ظرفية الحرب في غزة، حملت الدكتور عبد الملك هيباوي على تغيير محاضرته، من "الحوار الديني في السياق الأوروبي-الحالة الألمانية نموذجا"، إلى "الإسلاموفوبيا في السياق الأوروبي-الدوافع والتجليات"، في كلية أصول الدين بتطوان، يوم الخميس 16نونبر 2023.
ذلك ما صرح به الأستاذ هيباوي في بداية محاضرته، التي صحبه فيها على المنصة، عميد الكلية الدكتور عبد العزيز الرحموني.ونائب العميد المكلف بالتكوين، الدكتور محمد علا، ونائب العميد المكلف بالبحث العلمي والتعاون، الدكتور مصطفى بوجمعة.
الأستاذ المحاضر - وهو بالمناسبة رئيس قسم حوار الأديان بالمعهد الألماني للحوار والتفاهم، حيث اعتبر عميد الكلية في تقديمه، أن سيرته العلمية تعتبر محاضرة في حد ذاتها- ذهب في استهلال تحديد المفهوم ومخاطره، إلى أن ظاهرة الاسلاموفوبيا تعبر عن تنام متصاعد لحالة الرفض والعداء للإسلام والمسلمين على المستوى الرسمي والشعبي، مما يهدد الأسس الفلسفية والسياسية التي يقوم عليها النموذج السياسي الديموقراطي الليبرالي، وبالتالي يعد تحديا أمام الدول التي اعتمدت نهجا تشاركيا في تدبير التعددية مثل الحالة الألمانية.
وذكر المحاضر بكون وزارة الداخلية الألمانية، قبل ثلاث سنوات، وبالتزامن مع أحداث عنصرية، عملت على استحداث لجنة خاصة ومستقلة من الخبراء، أصدرت تقريرا نهاية شهر يونيو الماضي، يرصد المواقف المعادية للإسلام والمسلمين في ألمانيا، كما يرسي من خلال توصياته، أسس ومنطلقات تجاوز هذه الظاهرة.
كما تطرق لنسب الرفض الشامل للإسلام مقارنة بمرور الوقت أو حسب الفئة العمرية، أو من خلال المقارنة مع أهم الدول الأوروبية، وأوجه ترجمة هذا الرفض، عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بضخ العنصرية والعداء تجاه الرموز الدينية والمنظمات الإسلامية.
ثم استعرض نشأة الإسلاموفوبيا في ألمانيا، مع أحداث 11 شتنبر، والانفجارات في الغرب، وظهور الحركات الإرهابية، ودور الإعلام الغربي المنحاز، وموجة اللاجئين، وانتشار حركات الغلو والتشدد في الدين.
وتوقف عند تجلياتها في ألمانيا من خلال التخويف من الإسلام والمسلمين، والتمييز العنصري، واليمين المتطرف، والاعتداء على دور العبادة، والاعتداءات الجسدية، والكتابات المنتقدة للإسلام، والمحرضة على المسلمين، والتظاهرات المفتوحة.
وخلص المحاضر إلى وسائل المعالجة من خلال توصيات تقرير لجنة الخبراء الألمانية، كتعيين مفوض اتحادي لمكافحة العداء ضد المسلمين، وضرورة نهج استراتيجية تعزيز المشاركة والتمثيل المتكافئ لذوي الهوية الإسلامية. والتحسيس لمخاطر العنصرية، وتقديم دراسات نقدية لها ولدوافعها. وإنشاء مراكز للإبلاغ والتوثيق، عن الممارسات والخطابات على مستوى التواصل الاجتماعي، والتظاهر ضد الاسلاموفوبيا والتمييز العنصري، العنف والإرهاب، ونشر البيانات وإبداء الرأي.
للإشارة، أن المحاضرة وببعض قلق العبارة في بسط سياقها وبعض أمثلة فقراتها، كما آيات الافتتاح غير المناسبة لمقاصدها، أثارت التباسات معينة ،تم التعبير عن جانب منها أثناء المناقشة،ت عزيزا للوظيفة الأكاديمية للكلية في المساءلة والتمحيص. وهو ما حدا بعميد الكلية في الختام أن يذكر بأهداف المحاضرة، في كونها استقرائية للواقع ، وبمخرجات توصيات لجنة الخبراء بألمانيا، لا غير. وأن صاحبها يشتغل على تصحيح نظرة الآخر للإسلام والمسلمين عبر الحوار والتعايش..
والمحاضر، كأستاذ سابق بجامعة توبنجن، كان له بعد هذه المحاضرة ،لقاء مفتوح، مع طلبة الماستر والدكتوراه حول "الدراسات الإسلامية في الجامعات الألمانية-طرق التدريس، المضامين والأهداف "تحدث فيه عن نشأة معاهد الدراسات الإسلامية بألمانيا، والأهداف، والتخصصات، والأقسام الدراسية والمشاريع البحثية، والفرص والإمكانات، والتحديات والعقبات..
وقد عبرت إحدى الطالبات أثناء المناقشة، أمام هذه الإمكانيات المفتوحة للدراسات الإسلامية في ألمانيا، عن سؤال المفارقة: ولماذا الحديث إذن عن الإسلاموفوبيا؟
وأكيد أن في مثارات الأسئلة، أول الغيث في معارج التمحيص الأكاديمي!
ويبقى على الأستاذ المحاضر والكلية، على غرار هذا اليوم الحافل بالعطاء، دين محاضرة "الحوار الديني في السياق الأوروبي-الحالة الألمانية نموذجا"، يجب الوفاء به، في ظل صيرورة الانفتاح المأمول !
