الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

عبد الواحد الفاسي: انفجارات السمارة الإرهابية

عبد الواحد الفاسي: انفجارات السمارة الإرهابية عبد الواحد الفاسي
" وَمَا جَعَلَهُ الله إلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ . وَمَا النَّصْرُ إلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ "
صدق الله العظيم
سورة آل العمران ، الآية 126
شهدت الأحياء السكنية لمدينة السمارة المغربية ليلة السبت - الأحد 28/ 29 اكتوبر 2023 انفجارات إرهابية ذهب ضحيتها أربعة مواطنين عزل وأبرياء توفي أحدهم وأصيب اثنان بجروح بليغة نقلا على إثرها إلى قسم المستعجلات بالمستشفى العسكري بمدينة العيون بينما كانت إصابة الرابع خفيفة ثم علاجها في عين المكان .
الانفجارات جاءت في سياق زمني لا تغفله عين أي متتبع أو ملاحظ . جاءت قبل يومين من اتخاذ قرار لمجلس الأمن بشأن النزاع المفتعل حول استرجاع الأقاليم الجنوبية وتمديد مهمة القوات الأممية المشرفة على احترام وقف إطلاق النار بالمنطقة. القرار الذي تسربت بعض تفاصيله التي تحدد مسؤولية كل الأطراف المعنية ودعوتها إلى اجتماعات من أجل إيجاد حل سياسي للنزاع وهو ما ترفضه الجزائر كسابق عادتها . ثم هناك حلول الذكرى 48 للمسيرة الخضراء يوم 6 نونبر الحالي.
توقيت انفجارات السمارة كان مدروسا ومخطط له . هذا ناهيك عما شهدته قضية الوحدة الترابية للمغرب من دعم دولي متواصل مقابل هزائم متكررة للسياسة الجزائرية ومواقفها العدائية الممنهجة والثابتة منذ سنين ضد هذه الوحدة وضد بناء مغرب كبير قوي وموحد . الأسباب أصبحت جلية ويعرفها الجميع .
الهدف من انفجارات مدينة السمارة لا يمكن أن يكون سوى قتل المدنيين العزل والذي يعتبر فعلا إرهابيا . وهو تقليد لما تقوم به إسرائيل في غزة مع الأخذ بعين الاعتبار الفارق في حجم الخسائر وفي الصيغة والمبرر. فمن هو المسؤول عن هذا العمل الشنيع ؟
إننا نشير بأصابع الاتهام إلى جبهة البولساريو ، إذا كانت لاتزال موجودة فعلا . الأمر الذي يقتضى وضع سؤالين : أولهما يتعلق بقدرة هذه الجبهة بمفردها على القيام بارتكاب مثل هذا الفعل . والثاني يرتبط بالمكون البشري لهذه الجبهة . فهل هي حقيقة مكونة من صحراويين ؟ وهو السؤال الذي تم طرحه منذ سنوات . وإن كانت افتراضا كذلك ، فمن المستبعد أن ترغب في اغتيال صحراويين عزل من بين إخوانهم وأبناء عمومتهم وعشيرتهم . وما هو معلوم ومعروف ومؤكد لدى الجميع أن الصحراويين الموجودين في الجزائر يشكلون جزءا من الكتلة الكبيرة للساكنة الصحراوية التي بقيت في أرضها بالأقاليم الجنوبية المغربية متشبتة بوطنها ومخلصة للبيعة التي دأب عليها آباؤها وأجدادها منذ قرون .
لهذا السبب يصعب ويتعذر فهم أطروحة البولساريو الجزائرية التي تقول بأن الصحراء ملك للصحراويين مع أن الغالبية العظمى من الصحراويين ( 90 % ) أو أكثر ظلوا أوفياء لانتمائهم وللبيعة ، وهم سكان الصحراء المغربية . بقيت في الجهة المقابلة قلة قليلة لا تتجاوز 10 % ، أو ما تبقى منها إن لازال على قيد الحياة بعد زهاء 50 سنة من احتجازها بمخيمات تندوف .
إذن ، وانطلاقا من واقع لا يقبل التزييف أو الإخفاء ولا التضليل من أي نوع كان، فأصحاب الأرض يعيشون على أرضهم مع عائلاتهم وبين أهلهم في ظروف جيدة وكريمة وفي حرية كاملة . بينما الآخرون الذين اختاروا المنفى أو أجبروا عليه ، لم يعد لهم أي حق في الأرض سوى حق العودة لأن جلالة المغفور له الحسن الثاني كان قد أعلن "بأن الوطن غفور رحيم" .
إن واقع الأمر يُظهر أن البولساريو لم تعد موجودة . فليس هناك سوى مليشيات مسلحة مكونة من مرتزقة يقتاتون من تجارة القتل والترهيب وأسرى في مخيمات العار يعانون من عسكرة الجزائر التي لا تسمح ، لا بإحصائهم كما تطالب بذلك عدة مرات الأمم المتحدة، ولا تسمح لهم بحرية التنقل خارج المخيمات أو السفر إلى أبعد من ذلك.
لذا ، فالمسؤول الأول والوحيد عن أحداث ليلة السبت/ الأحد 28/29 اكتوبر الماضي التي شهدتها أحياء مدينة السمارة وعلى كل المصائب التي تعاني منها المنطقة هم حكام الجزائر الذين يسعون في جنونهم القاتل إلى الحرب . ولهؤلاء نقول بوضوح أن المغرب كان دائما مستعدا للحرب ولكنه لا يريدها . لأنه لا يريد أن يشل المستقبل بين بلدين يُفترض أنهما شقيقان . مع العلم أنه سيأتي الوقت الذي سيجد الشعب الجزائري الشقيق ، في نهاية المطاف ، قادة أذكياء قادرين على فهم مصلحتهم ومصلحة المغرب الكبير .
فالزعماء الحقيقيون يأخذون العبرة من القادة العظماء . وحكام الجزائر يقلدون الإرهاب الإسرائيلي .
هل تعتقدون أن الشعب الذي قبِل أن يضحي ب 350.000 بطل وبطلة من أجل تحرير جزء مهم من وطنه ونجح في ذلك بفضل الله وصمود الملك والشعب ، يمكنه أن يتراجع ويخون أرواح هؤلاء الشهداء وهذا الشعب .
الصحراء مغربية وستبقى مغربية لأن الشعب يريد ذلك ولأن التاريخ يؤكد ويريد ذلك والملك نصره الله يريد ذلك . أليس الملك من قال : " الصحراء قضية وجود وليست قضية حدود " .
 
الرباط في 6 نونبر 2023