بداية لا أرى أن الزخم النضالي للتنسيقيات، يعلن وفاة العمل النقابي، بدليل وجود نقابتين الآن في الساحة النضالية، واحدة هي الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، التي تبادر وتسعى إلى توحيد الفعل النضالي من موقع النضال والميدان، بعيدا عن الحسابات الضيقة والنزعات الاديولوجية التي ساهمت في الفعل النقابي، وأضر بالتنظيم النقابي الذي بقي مرتهنا لمواقفه السياسية عوض الوحدة على قاعدة المطالب العادلة للشغيلة التعليمية، الشيء الذي استطاعت التنسيقيات إنجازه، حيث الاجتماع على ذات المطالب باعتبارها المنطلق والأفق الذي يؤطر الدينامية النضالية، وهذا دعمته الدينامية التنظيمية الديموقراطية، حيث التمثيلية في أجهزة التنسيق على أساس وقاعدة كافة المعنيين بالمؤسسات والإقليم والجهة ثم المجلس الوطني، من جهة أخرى لا ننسى، أن التنسيقيات انبثقت أول مرة من داخل العمل والتنظيم النقابي، وتاريخ النضال في قطاع التعليم يشهد بذلك، لذلك لا نرى تناقضات، مادام التنسيق لا يقدم نفسه بديلا على العمل النقابي، لأن هنا يشرع في فقدان مشروعيته الميدانية، ويكتسب صفة التنظيم، وبالتالي تسري عليه سنن التنظيمات وبيروقراطيتها في صناعة القرار وإفراز النخب، ويفقد حرية الحركة التي يبيحها الميدان. ولا أرى أي تناقض بين التنسيقيات كفاعل ميداني له قدرة تحشيدية كآلية نضال القرب والارتباط بفئة معينة أو مطلب معين، وبين التنظيم النقابي الذي له منطقه في التسيير واتخاذ القرار وتراتبية التنظيم، وعليه لا أرى أن التنسيقيات تعلن موت النقابات التعليمية بل هي فعلا تقتل التنظيمات البيروقراطية، التي يخلد فيها الزعيم والتي لا تملك استقلالية قرارها النضالي والنقابي، على اعتبار أن جدلية التنظيم والميدان ستبقى قائمة لأنها من صميم الدينامية النضالية.
عبدالإله دحمان/ الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب