لانشك لحظة أن وزير التعليم وصل إلى الباب المسدود ولعل الصورة أو لنقل (تبهديلة الوزير) وهو يحضر لحظة استماع بمعية رئيس الحكومة والنقابات التعليمية الأربع أكبر شاهد على نهاية مساره في تدبير ملف شائك وملغوم . مما سيعجل لامحالة بإنهاء مهامه بعدما حصد غضب الجميع واستطاع أن يحقق انجازا فريدا بتوحيد كل مكونات المجتمع ضده .
المستفيد من هذه الواقعة سكان المطبخ الداخلي للوزارة "الكوزينة"وهم أكبر المستغلين والمتفرجين الذين سارعوا لحظة صدور النظام الأساسي المشؤوم والذي خرج من رحم معاناة وأزمة لم تكتمل بعد أيام ولادته الطبيعية والقانونية، بتصاريح وكلام حلق عاليا في سماء التفاؤل وهم يبشرون نساء ورجال التعليم بالفتح المبين، اختفوا لحظة " الحزة "ولم نعد نشهد لهم ظهورا كما في السابق. غابت معالم الرجولة والشهامة والمساندة سيما وأن عرابهم وكبير سدنتهم وكهنتهم (بنزرهوني) الذي يعرف جيدا من أين تؤكل الكتف قد قلل من ظهوره إن لم نقل اختفى كلية. أعلم جيدا أن كثير من مكونات النظام الأساسي وهندسته ترجع لهذه الشخصية اللغز والتي ساهمت في جل مقتضياته من خلال المضامين والصياغة وهو الموظف الذي راكم تجربة بوأته مكانة داخل بناية العرفان.
مع هذه الازمة لاحظنا كيف سارع بعض المسؤولين إلى تبني منهجية متخلفة من خلال اجراءات بليدة تروم تكسير نضال الساحة من قبيل عقد لقاءات مع الآباء أو تقديم عروض شرح المضامين للمديرين وكل هذه الآليات باءت بالفشل بل ساهمت في تأجيج الساحة. الحوار المساهم في الحل هو النقاش حول النقط المستفزة بشكل انتقائي للأساتذة والتي تبتغيى عزل هذه الفئة.
لكن الاحتجاجات التي فاقت التوقعات ابانت عن خلاصة وحيدة. إن مركزية دور الأستاذ في الإصلاح لا محيد عنها. لا إصلاح بدون أستاذ تصان كرامته ويتمتع بكافة الحقوق. وهي رسالة واضحة لا تقبل المغالطات ولا التسويف ولا المزايدات.
العجيب والغريب في هذه النازلة كذلك أن كثير من المسؤولين المجاليين التابعين للوزارة لا يتمتعون بروح المبادرة النوعية التي تصطف إلى جانب المجال لتعلن الانتماء الحقيقي له بنوع من الجرأة والاستقلالية بل اغلبهم سجناء التعليمات والخطاب الرسمي الذي يرتكز اساسا على لغة الخشب لأنهم ينتظرون في كل مرحلة الإشارة من المركز بعض الظرفاء علق على الوضعية أن اغلبهم لا يمتلكون القدرة على الفعل لأن (التيليكوموند كاينة فالرباط) وقد تكون في أماكن اخرى خارج أسواره. قد تتعطل مصالح الجهة والمجال لأن المسؤول الجهوي أو الإقليمي يعاين احتقانا وتوترا في الساحة وشللا عاما في المرفق فلا يتدخل ولا يبادر بالحل لأنه بكل بساطة لا يملك القرار الذي هو في الأصل ممركز بشكل يمكن اعتبار الادارة الجهوية غير مستقلة بل ملحقة تابعة له .وهنا نسائل ما صحة الجهوية واللاتمركز واللاتركيز ما دمنا نختار عينة من المسؤولين الفاشلين التابعين الغير مبدعين، قد نشاهد انتفاضة مسؤول ضد قرار طوق أزمة ولا نعاين عجز آخر اكتفى بتقرير يتيم يصف الحالة دون تدخل ولا حل.
لقد أصبحنا أمام إدارة رغم تواجد علاقة افقية وعمودية لكنها غيرمنتجة ولا متحررة، فقطاع التعليم يعيش وضعية جزيرات ومقاطعات لا رابط بينها، مادام كل مسؤول يقول (راسي ياراسي... ومن بعدي الطوفان ...) فلن ينهض التعليم بمثل هذه النماذج السيئة الذكر.