الأحد 24 نوفمبر 2024
خارج الحدود

كريم..ضابط جزائري سابق: بوتفليقة يحلم بجنازة رئاسية شبيهة بجنازة الحسن الثاني.

كريم..ضابط جزائري سابق: بوتفليقة يحلم بجنازة رئاسية شبيهة بجنازة  الحسن الثاني.

وصف كريم مولاي، ضابط سابق في المخابرات الجزائرية (بين 1987 و2000) والخبير في الشؤون الأمنية، الرئيس بوتفليقة ب "الدمية" التي لا تظهر إلا عند الطلب. وقال بأن  شقيق الرئيس، السعيد بوتفليقة، تحول إلى رقم مهم في المعادلة السياسية. ولم يفت محاورنا التوقف عند مفارقة كون الجزائر تسبح في ثروة نفطية بينما الشعب يموت جوعا وعطشا. وبعد أن اعتبر الإعلام الجزائري بكونه يخضع لرئيس تحرير واحد، ألاوهو الجيش، اتهم الجزائر بالتورط سلبا في أحدلث ليبيا وتونس خوفا من نجاح الانتقال الديمقراطي هناك واحتمال تأثير ذلك على مصالح اللوبي العسكري المتحكم في خيرات الجزائر. وفيما يلي نص الحوار:

 

هناك، غموض يلف الحياة السياسية في الجزائر على مستوى قصر المرادية، بحيث أن الرئيس المنتخب لم يظهر في المشهد السياسي الجزائري منذ زمن، كيف تفسر ذلك؟

 

 الرئيس المقعد عبد العزيز بوتفليقة غائب عن المشهد السياسي الجزائري منذ أمد بعيد، وهو لم يظهر على الساحة حتى يوم الانتخابات الرئاسة التي فاز بها بالأغلبية في مشهد سوريالي لم يعرف العالم له مثيلا إلا في الجزائر الجريحة، وهو في الحقيقة غطاء لجنرالات يقبضون بأيديهم على مقدرات الجزائر ويتحكمون فيها بعيدا عن رقابة الجزائريين وممثليهم.

بوتفليقة يظهر عند الطلب، وهو دمية يتم التحكم فيها من أطراف عسكرية، لكن لا بد من الانتباه إلى أن شقيقه،السعيد بوتفليقة، تحول إلى رقم مهم في المعادلة السياسية، وهو يدير جزءا من معادلة الدولة الجزائرية البائسة من وراء الستار.

 

الطبقة السياسية في الجزائر، مشدودة إلى تبعات المشاورات حول التعديلات الدستورية، فيما يسود في الأفق حديث عن تعديل حكومي في الجزائر، ما قراءتك لهذه المسألة؟

الحديث عن التعديلات الدستورية وإمكانية التعديل الحكومي محكومة بطبيعة الصراع الدائر بين جناحي السلطة: الرئاسة والمؤسسة العسكرية، وأعني هنا الرئاسة ممثلة في شقيق الرئيس السعيد بوتفليقة ومن معه من أتباع الرئيس، وهم جناح يضعف يوما بعد يوم، والمخابرات العسكرية التي لا تزال تمسك بالمؤسسات الرسمية في الجزائر، وتدير الأمور من خلف الستار، وتتحكم في القرارات الجوهرية للجزائر.

لقد أجرت الرئاسة مشاورات مع الديكور السياسي المعترف به بشأن هذه التعديلات الدستورية، ويبدو أن الأمور جاهزة، وأن أي تعديلات مرتقبة لن تمس بجوهر الحكم أو معادلاته القائمة. أما مسألة التعديل الحكومي فهي مرتبطة كذلك بتطورات المشهد الداخلي، ولا سيما ما يتصل منها بصحة الرئيس التي لا تخلو من مفاجآت، بمعنى أن أي تعديل حكومي سيأخذ بعين الاعتبار صحة الرئيس الذي أعرب في تصريحات شهيرة أنه يريد أن يموت وهو في منصب الرئاسة، حتى تتم له جنازة رئاسية شبيهة بجنازة العاهل المغربي الحسن الثاني.

 

ما الذي يجعل الجزائر لا تظهر عليها نعمة البترول والغاز على المستوى الاجتماعي، بحيث نجد أنها تتخبط في أزمة الخبز، و أزمة الماء الصالح للشرب، و أزمة الحليب، وغير ذلك؟

 هذا سؤال مؤلم لكل جزائري، إذ أن الجزائر تعوم على ثروة باطنية هائلة من النفط والغاز، لكنها للأسف لا تظهر على الشعب الجزائري، بسبب سيطرة عصابة من الفاسدين على مدخرات وخيرات الجزائر بعيدا عن أعين الشعب الجزائري وفي غفلة منه. فالمتحكمون بمقدرات الجزائر هم جنرالات عسكريون يبيعون مصالح الجزائر لشركات أجنبية تؤمن لهم الغطاء للاستمرار في نهبهم لمقدرات البلاد.

 

الخطوط الجوية الجزائرية تمر بفترات عصيبة، برأيك ما الذي قاد الجزائر إلى هذا الوضع؟

الخطوط الجوية الجزائرية مثلها مثل غيرها من مؤسسات الجزائر المختطفة بأيدي عصابات مافيوزية تمكنت من التغلغل داخل مؤسسات الدولة الجزائرية، وحالت دون الجزائريين والتنعم بخيرات بلادهم بعيدا عن المحاسبة والشفافية المطلوبة. وقد سرى على مؤسسة الخطوط الجوية الجزائرية ما سرى على مؤسسات جزائرية كبرى منها كسوناطراك وغيرها من المؤسسات الجزائرية العملاقة، التي كان الجزائريون يعولون عليها في أن تكون سندا لهم في مواجهة تحديات اقتصاد السوق الذي لم يترك شاردة ولا واردة في عالمنا إلا وقد لحقها برفع الأسعار وزيادة تكاليف الحياة، الذي أحال حياة غالبية الجزائريين الاقتصادية إلى جحيم.

 

كيف تقرأ تنامي الأحداث في و لاية غرداية لمدة تزيد عن 8 أشهر، دون أن تفلح الجزائر في فرض حالة الأمن و الاستقرار بها؟

 غرداية جرح نازف، وهو عبارة عن مخبر تجارب ومنطقة يجرب فيها جنرالات الجزائر سياسات الترهيب تجاه الشعب التواق إلى الحرية، والذي بدأ يضيق ذرعا بسياسات الفساد والاستبداد. صحيح أن هناك خلافات مذهبية تقليدية ومعروفة، لكن تركها لهذا الانفلات أمر مقصود، لتنبيه الشعب الجزائري الراغب في التغيير أن البديل عن العصابات الحالية هو هذا الاقتتال المذهبي والعنصري المقيت. كما أن الوضع في غرداية يشير في جانب منه إلى ضعف مؤسسات الدولة الجزائرية وعدم قدرتها على ترسيخ الأمن والاستقرار في مختلف الولايات، ذلك أن غالبية قوى الأمن والجيش الجزائري موجودة لتأمين الجزائر العاصمة ضد أي مظاهرات احتجاج أو اعتصامات تخرج، وأيضا مهتمة بترسيخ الأمن على الحدود مع ليبيا وتونس ومالي، بل إنها متورطة في إرباك المشهد الأمني والسياسي في عدة بلدان، ومنها تونس وليبيا، إذ أن نجاح تلك التجارب يعني علنيا أن المحطة المقبلة للتغيير هي الجزائر.

 

يتهم الإعلام الجزائري في جزء كبير منه على أنه تابع وخاضع لتوجهات قصر المرادية، لماذا؟و ما السبب؟

قصر المرادية لا يسيطرعلى الجزائر إلا من حيث الشكل، أما المتحكم الحقيقي في الجزائر، فهم جنرالات ورؤوس عصابات يعيشون في الظل، وهم من يتحكمون في الإعلام، الذي يمكن القول إنه مؤسسة واحدة لها رئيس تحرير واحد وموظفون في مختلف المواقع، كل يعزف من جانب، يتقاسمون الأدوار فيما بينهم دون أن يتم فتح الباب لحريات حقيقية وتعددية إعلامية حقيقية، ولذلك فإن كل ما يجري في وسائل الإعلام لا يتجاوز منطق المسرح.