الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

عبد الرفيع حمضي: الأحوال الشخصية.. وألواح سيدنا موسى

عبد الرفيع حمضي: الأحوال الشخصية.. وألواح سيدنا موسى عبد الرفيع حمضي
ما بين 1940 و1956 كان اليهود المغاربة يشكلون حوالي 10% من سكان المغرب.اي ما يناهز 250 ألف مواطن مغربي يهودي الديانة، يتقاسمون مع أجدادنا، وآبائنا المغاربة -مسلمو العقيدة – المدن، والاحياء، والأسواق، والحمام العمومي، والأفراح، والأقراح والكسكس البيضاوي والحريرة الفاسية، والطانجية المراكشية، بل حتى البيصارة الوزانية فالبلد بلدنا،والوطن وطننا جميعا. لكن الزواج والطلاق والإرث وقضايا الأسرة، فلكل مرجعيته فالمسلمون كانوا يحتكمون لأحكام الشريعة الإسلامية، والراجح من مذهب الإمام مالك والعرف .في حين يقصد اليهود المغاربة القضاء الحاخامي العبري الذي عَرف على مستوى التنظيم عدة مراحل،منذ  حصول المغرب على الاستقلال حيث مر من قضاء أحادي الدرجة إلى قضاء يفتح مجال الاستئناف والنقض في الأحكام .وبالنسبة للتغطية الجغرافية، فبعدما كان قد تم توسيع شبكة المحاكم العبرية إلى اثني عشر محكمة. عادت وتقلصت حتى أصبحت الآن مجرد غرفة عبرية واحدة بمحكمة الدارالبيضاء. خاصة بعدما لم  تعد الطائفة اليهودية تتجاوز 2500 مواطن. وقد تم تأطير هذه المراحل بثلاثة  نصوص صدرت سنة 1918 و1928 و1957. ويمكن القول كذالك أن التنظيم القضائي العبري بالمغرب ظل حاضرا منذ الاستقلال في كل الإصلاحات التي مست التنظيم القضائي المغربي بشكل عام. 

وإذا كان هذا هو الحال على مستوى الشكل والمساطر فما هو الوضع بالنسبة للنصوص المطبقة في الجوهر على الزواج والطلاق والإرث ومدى راهنيتها =. ؟ فبالنسبة للمغاربة  المسلمين  فقد انتقلنا سنة 1957  إلى نص مكتوب بفصوله، صادر بظهائر ملكية  أطلق عليها مدونة الأحوال الشخصية تعايشنا معها إلى سنة 1993 .

ونتيجة  تحولات داخلية بالدرجة الأولى، ولكن كذالك بفعل دخول العالم  بأثمه مرحلة ما بعد سقوط حائط برلين مع تمدد لحقوق الإنسان دوليا تشريعا وتعاقدا. كان لابد من خطوة أخرى.فيكفي أن نتذكر ما قال الحسن الثاني رحمه الله في إحدى خطبه في هذه المرحلة "إن العالم يتغير وعلينا أن نتغير ". ويكفي أن أشير أن مدونة 1993 وضعت حدا للطلاق الغيابي الذي كان يعطي الصلاحية للزوج لتطليق زوجته غيابيا .

وفي 10 أكتوبر 2003 كانت القفزة النوعية بقبة البرلمان سواء على مستوى الشكل أو المضمون وهكذا انتقلنا وبخطاب ملكي من مدونة الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة والى صلاحية البرلمان للتداول في المشروع. وانتقلنا كذلك من أسرة تحت كفالة الأب إلى أسرة تحت عناية الزوجين. وصدر بذالك القانون سنة 2004 بعدما اُستكملت المسطرة التشريعية .

وها نحن الآن وفي هذه الأيام حصلت قفزة أخرى حيث تم تكليف رئيس الحكومة مباشرة باعتباره الموكول له دستوريا إعداد مشاريع القوانين وبجانبه لجنة لا مكان فيها للأشخاص  الذاتيين وإنما للموئسات فقط. حدد له سقف اقترب  على الانتهاء. والجميع متفق على أهمية تطور جديد .والاختلاف فقط حول الحجم والمجال.

لنعد إلى مواطنينا المغاربة اليهود الذي تابعو معنا ولازالوا كل نقاشاتنا  حول قضايا الأسرة من الزواج والطلاق وما يترتب عليهما من ولاية وحضانة ونفقة إلى الإرث وتشعباته .هذا النقاش الذي يحاول أن يقحمه البعض في ثنائية الحلال والحرام عوض حصره في سياقه المجتمعي والطبيع، في مقابل ذالك لازالت الطائفة اليهودية تحتكم وتدبر كل قضايا أحوالها الشخصية  حسب رئيس الغرفة العبرية بالمحكمة بالبيضاء القاضي والحاخام السيد جوزيف  إسرائيل  الذي قال بأن "المغرب هو البلد الوحيد في العالم الذي يتوفر على غرفة عبرية، ويقضي بقانون سيدنا موسى بين المغاربة ذوي الديانة اليهودية”.

وسيدنا موسى هو نبي ورسول من أولي العزم وأكثر الشخصيات ذكرا  في القرءان الكريم  وقانونه بالنسبة لليهود مستوحى من الوصايا العشر ،المدونة في ألواح سلمها الرب لموسى حسب ماورد في التوراة.

ولهذا  يمكن التساؤل الم يظهر احد بعد- ومند  زمن  فرعون وهو نفسه زمن  سيدنا موسى - ليطالب ويعمل  على تحديث نصوص تنظم علاقاتهم  الأسرية .؟ 

ألم  يكن على سيمون احيون رئيس منظمة الإسرائليين من أصل مغربي أن يشتغل على الموضوع ويعبأ أعضاء  طائفته ويناقشهم في الأمر وفي هذه اللحظة التاريخية بالذات التي يعمل فيها إخوانهم من المسلمين المغاربة على مراجعة وتطوير مدونتهم . ويتقدم بدوره - نيابة عن مريديه - إلى أمير المؤمنين بملتمس في الموضوع كما هو واضح في دستور المملكة ؟عوض  بعث رسالة  قال عنها الأستاذ محمد الأشعري " رسالة تفتقر إلى أبسط شروط اللياقة، وتجرح شعور المغاربة، والتي تطلب من ملك المغرب أن يكون له نفس الموقف الذي تعبر عنه الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، منذ أحداث السابع من أكتوبر.. والحال أن ملك المغرب هو رئيس لجنة القدس وأن توقيع اتفاقية التطبيع، فضلا عن كونها اقترنت بالتزام المملكة المغربية بالاستمرار في الدفاع عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، فإنها ل هي ولا أي إجراء سياسي آخر لن يقتلع أبدا هذه القضية من وجدان الشعب المغربي ومن هويته الوطنية".