في جو بعبق سردي أنثوي، عقد نادي القلم المغربي بتعاون مع المركز الثقافي وبإشراف علمي لمختبر السرديات بالدار البيضاء، لقاء ثقافيا أمسية يوم السبت 16 دجنبر لسنة 2023، والتي تأتي في سلسلتها الرابعة من برنامج السرد النسائي، بالمركز الثقافي كمال الزبدي بالبيضاء. شارك في إغناء هذا اللقاء؛ الأساتذة الباحثون؛ إيمان بنيجة، بشرى العلالي، عائشة بوزرار، أنس هاشم، وسعيد بوبكري، وقد قام بتسييره ذ.سالم الفائدة.
المداخلة الأولى كانت لإيمان بنيجة، في موضوع (قلم المرأة صوت للقضايا الاجتماعية والإنسانية، قراءة في رواية "الشمس لا تعرف الظلام")، للكاتبة سناء راكيع، فاستنادا للتراكمات التي عرفها المجتمع على اختلاف قضاياه المتعلقة بالواقع المعيش وسؤال الذات، تمكنت المرأة أن تخترق عالم الكتابة وتنسج نصوصا تجمع بين الواقع والخيال، مع إبرازها للقضايا التي تلامس وتنبع من المجتمع بكل شرائحه، فمن خلال هذا المتن ركزت الكاتبة على قضيتين مهمتين هما؛ قضية المرأة في علاقتها بالوظيفة والزواج والطلاق والأبناء وقضية التكفل وما يرتبط بها من بعد عاطفي من جهة المتكفل وبعد مادي من جهة المتكفلين به والعلاقة فيما بينهما في الآن نفسه.
أما مداخلة بشرى العلالي، فجاءت حول (ذاكرة المكان في رواية "دروب كازابلانكا")، للكاتبة عائشة العلوي لمراني. وقد اعتنت هذه الأخيرة بالمكان عناية خاصة ليس باعتباره مسرحا للأحداث؛ بل ذهبت إلى أنسنته، إضافة إلى سردها لما شاهدته من أحداث تاريخية، مع اعتمادها على الوصف الدقيق له، ووقوفها على المفارقات الحاصلة بين دروب كازابلانكا من جهة التقابل والتناقض والتقاطع فيما بينها، محتفية بذاكرة جمعية حكائية بموازاة مع ذكرها لمدينة باريس، لتطلع القارئ على أهم معالمها، ومقارنتها بمدينة الدار البيضاء؛ مسافرة به عبر ذاكرة ينتمي إليها إلى ذاكرة غريبة عنه.
أما المداخلة الثالثة لأنس هاشيم، (الذات والآخر "تصوير عالم المرأة ونقد الثقافة الذكورية" في رواية "عقد المالونية")، للكاتبة نعيمة السي أعراب، فتدور حول إشكالية الوجود والذات والذاكرة ودور المرأة في المجتمع المتمثل في بنائها للواقع ومحاولتها لتغييره رغم معاناتها من السلطة الذكورية، عن طريق شخصية البطلة "عايدة" المثقفة ذات الشخصية المركبة التي تتوق إلى العيش بعيدا عن النظرة الدونية التي تربط وجودها بالرجل، مع نقدها لهذه الثقافة الذكورية المتسلطة؛ بل بتجاوزها إلى قضايا مجتمعية يعيشها الإنسان المغربي والعربي على السواء. موظفة مكونات الخطاب السردي؛ لترفع من شأن المرأة في جدلية بين الذات والآخر، وتقنية الفلاش باك، لتستحضر أحداثا ماضوية انعكست على بنيتها النفسية؛ فتنحو بذلك منحى السيرة الذاتية، ومنها إلى الموضوعات والتيمات والأبعاد الاجتماعية والسيكولوجية معلنة عن صراع فكري ونفسي للذات الأنثوية.
وأعدّ سعيد بوبكري ورقة بعنوان (شكل الخطاب الروائي المغربي من خلال التراث والتاريخ، رواية الفرناتشي نموذجا)، للكاتبة "أم الخير العسري". فعلى اعتبار الرواية جنسا أدبيا لا يبتعد عن الواقع والحياة اليومية للإنسان، فقد خاضت الكاتبة قضايا إنسانية ارتبطت بالماضي والحاضر والمستقبل؛ باعتمادها على دلالات رغبة منها في إيصالها للمتلقي من خلال تقنيات جديدة في الكتابة الروائية ولعل أهمها استحضار التاريخ سواء مجموعة أحداث تاريخية بعينها أو باستحضار شخصيات تاريخية، إما بأقوال لها أو بما اشتهرت به أو بإعطائها حرية الحكي داخل النص، وإلى جانب التاريخ تستحضر الكاتبة التراث الشعبي وذلك من خلال الاشتغال على بناء النص انطلاقا من الأغنية والمثل والحكاية الشعبية، مثلما الانفتاح على مكون آخر لا يقل أهمية وهو الرسالة. كل ذلك بغية انتاج نموذج آخر أكثر جدة يتأطر ضمن الكتابة الما بعد حداثية الرامي إلى الاهتمام بالمهمش؛ باهتمامها بشخصية تمتهن مهنة بعيدة عن المرأة وتسليطها الضوء عليها.
وأعدّ سعيد بوبكري ورقة بعنوان (شكل الخطاب الروائي المغربي من خلال التراث والتاريخ، رواية الفرناتشي نموذجا)، للكاتبة "أم الخير العسري". فعلى اعتبار الرواية جنسا أدبيا لا يبتعد عن الواقع والحياة اليومية للإنسان، فقد خاضت الكاتبة قضايا إنسانية ارتبطت بالماضي والحاضر والمستقبل؛ باعتمادها على دلالات رغبة منها في إيصالها للمتلقي من خلال تقنيات جديدة في الكتابة الروائية ولعل أهمها استحضار التاريخ سواء مجموعة أحداث تاريخية بعينها أو باستحضار شخصيات تاريخية، إما بأقوال لها أو بما اشتهرت به أو بإعطائها حرية الحكي داخل النص، وإلى جانب التاريخ تستحضر الكاتبة التراث الشعبي وذلك من خلال الاشتغال على بناء النص انطلاقا من الأغنية والمثل والحكاية الشعبية، مثلما الانفتاح على مكون آخر لا يقل أهمية وهو الرسالة. كل ذلك بغية انتاج نموذج آخر أكثر جدة يتأطر ضمن الكتابة الما بعد حداثية الرامي إلى الاهتمام بالمهمش؛ باهتمامها بشخصية تمتهن مهنة بعيدة عن المرأة وتسليطها الضوء عليها.
وتطرقت عائشة بوزرار، في المداخلة الخامسة، في قراءتها لرواية "علاقة خطرة" للكاتبة غيثة الخياط، إلى الطريقة التي نهجتها الكاتبة في وصفها لشعور المرأة في جل تحولاتها والمؤثرات النفسية والاجتماعية المؤثرة فيها، ومدى قدرتها على إثبات ذاتها في تصديها للضغوط المجتمعية، مع امتناعها عن الإفصاح عن مشاعرها وتجاوزها عن طريق الحب. كما وظفت الكاتبة سياقات ثقافية وسياقات الزمن ومفاجآته، سعيا منها إلى رصد الفهم الحقيقي للذات الانثوية عند إحساسها بالخجل أو الفرح وفي درجة البوح بما يجول في كينونتها وفي كتمانها له.
ثم فتح باب النقاش بطرحه لسؤال؛ لماذا تتجه الكتابات إلى الكتابة عن العلاقات الاجتماعية والعاطفية؟ وقد ساهم عدد من الحاضرين بتدخلات في الموضوع، من بينها كلمة الكاتبة نعيمة السي أعراب، بأن كل شيء في هذا الكون منبعه وأساسه هو الحب والعاطفة، ورغم ذلك فروايتها لم تقتصر على هذا الجانب فقط؛ بل اختلفت مواضيعها وقضاياها وتيماتها. أما سلمى براهمة، فقد أثارت طريقة قراءة المتدخلين للمتن السردية، مع ضرورة ابتعادهم عن الأشياء التي تضيع الجهد وليست فيها فائدة في مقابل طرحها للأبعاد المتوخاة التطرق إليها. وقد ركز حليفي شعيب، على ماهية الرواية، فهي بالنسبة له؛ إعادة لتشكيل الحياة والمكان والزمان ثم الذات، وهي الكيفية التي نبدع بها عالمنا، وليست نقلا ومحاكاة للواقع؛ حاثا على ضرورة الاهتمام بأدبنا والانكباب على قراءته والتمعن فيه واستنكاه ما يكتنزه من أبعاد جمالية على اختلاف تيماته.كما تدخل محمد معطسيم حول رواية علاقات خطرة وكتاب التحاب لغيثة الخياط ودوره مراجعا ومترجما، وتطرقت الطاهرة حجاري بدورها إلى القراءة والكتابة ودورهما في بناء الناشئة المستقبلية.