يكشف سعيد العنزي، باحث في سوسيولوجيا الهوية، كيف أن "الأمازيغية هي هوية هذه الأرض المغربية التي تعايشت فوقها مختلف الروافد عبر مختلف سيرورات التاريخ، فالجغرافيا تسائل أسماء الأماكن والحواضر والعادات والتقاليد والثقافة الشعبية والفولكور وغيرها".
وأوضح العنيز، في حوار مع "أنفاس بريس"، أن "علاقة الأحزاب السّياسية المغربية إجمالا متوتّرة مع الأمازيغية، وأن "مداخل إنصاف الأمازيغية متعدّدة أولها رد الإعتبار للطّوبّونيميا من خلال حماية ذاكرة الأرض وإعادة تسمية الحواضر المغربية بأسمائها التاريخية بدل نهج أساليب ما أسميه بـ "النّسخ الهوياتي الممنهج " الذي يمارس لعبة مسح الطاولة".
وفي ما يلي نصّ الحوار:
وأوضح العنيز، في حوار مع "أنفاس بريس"، أن "علاقة الأحزاب السّياسية المغربية إجمالا متوتّرة مع الأمازيغية، وأن "مداخل إنصاف الأمازيغية متعدّدة أولها رد الإعتبار للطّوبّونيميا من خلال حماية ذاكرة الأرض وإعادة تسمية الحواضر المغربية بأسمائها التاريخية بدل نهج أساليب ما أسميه بـ "النّسخ الهوياتي الممنهج " الذي يمارس لعبة مسح الطاولة".
وفي ما يلي نصّ الحوار:
ما رمزية ودلالات الاحتفاء والاحتفال بـ"إض يناير" عطلة رسمية وعيدا وطنيا مؤدى عنه؟
أولا، أؤكد أن الأمازيغية هي هوية هذه الأرض المغربية التي تعايشت فوقها مختلف الروافد عبر مختلف سيرورات التاريخ، بمعنى أن الأرض المغربية تتنفس الأمازيغية؛ ويكفي أن تسائل الجغرافيا من خلال أسماء الأماكن والحواضر، وأن تسائل العادات والتقاليد والثقافة الشعبية والفولكلور لتظهر لك خصوصيات الهوية الأمازيغية تنبعث أصيلة رافضة للتحريف والنسيان.
أولا، أؤكد أن الأمازيغية هي هوية هذه الأرض المغربية التي تعايشت فوقها مختلف الروافد عبر مختلف سيرورات التاريخ، بمعنى أن الأرض المغربية تتنفس الأمازيغية؛ ويكفي أن تسائل الجغرافيا من خلال أسماء الأماكن والحواضر، وأن تسائل العادات والتقاليد والثقافة الشعبية والفولكلور لتظهر لك خصوصيات الهوية الأمازيغية تنبعث أصيلة رافضة للتحريف والنسيان.
ثانيا، من الجحود تجاوز ما قدّمته الحركة الأمازيغية ومعها مختلف القوى الديموقراطية الحية المؤمنة بالتّعدد اللغوي وبالتنوع الثقافي من تضحيات لصالح حماية الأمازيغية والترافع عنها. وبناء عليه لا مراء أن رمزية ترسيم التقويم الأمازيغي كبيرة جدّا وتندرج ضمن تصالح الدولة مع الأمازيغية على كل امتداداتها؛ وحري هنا الإعتراف أن جلالة الملك ما فتيء ينتصر للأمازيغية منذ خطاب أجدير التاريخي وما عقبه من إيمان ملكي راسخ بأهمية الأمازيغية في بوثقة النسيج الهوياتي المغربي ؛ وعليه فإن رمزية ترسيم رأس السنة الأمازيغية بقرار ملكي سديد يؤكد أولا قدرة المغرب على تنزيل مقتضيات الوثيقة الدستورية سيما ما يتعلق بالشخصية المغربية ذات الروافد المتعددة منها الأمازيغي - اليهودي / العبري - العربي - الإسلامي - الحساني - المتوسطي - الإفريقي أساسا لكون المغرب أرض إفريقية قبل كل شيء . والرمزية ثانيا مرتبطة بالإعتراف بالتقويم ( التّحقيق ) التاريخي الأمازيغي الذي يرجع إلى 950 سنة قبل الميلاد لحظة انتصار الأمازيغ تحت حكم "الأكليد" / الملك شيشونغ على الفراعنة، وهذا دفع تاريخي رصين يعضّد تاريخية الهوية الأمازيغية الضاربة في أعماق التاريخ إلى حدّ ثلاثة وثلاثين قرنا قبل الميلاد كما أفاد الباحث محمد شفيق . ثالثا يندرج الإعتراف برأس السنة الأمازيغية ضمن أجرأة منطوق الفصل الخامس من الدستور الذي يعتبر الأمازيغية لغة رسمية، وهو ما يسترعي بالضرورة إدماجها في مختلف مستويات النسيج الحضاري للمغرب. وبالتالي فالرّمزية ثابتة وبشرعية قوية تنتهي إلى توطيد مشروعية سؤال ما أسميه ب " براديغم الأمن الهوياتي للمغاربة " الذي تعتبر الأمازيغية ماهيته الصلبة.
لكن، ما الذي تحقّق للأمازيغية في حكومة الأحرار؟
أفيد بداية أن علاقة الأحزاب السّياسية المغربية إجمالا متوتّرة مع الأمازيغية باستثناء مواقف حزب الحركة الشّعبية الذي ولد في عام 1958 لدواعي تكتيكية مرتبطة برفض الدولة لاستئساد الحزب الوحيد الذي مثّله حزب الإستقلال عصرئذ والذي طالما يعادي الأمازيغية رغم بعض أشكال التوظيف السّياسوي لها. وعليه فتعقّب تاريخ الأحزاب المغربية منذ كتلة العمل الوطني عام 1933 ؛ سواء "التّاريخية " منها أو "الإدارية" ، وخاصة مع ميلاد حزب الإستقلال عام 1944 ، أو حتّى الحزب - الوافد الجديد الذي ولد من رحم "حركة لكل الديموقراطيين"؛ يفضح زيف الإيمان بشرعيّة القضية الأمازيغية التي تستند إلى دفوع تاريخية - حضارية - طوبونيمية - سوسيولوجية - أنتروبولوجية - جغرافية - ثقافية - عمرانية بما يقضّ فعلا مضجع الفرقاء الحزبيين الذين كانوا لعقود يؤدون الولاء الأيديولوجي للشّرق ( أحزاب اليسار العروبي ) أو للغرب ( أحزاب اللّيبرالية المستوردة في سياقات التبعية للمتروبول الفرنسي ) ضدّا على ثقافة هذه الأرض المتعددة وفق نظيمة "تمغرابيت" الزّاخرة بالتعدّد وفق قاعدة ما أسمّيه "الوحدة في التّنوع وليس التّنوع في الوحدة".
أفيد بداية أن علاقة الأحزاب السّياسية المغربية إجمالا متوتّرة مع الأمازيغية باستثناء مواقف حزب الحركة الشّعبية الذي ولد في عام 1958 لدواعي تكتيكية مرتبطة برفض الدولة لاستئساد الحزب الوحيد الذي مثّله حزب الإستقلال عصرئذ والذي طالما يعادي الأمازيغية رغم بعض أشكال التوظيف السّياسوي لها. وعليه فتعقّب تاريخ الأحزاب المغربية منذ كتلة العمل الوطني عام 1933 ؛ سواء "التّاريخية " منها أو "الإدارية" ، وخاصة مع ميلاد حزب الإستقلال عام 1944 ، أو حتّى الحزب - الوافد الجديد الذي ولد من رحم "حركة لكل الديموقراطيين"؛ يفضح زيف الإيمان بشرعيّة القضية الأمازيغية التي تستند إلى دفوع تاريخية - حضارية - طوبونيمية - سوسيولوجية - أنتروبولوجية - جغرافية - ثقافية - عمرانية بما يقضّ فعلا مضجع الفرقاء الحزبيين الذين كانوا لعقود يؤدون الولاء الأيديولوجي للشّرق ( أحزاب اليسار العروبي ) أو للغرب ( أحزاب اللّيبرالية المستوردة في سياقات التبعية للمتروبول الفرنسي ) ضدّا على ثقافة هذه الأرض المتعددة وفق نظيمة "تمغرابيت" الزّاخرة بالتعدّد وفق قاعدة ما أسمّيه "الوحدة في التّنوع وليس التّنوع في الوحدة".
وأعتبر أن كل الحكومات الوافدة منذ 2011 لم تقدّم للأمازيغية أي شيء، بالأحرى استمرّ مسلسل تعريب الجغرافيا وتزييف التّاريخ والقضاء على هوية الأرض من خلال أدلجة التّمدين وغزو الإستيلاب للأرياف ضمن معركة المسح الممنهج لثقافة الأرض عبر دعم الثقافة المضادة . وحزب التجمع الوطني للأحرار عمل عبر مبادرات متعدّدة على استثمار الأمازيغية من خلال استقطاب بعض رموز القضية الأمازيغية لكن فشل في ذلك تحت عنف التحريفية الحزبوية المفضوحة رغم أنه من ٱسف نجح فعلا في استقطاب نخبة من مناضلين القضية الأمازيغية دون أية فاعلية في البراكسيس الهوياتي . وعليه أؤكد أن ما أسميه ب " براديغم الأمن الهوياتي للمغاربة " يقتضي امتلاك الدّولة للجرأة كاملة من أجل مصالحة حقيقية مع "الطّوبّونيميا" ومع التاريخ الحقيقي لهذه الأرض ومع مختلف امتدادات الثّقافة الشّعبية للمغاربة والفولكلور كنسق ثقافي - رمزي زاخر بمقومات الأمازيغية - تمغرابيت . وما دون ذلك فلا يمكن إلاّ الإعتراف أن الأحزاب السياسية، بما فيها الحزب الأغلبي في الفريق الحكومي الحالي، تتعامل بمنطق ما أسميه " الكارنافالية الثّقافية " أو فلكلرة القضية الأمازيغية، أو اعتبار الأمازيغية ورقة سيّاسية قابلة للتّوظيف الإنتخابوي إبّان الحملات السياسية التي تستغلّ الأمازيغية بأشكال من "بؤس المرجعية الفكرية" خدمة لجشع كسب الأصوات الإنتخابية .
وما المطلوب من الدّولة فعله لأجل تمكين حقيقي للأمازيغية في مغرب دستوره اللّغة الأمازيغية الثانية في البلاد؟
أعتبر أن مداخل إنصاف الأمازيغية متعددة أولها رد الإعتبار للطّوبّونيميا من خلال حماية ذاكرة الأرض وإعادة تسمية الحواضر المغربية بأسمائها التاريخية بدل نهج أساليب ما أسميه بـ "النّسخ الهوياتي الممنهج " الذي يمارس لعبة مسح الطاولة . وأذكّركم فقط أين أسماء مددننا وجهتنا مثل " حاحا والشّياظمة " و " تنسيفت الحوز " و " دكالة عبدة " و " الشّاوية ورديغة" و " الغرب الشراردة بني حسن " و غيرها كثير !!. أليس القفز على هذه الحمولة الحضارية تزوير حقيقي ممنهج أمامنا رغم قوّة ما جاء به الدستور في باب الهوية الوطنية ؟!. أليس العجز عن تعميم إدماج الأمازيغية في مختلف أسلاك التّربية والتعليم كذلك مدخل مهدور لدواعي رفض بعض من صنّاع القرار مواصلة تعزيز إدماج الأمازيغية في المدرسة والجامعة؟. أليس تصحيح التّاريخ المغربي عبر الإعتراف ببعض الحقائق التاريخية الحارقة، مثل أسبقية الدولة البورغواطية على إمارة الأدارسة، وقول الحقيقة في كيف مات طارق بن زياد الأمازيغي الذي نشر الإسلام بالأندلس ثم مات متشرّدا بالشّام بلا قبر ؟!. ولماذا لا تمنح الدّولة لقبر يوسف بن تاشفين ما يليق به من اعتبار حتى يكون ضريحا يليق بإمبراطور مغربي نجح في نزع الشّرعية عن ملوك الطوائف ووحد شمال إفريقيا والسودان الغربي تحت حكم مراكش عاصمة صنهاجة التاشفينية التي تقدم الدليل على مغربية الصحراء الجنوبية وفق دفع تاريخي صلب ؟! ولماذا تعمل مكاينة الإعلام المغربي الرّسمي فعلتها من أجل تكريس الإستيلاب والإغتراب حتى أصبح المغاربة يخجلون من أسماء آبائهم وأمهاتهم مثل الباتول والمعطي والزّاهية وحادة وميمون وحدّو وقدّور .. وكلّها أسماء مغربية أصيلة ميّزت هذه الأرض عن الشّرق وعن الغرب معا قرونا طويلة قبل أن يحلّ علينا خريف المسخ والعار الهوياتيين تحت وقع الإستيلاب الممنهج. وعليه لا شكّ أن المداخل متعدّدة منها المدرسة والجامعة والإعلام والمصالحة مع التاريخ والطّوبّونيميا وغيرها. وأستنتج ناقلة القول أن الأمازيغية قضية مركبة بحمولات حضارية تنويرية في علاقتها بالنّوع ( المرأة ) وبالوجود والدين عبر نسقية القيم التي تحملها الأمازيغية كهوية هذه الأرض المغربية الضّاربة في شرعية التاريخ .