الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

جلال كندالي: بايدن.. نتنياهو ولعويريفي

جلال كندالي: بايدن.. نتنياهو ولعويريفي جلال كندالي
حينما كنا صغارا، كانت هناك حكاية يتم ترديدها على مسامعنا من طرف من عايشوا  تفاصيل  هذه  القصة العجيبة الغريبة.
حكاية  حقيقية، لكن كنا  نعتقد آنذاك، أنها  من نسج الخيال، والغاية  منها حسب اعتقادنا، هو التفكه لا أقل ولا أكثر، خاصة  أن السارد كان ينفجر  ضحكا  عندما ينتهي من هذا الحكي  الجميل . 
في السبعينيات  من القرن الماضي، كان  هناك  فلاح  ذو  عضلات مفتولة، وبنية  قوية، لكن  لم يرزق  إلا  بطفل  واحد  ووحيد، حيث كان يكن له معزة  خاصة في قلبه ، اسمه العرافي، ولكن  من باب  التحبب  كان  يناديه " لعويريفي ". 
اشتد  عود " لعويريفي "، ولأنه  الابن  المدلل، كان يفعل  ما يحلو  له دون أي محاسبة  أو  مساءلة، إلى  درجة  أنه  كان دائما  يدخل في نزاع  من أترابه، وكثيرا  ما كانت  هذه النزاعات  تنتهي بالاعتداء  على الآخرين بالضرب  والجرح  . 
في أحد  الأيام، أصاب " لعويريفي " أحد  أطفال  الدوار  بجرح  غائر  بعدما  شق رأسه  بحجر  حاد. 
عاد الطفل  المعتدى  عليه بدون ذنب يذكر  إلى  منزله باكيا، وحينما  رأته والدته  مضرجا  في دمائه، بدأت  تصيح وتنوح  وتندب  وتضرب  فخذيها ، هرع أهل  الدوار  إلى  مصدر هذا  النواح، الذي أرغم الأب على أن  يستفيق من  قيلولته  مذعورا ، فهاله  ما رأى، وما كان منه وعليه، إلا  أن يحمل ابنه  بين ذراعيه  ويتوجه  إلى  والد "لعويريفي "، وتبعه  أيضا  أهل  الدوار. 
قدم والد المعتدى  عليه شكايته، ولأن  الفضيحة  ستكون  بجلاجل  إن لم يتدخل  والد  الجاني  ويقتص  من ابنه  عما اقترفته يداه، حمل معه عصا وتوجه  إلى  حيث  ابنه الوحيد، الذي  ذهب ليلعب  وحيدا  مطمئنا في الخلاء، دون أن  يكترث  بما حصل وسيحصل، لأنه  متيقن  من الحصانة   التي يمتلكها ويعرف  معزته  لدى والده الذي  كان يسرع  الخطى  وأهل  الدوار   يسيرون خلفه  ليكونوا  شهداء  على هذا القصاص . 
اقترب  الوالد  من ابنه، لكن  دون  أن  ينتبه  إليه، رغم  كل المحاولات  التي قام بها  لكي يتفطن  إلى  الأمر، مما أجبر الوالد  في الأخير  على أن يصيح  بصوت  مجلجل " اهرب  العويريفي راني، جايك " ، وبالفعل  هرب الابن بعيدا، وبعد  أن عاد أهل الدوار إلى منازلهم، التحق الوالد بابنه  وعانقه  لم يعاتبه أبدا، بل  منحه  العصا، ومنحه الضوء الأخضر  لكي  يعتدي  على  من يريد  وفي أي وقت يريد. 
هذه الحكاية  تماما، هي التي تحدث تفاصيلها  اليوم ما يين  بايدن  ونتنياهو، أو على الأدق  مابين  الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل "الابن"  المدلل ، الذي  له  مكانة  خاصة  في قلب  أمريكا وخزينتها أيضا، لا يهم إن  كان  ظالما  وجائرا ،ولا يهم إن قتل  المدنيين  الفلسطينيين، أطفالا  ونساء ، ولا يهم   كذلك إن  كان العدد  واحدا  أو  بالآلاف، ففي آخر  المطاف، تبقى  مجرد  أرقام  في عرف أمريكا  وإسرائيل. 
ولأن  أهل الدوار، وهم هنا الدول  العربية  والإسلامية، خاصة تلك التي  تعتبر  من حلفاء  أمريكا، ولايمكن  لهذه الأخيرة  أن  تجرح  كرامة الحلفاء على المباشر، ووجها لوجه، فتبنت حكاية "لعويريفي "، فهي  تعبئ  ما يسمى  بالعالم  الحر  على تبني  كذبة  حق إسرائيل في الدفاع  عن النفس، وإعطاء الضوء الأخضر  لاستهداف  البشر والحجر والشجر  في واضحة النهار، وإذا  ما أحرجت  وفضحت عدسات  الكاميرات  هذه  الإبادة، تم التخلص  من الصحافيين  الشهود، بل الأخطر  من ذلك  سلمت أمريكا، إسرائيل  أفتك  الأسلحة  والأطنان  من القنابل التي خلفت لحد الآن عشرة آلاف شهيد  أغلبهم  من الأطفال والنساء، وعدد كبير  لايزال  تحت  الأنقاض. 
بالمقابل، تحاول  أمريكا  جبر الخواطر ، وتدعي بعد كل ما جرى من مجازر، التي تتواصل  لحد الآن ، أنها  تحشد  الدعم  لإدخال  المساعدات  إلى سكان  غزة، كما صرح  بذلك  جو بايدن، طبعا  إن تبقى  أحد  منهم، بعدما  منحت أمريكا  آخر  ما تم  صنعه  من الأسلحة  المتطورة  والقنابل  الفتاكة  بما فيها قنابل الفوسفور الأبيض بضوء أخضر من البيت الأبيض، المحرمة دوليا، والتي  تتخذها  إسرائيل  الابن  المدلل  عصا   "لعويريفي ووالده  "ليس من أجل  أن يهش  بها على غنمه، بل من أجل  أن  يشق بها رؤوس  الآخرين، لكن شتان  ما بين عصا  "لعويريفي " ووالده ، وعصا أمريكا و إسرائيل.