الخميس 6 فبراير 2025
رياضة

لمياء بومهدي أول مدربة مغربية تغزو إفريقيا

لمياء بومهدي أول مدربة مغربية تغزو إفريقيا المدربة المغربية لمياء بومهدي
لم تتردد المدربة المغربية لمياء بومهدي، لحظة حين تلقت عرضا لتدريب نادي "تي بي مازيمبي" الرهيب، فاختارت الاستقرار في مدينة لبومباشي، معقل المعارضة في الكونغو الديمقراطية. في هذه المدينة خطت سطورا جديدة في كتاب حياتها.

وافقت هذه الفتاة الحريزية، على عرض تدريب الفريق الكونغولي، جراء المشروع المقدم من قبل نائبة رئيس فرع كرة القدم النسوية، الحاملة للجنسية الإيطالية، والذي يتضمن تطوير الكرة النسوية بالفريق، وكذا إحداث أكاديمية ذات مستوى عال تضاهي نظيرتها الذكورية.

كانت السيرة الذاتية للمغربية لمياء، كافية لشد انتباه المسؤولة الإيطالية، التي تشرف على الكرة النسائية في نادي تي بي مازيمبي، وفي أول جلسة حوار بحضور رئيس النادي الكونغولي مواسي كاتومبي، عرضت بومهدي مشروعها بدقة الذي يرمي إلى حضور للفريق النسوي للمدينة يوازي تألق الفريق الذكوري لـ"تي بي مازيمبي"، في دوري أبطال إفريقيا، أو بلوغ المباراة النهائية، فأبهر الرئيس ونائبته بالعرض وأضيفت للمياء مهام أخرى على مستوى تكوين مدربات كرة القدم النسوية بالفريق.

خاضت لمياء المغامرة، وأحرزت لقب بطولة الكونغو النسوية للموسم الماضي رفقة مازيمبي، بعد ثلاثة أشهر من الارتباط، كانت كافية لحقن اللاعبات بمحلول مغربي، بل إن الكونغوليات تحولن إلى مساندات للبؤات الأطلس.

إذا كان المغرب سباقا للمغامرة في العمق الإفريقي، منذ بداية الثمانينات من خلال مدربين مغاربة، خاضوا تجارب قارية في العمق الإفريقي، على غرار حميدوش والناصري والشليح وغفلاوي وغيرهم من سفراء الكرة المغربية، إلا أن ارتباط بومهدي كان استثناء في الكرة المغربية في علاقتها بنظيرتها الكونغولية والإفريقية، وهي التجربة الأولى من نوعها، في بلد يبعد عن مسقط رأسها وقلبها بآلاف الكيلومترات.

عندما نقرأ سيرة لمياء بومهدي سنقف عند هوس الكرة الذي يسكنها وهواية المغامرة التي ميزت مسارها، ناهيك عن جمع الشواهد التي تجعلها حاضرة في المشهد الكروي ملمة بمستجدات الكرة النسوية. وهي حاصلة على أرقى شواهد التدريب الإفريقية والعالمية، ما مكنها من تدريب المنتخب  الوطني  المغربي النسوي لكرة القدم  لفئتي تحت 17 و20 سنة، الذي توجت معه بالميدالية البرونزية في الألعاب الأفريقية، التي احتضنها المغرب في 2019.

كلاعبة، مارست لمياء هوسها في صفوف عدة أندية في إيطاليا والنرويج ولبنان، علما أن مشوارها مع المنتخب الوطني بدأ مبكرا عندما كان عمرها لا يتجاوز 16 سنة، في عهد المدرب الوطني آنذاك العلوي سليماني، وكانت أصغر لاعبة ترتدي قميص المنتخب النسوي، وساهمت بشكل كبير في الظفر بالميدالية الذهبية في بطولة شمال إفريقيا وهو أول إنجاز في تاريخ كرة القدم النسوية.

وبعد تألقها ستحمل لمياء لاحقا شارة العمادة مع لبؤات الأطلس، وسيحمل سجلها الكروي أيضا بالعديد من الانجازات، من بينها على الخصوص المشاركة في كأس إفريقيا للأمم في جنوب إفريقيا سنة 2000، كما تم اختيارها ضمن التشكيلة العربية سنة 2007، ونالت العديد من شواهد الاستحقاق لاعبة ومدربة.

في إحدى المباريات ستتوقف مسيرة لمياء كلاعبة، حين تعرضت لإصابة على مستوى الرباط الصليبي، حينها كشف تقرير طبي من طرف طبيب المنتخب المغربي عن صعوبة الإصابة، توقفت لمياء بومهدي عن اللعب بسبب هذا الطارئ. 

ولأن رب ضارة نافعة، فقد تغير مسار البطلة الحريزية من لاعبة إلى مدربة، حيث حرصت على متابعة دراستها في تخصص التدريب والتأطير، وتدرجت في سلم التدريب من أسفله إلى أعلاه، بدءا بدبلوم التدريب محليا، وشاركت في دورة تكوينية في علوم الرياضة في ألمانيا عام 2015، قبل أن تدخل عالم التكوين على مستوى القارة السمراء وتراكم الشواهد.
 
بدأت حكاية العشق بين لمياء والكرة في مدينة برشيد، وهي طفلة صغيرة، وقالت في تصريح صحفي إنه في الوقت الذي تهدي فيه الأسرة لبناتها دمية أو هدية ذات طابع نسوي، كانت لمياء تفضل الكرة كهدية، وكانت والدتها تستجيب لمطلبها وتقتني لها كرة تلبي بها الطفلة حاجتها من اللعب. 

قالت  لمياء بومهدي في تصريحات صحفية سابقة، بأن أسرتها هي أول من اكتشفت موهبتها وشجعتها على المضي قدما في عالم الكرة إلى جانب الذكور. كانت أمها المساند الدائم لها بالرغم من الاحتجاج سرا وجهرا من طرف كثير من الرافضين لممارسة النساء كرة كانت مصنفة في خانة الشأن الذكوري.

حين تأسس فريق فتيات برشيد، كانت لمياء أسعد لاعبة، لأنها وجدت الفضاء الملائم لممارسة شغفها الطفولي، في المدينة التي أنجبت أساطير الكرة المغربية. من عاصمة أولاد حريز ستنتقل بومهدي نحو عوالم أخرى. 

اقتحمت ابنة مدينة برشيد عالم التدريب في كرة القدم النسوية، والتحقت بفريق الوداد الرياضي، وكانت أول تجربة لها في التدريب، حيث حصل الفريق على الرتبة الثالثة في المغرب، ومن قلعة الوداد كانت الوجهة صوب قلعة الجامعة الملكية المغربية في المعمورة.

في سنة 2015 عززت لمياء علاقتها بالكرة، حين اختارت شريك حياتها من الوسط الكروي ومن عالم التدريب، في شخص الإطار الوطني حسن أجنوي الذي أصبح زوجا للمياء بومهدي، وهي حينها مدربة المنتخب المغربي لكرة القدم النسوية الرديف. واحتفل العاشقان لكرة القدم، بحفل زفافهما والذي حضره المقربون من  المدربين، في جو امتزج فيه الفرح بالكرة. كما نشرت بومهدي صور لها على صفحتها الرسمية، والتي تلقت سيلا كبيرا من التهاني، وهي تصر على تخليد فرحة العمر في فضاء لكرة القدم.

وسبق لأجنوي أن درب العديد من الفرق الوطنية، من أبرزها المولودية الوجدية والنادي القنيطري، ما جعل لمياء تحول عالم الكرة من الملاعب إلى بيت الزوجية.