اعتبارا لأهمية واستراتيجية قطاع التربية والتكوين بصفته القاطرة الأساسية في التنمية الشاملة والمستدامة، وتأكيدا لارتباطه الراسخ بالمشروع المجتمعي والديمقراطي للبلد، فإنه يتطلب إصلاحا شاملا فاعلا وفعليا والخروج من دوامة إصلاح الإصلاح، تأكد للأمة المغربية قاطبة وعلى رأسها المؤسسة الملكية؛ حيث مافتئ الملك محمد السادس، ومنذ اعتلائه العرش، يدعو إلى إصلاح شامل لمنظومة التربية والتكوين (خطابي ذكرى ثورة الملك والشعب سنتي 2012/2013، وخطاب افتتاح الدورة الخريفية 10 أكتوبر 2014)، حيث تم تأسيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لهذا الغرض.
وبالرغم من كل هذه الدعوات الملكية، والمحاولات الإصلاحية للخروج من أزمة قطاع التربية والتكوين، وتجاوز اختلالاته البنيوية على جميع المستويات (الهدر المدرسي والجامعي، الأقسام المشتركة، التجهيزات المهترئة، ضعف اكتساب التعلمات والمهارات، عدم التمكن من اللغات الوطنية والأجنبية..)؛ لازالت الوضعية التعليمية بالمغرب على حالها، بل زادت استفحالا في الوقت الراهن.
وماتشهده الساحة التعليمية والتربوية من احتجاجات وإضرابات غير مسبوقة تعدت وتجاوزت أدبيات الإضراب العادي لتصبح حراكا تعليميا شاملا استثنائيا، تحت قيادة التنسيقيات التعليمية من فئات متضررة، أكدت الأزمة الخانقة لقطاع التربية والتكوين.
للإجابة عن سؤال هل التنسيقيات أعلنت عن موت النقابات والأحزاب؟ لابد من تحليل ملموس لهذا الواقع المتردي الذي أصبحت عليه منظومة التربية والتكوين منذ استقلال المغرب، وبالتالي يمكن طرح السؤال بشكل معكوس؛ وهو: “هل عجز الأحزاب وضعف النقابات هما اللذان أعلنا ظهور التنسيقيات؟”
ففي واقعة إصدار النظام الأساسي (الموحد) بالشكل والمضمون المعروف وغير الملائم للحظة المجتمعية الراهنة، ولما يصبو إليه المغرب للدخول الى معترك الدول الكبرى، والخروج من دائرة استهلاك الثقافة والمعرفة إلى دائرة إنتاجهما عبر التكنلوجيات الحديثة والأبحاث العلمية؛ نجد أن الفاعل النقابي سقط في أخطاء كبرى، من قبيل إغفال الديمقراطية الداخلية، وتهميش القواعد الخلفية، تواصلا وتقييما وتقريرا في الخطوات الحوارية مع الحكومة، كما استرسل الفاعل النقابي في تراكم الأخطاء القاتلة، حين خرج لمدح مقتضيات النظام الأساسي والتهليل له عبر الصحف الورقية والإلكترونية، ليعود بعد ذلك بمدة وجيزة للطعن في الحكومة والنظام الأساسي على حد سواء، في اتهام واضح للوزارة الوصية بمجرد اشتعال الساحة التعليمية بالاحتجاجات والإضرابات المنظمة من طرف التنسيقيات التعليمية. كما هرول الفاعل النقابي أيضا إلى البحث عن شرعيته المفقودة، للسقوط مرة أخرى في أحضان السلطة التنفيذية وإصدار بلاغات العودة إلى الأقسام والتخلي عن النضال والإضراب.
تأسيسا على هكذا تضارب وتذبذب للفاعل النقابي، وتمسك الحكومة المغربية بمنطق تلبية الملف المطلبي بعد الدخول إلى الحجرات، وخروج أحزاب الأغلبية الحكومية للتنكر لدور الشغيلة التعليمية قاطبة، وإصدار التهديد بالاقتطاع وأشياء أخرى، ازدادت التنسيقيات تنظيما ونضالا وتشبثا بكينونتها وهويتها التنظيمية والمطلبية خارج تغطية الفعل النقابي القطاعي المتجاوز، على اعتبار أن ملفها المطلبي واضح لايستدعي الحوار المغشوش؛ بل يتطلب فقط تنفيذه.
بناء على ماسبق يتضح أن التنسيقيات أعلنت فعلا عن موت النقابات والأحزاب، وقدمت درسا لكل الجهات المسؤولة في الحكومة والهيئات النقابية التي فقدت تمثيليتها الشرعية لدى منخرطيها وقواعدها.
ويمكن أيضا في نفس الآن طرح سؤال محوري يتعلق بمدى قدرة التنسيقيات التعليمية بقوتها وعنفوانها الحالي على الاستمرارية بعد تلبية ملفها المطلبي دون تأسيس هيئة نقابية جديدة؟
دون ذلك (تأسيس نقابة جديدة)، تبقى التنسيقيات التعليمية مجرد ظاهرة اجتماعية مؤقتة تنتهي بانتهاء دورها النضالي وتحقيق ملفها المطلبي، وترجع إلى هيئاتها النقابية سالمة.
وبالرغم من كل هذه الدعوات الملكية، والمحاولات الإصلاحية للخروج من أزمة قطاع التربية والتكوين، وتجاوز اختلالاته البنيوية على جميع المستويات (الهدر المدرسي والجامعي، الأقسام المشتركة، التجهيزات المهترئة، ضعف اكتساب التعلمات والمهارات، عدم التمكن من اللغات الوطنية والأجنبية..)؛ لازالت الوضعية التعليمية بالمغرب على حالها، بل زادت استفحالا في الوقت الراهن.
وماتشهده الساحة التعليمية والتربوية من احتجاجات وإضرابات غير مسبوقة تعدت وتجاوزت أدبيات الإضراب العادي لتصبح حراكا تعليميا شاملا استثنائيا، تحت قيادة التنسيقيات التعليمية من فئات متضررة، أكدت الأزمة الخانقة لقطاع التربية والتكوين.
للإجابة عن سؤال هل التنسيقيات أعلنت عن موت النقابات والأحزاب؟ لابد من تحليل ملموس لهذا الواقع المتردي الذي أصبحت عليه منظومة التربية والتكوين منذ استقلال المغرب، وبالتالي يمكن طرح السؤال بشكل معكوس؛ وهو: “هل عجز الأحزاب وضعف النقابات هما اللذان أعلنا ظهور التنسيقيات؟”
ففي واقعة إصدار النظام الأساسي (الموحد) بالشكل والمضمون المعروف وغير الملائم للحظة المجتمعية الراهنة، ولما يصبو إليه المغرب للدخول الى معترك الدول الكبرى، والخروج من دائرة استهلاك الثقافة والمعرفة إلى دائرة إنتاجهما عبر التكنلوجيات الحديثة والأبحاث العلمية؛ نجد أن الفاعل النقابي سقط في أخطاء كبرى، من قبيل إغفال الديمقراطية الداخلية، وتهميش القواعد الخلفية، تواصلا وتقييما وتقريرا في الخطوات الحوارية مع الحكومة، كما استرسل الفاعل النقابي في تراكم الأخطاء القاتلة، حين خرج لمدح مقتضيات النظام الأساسي والتهليل له عبر الصحف الورقية والإلكترونية، ليعود بعد ذلك بمدة وجيزة للطعن في الحكومة والنظام الأساسي على حد سواء، في اتهام واضح للوزارة الوصية بمجرد اشتعال الساحة التعليمية بالاحتجاجات والإضرابات المنظمة من طرف التنسيقيات التعليمية. كما هرول الفاعل النقابي أيضا إلى البحث عن شرعيته المفقودة، للسقوط مرة أخرى في أحضان السلطة التنفيذية وإصدار بلاغات العودة إلى الأقسام والتخلي عن النضال والإضراب.
تأسيسا على هكذا تضارب وتذبذب للفاعل النقابي، وتمسك الحكومة المغربية بمنطق تلبية الملف المطلبي بعد الدخول إلى الحجرات، وخروج أحزاب الأغلبية الحكومية للتنكر لدور الشغيلة التعليمية قاطبة، وإصدار التهديد بالاقتطاع وأشياء أخرى، ازدادت التنسيقيات تنظيما ونضالا وتشبثا بكينونتها وهويتها التنظيمية والمطلبية خارج تغطية الفعل النقابي القطاعي المتجاوز، على اعتبار أن ملفها المطلبي واضح لايستدعي الحوار المغشوش؛ بل يتطلب فقط تنفيذه.
بناء على ماسبق يتضح أن التنسيقيات أعلنت فعلا عن موت النقابات والأحزاب، وقدمت درسا لكل الجهات المسؤولة في الحكومة والهيئات النقابية التي فقدت تمثيليتها الشرعية لدى منخرطيها وقواعدها.
ويمكن أيضا في نفس الآن طرح سؤال محوري يتعلق بمدى قدرة التنسيقيات التعليمية بقوتها وعنفوانها الحالي على الاستمرارية بعد تلبية ملفها المطلبي دون تأسيس هيئة نقابية جديدة؟
دون ذلك (تأسيس نقابة جديدة)، تبقى التنسيقيات التعليمية مجرد ظاهرة اجتماعية مؤقتة تنتهي بانتهاء دورها النضالي وتحقيق ملفها المطلبي، وترجع إلى هيئاتها النقابية سالمة.
عبد الواحد بودهن/ الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للتعليم العضو بالمنظمة الديمقراطية للشغل