القانونية‭ ‬الانتخابية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية،‭ ‬وأقصد‭ ‬هنا‭ ‬القوانين‭ ‬الانتخابية‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬لهؤلاء‭ ‬بالولوج‭ ‬إلى‭ ‬مناصب‭ ‬المسؤولية‭.‬

وبالتالي،‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬رهانها‭ ‬حسابي،‭ ‬مرتبط‭ ‬بعدد‭ ‬المقاعد،‭ ‬وليس‭ ‬رهان‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬أفكارها،‭ ‬إيديولوجيتها،‭ ‬ومسؤوليتها‭ ‬تجاه‭ ‬الدولة،‭ ‬والمجتمع،‭ ‬ومن‭ ‬يتحمل‭ ‬المسؤولين‭ ‬إذن‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬هو‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬مقعد‭ ‬بأي‭ ‬ثمن‭.‬

وفيما‭ ‬يخص‭ ‬تقارير‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات،‭ ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمسار‭ ‬القضاء،‭ ‬فهذه‭ ‬التقارير‭ ‬إما‭ ‬تنجزها‭ ‬المفتشيات‭ ‬العامة‭ ‬التابعة‭ ‬للوزارات،‭ ‬خصوصا‭ ‬«الداخلية‭ ‬والمالية»،‭ ‬هذه‭ ‬المفتشيات‭ ‬تعد‭ ‬تقارير‭ ‬يتم‭ ‬إحالتها‭ ‬على‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬تحريك‭ ‬المسطرة‭ ‬القضائية،‭ ‬وهناك‭ ‬تقارير‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات،‭ ‬أو‭ ‬المجالس‭ ‬الجهوية‭ ‬التابعة‭ ‬لها،‭ ‬لكن‭ ‬الواقع‭ ‬أن‭ ‬يد‭ ‬المحاكم‭ ‬المالية‭ ‬مكبلة‭ ‬بسبب‭ ‬المادة‭ ‬111‭ ‬وهذه‭ ‬مناسبة‭ ‬لإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المادة،‭ ‬لكي‭ ‬يصبح‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬بالمجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات‭ ‬إحالة‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬يظهر‭ ‬فيها‭ ‬اختلاس‭ ‬صريح‭ ‬للمال‭ ‬العام،‭ ‬على‭ ‬المحاكم‭ ‬العادية‭ ‬دون‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬ينتمي‭ ‬لها‭ ‬المعنيون،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الحالات،‭ ‬دور‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬متابعة‭ ‬قضائية،‭ ‬دور‭ ‬بيداغوجي‭ ‬مهم‭ ‬لتجويد‭ ‬العمل‭.‬