"مرحبا بك ومرحبا بكل مغربي ومغربية في أي وقت جاو عندنا، وأنت أو غيرك من المغاربة، لست في حاجة للاعتذار عن المجئء بدون موعد".
هكذا ردت علي فتيحة، مديرة ومالكة فندق "صوفيا" Sophia بمدينة San Pedro، الذي سيقيم فيه المنتخب المغربي لكرة القدم لخوض مباريات بطولة كأس إفريقيا بالكوت ديفوار، المقررة في يناير 2024.
حين وصلت لفندق صوفيا متأخرا، وطلبت مقابلة المديرة، قالت لي الكاتبة بأنها في اجتماع وسأخبرها إن كانت ستستقبلك اليوم أم لا، بحكم أن الوقت متأخرا ( التاسعة ليلا). وما أن أخبرتها الكاتبة بأن هناك مواطنا مغربيا يود لقائها، حتى خرجت فتيحة بوجه بشوش، وأصرت أن أدخل للمكتب رغم أنها كانت في اجتماع مع مدير ديوان عامل le prefet مدينة "سان بيدرو"، الذي كان يطوف على الفنادق لتدارس ترتيبات كأس إفريقيا وظروف إيواء المنتخبات وتأمين تنقلاتهم وتنظيم السير ووقوف الحافلات والسيارات وما شاكل ذلك، وناولتني عصير الليمون ممزوج بالزنجبيل Gingembre.
اسمها الكامل هو Fatiha BOURDIER ، وهي من المغربيات القلائل اللواتي اخترن المغامرة للاستثمار بإفريقيا.
في مطلع التسعينات من القرن العشرين، اختارت "فتيحة بورديي" الكوت ديفوار للاستقرار والاستثمار، وتغلبت على الصعوبات وتحدت العراقيل، واستطاعت تثبيث اسمها كواحدة من سيدات الأعمال البارزات بمدينة "سان بيدرو".
في مطلع التسعينات من القرن العشرين، اختارت "فتيحة بورديي" الكوت ديفوار للاستقرار والاستثمار، وتغلبت على الصعوبات وتحدت العراقيل، واستطاعت تثبيث اسمها كواحدة من سيدات الأعمال البارزات بمدينة "سان بيدرو".
اختيار "فتيحة بورديي" الاستثمار في المجال الفندقي لم يكن عبثا، لكون مدينة "سان بيدرو" تعد من بين أجمل الوجهات الساحلية بالكوت ديفوار، وتعد ثاني مدينة اقتصادية بعد أبيدجان.
فرغم أن أبيدجان مدينة ميتروبولية تضم 6 ملايين نسمة، فهي بالكاد تأوي 50 فندقا فاخرا من درجة 5 و4 نجوم ( تضم الكوت ديفوار ككل، 4500 فندقا من مختلف الأصناف والنجوم، بطاقة تبلغ 69.984 سريرا)، في حين أن سكان "سان بيدرو" لايتجاوز عددهم 390.000 نسمة، ومع ذلك فهي مدينة تأوي 151 فندقا العادي والمتوسط والمصنف، باحتساب فنادق منطقتي BEREBY وTABOU، ( منها 26 فندقا يصنف HAUT STANDING) بطاقة 2203 سريرا لكل الوحدات مجتمعة بكل أصنافها، تضاف منازل الأسر الموضوعة رهن الكراء، لجاذبية شواطئها الجميلة من جهة، ولكون المدينة تضم أكبر ميناء عالمي لتصدير الكاكاو وباقي منتوجات البلاد الفلاحية ( قهوة وزيوت النخيل، الخ...)، مع ما يستتبع ذلك من منصات صناعية وشركات إماراتية وهندية ومغربية وفرنسية وأوربية.... تستوطن المدينة من جهة ثانية.
هذه الدينامية التجارية والمينائية تمثل رافدا ومغذيا مهما لسوق الفندقة والمطعمة بمدينة "سان بيدرو" من حيث الطلب على الإيواء وعلى القاعات المختصة في تنظيم المؤتمرات والورشات واللقاءات المهنية للشركات ولعملائها.
لكن مع اختيار الكوت ديفوار لتكون البلد المنظم لكأس إفريقيا واختيار "سان بيدرو" ضمن المدن الخمس ( Abidjan, Bouaké, Yamoussoukrou, korhogo et San Pedro)، جعل أرباب الفنادق يشكرون الرب صباح مساء بالنظر إلى الفورة المالية والاقتصادية التي ستخلقها " بطولة الكان"، وهي الفورة التي تعتمد عليها حكومة "الحسن واتارا" لضخ عائدات إضافية في خزينة البلاد، خاصة وأن اقتصاد الكوت ديفوار تلقى ضربة موجعة من الاتحاد الأوربي الذي فرض شروطا تقنية تعجيزية على صادرات الكاكاو والقهوة بشكل أدى إلى تقلص الصادرات وبالتالي تقلص العائدات، علما أن الكاكاو والقهوة لوحدهما يساهمان بنسبة 15% من الناتج الداخلي الخام للكوت ديفوار، فيما قطاع السياحة لا يساهم إلا بنسبة 7% من الناتج الداخلي الخام للبلاد.
اختيار الكاف لفندق "صوفيا" ( الفندق يحمل اسم ابنة صاحبة الفندق التي تدرس حاليا بكلية الصيدلة)، ليكون مقر إقامة المنتخب المغربي، أملته ثلاثة اعتبارات: سعته ( 84 غرفة من 4 نجوم)، وجودة خدماته ومرافقه خاصة وأن فتيحة بورديي تم تتويجها عام 2016 كأحسن فاعل سياحي بالكوت ديفوار، تم موقع الفندق المطل مباشرة على الشاطئ.
الطلب الوحيد الذي وضعته الكاف على طاولة الفندق هو القيام ببعض الإصلاحات التي قادت مالكته "فتيحة"، إلى إغلاقه كليا في وجه الزبناء، لتسريع وتيرة الإصلاح ليكون الفندق جاهزا متم دجنبر 2023، لاستقبال "وليدات الركراكي" في مباريات "الكان".
فما أجمل الصدف أن تقرر "الكاف" وتختار فندقا مملوكا لمغربية لإيواء عناصر المنتخب المغربي !