" قتلوا أطفالا يا فريدة. كثير من الأطفال رحلوا أمس واليوم وقبل ذلك. قتلوهم وهم يلعبون، أو نائمين في بيوتهم. كتبت لك عن عائلة بكر. الأطفال بيتهم قرب الميناء. ذهبوا للبحر من الحر، وليلعبوا فلاحقتهم قذيفة. وحين هربوا منها رموهم بأخرى.
الأطفال يا فريدة عصافير الأرض وملائكة الكون.
آه لو أستطيع حماية الأطفال ورد الموت عنهم... آه قلبي يتمزق عليهم".
هذه واحدة من الرسائل التي كتبتها ونشرتها أمس الشاعرة والإعلامية الفلسطينية نجوى شمعون من تحت القصف الهمجي الذي يمارسه الكيان الإسرائيلي منذ عشرة أيام، وقد اختارت أن توجهها عبر الفيسبوك إلى صديقتها الأديبة المغربية فريدة العاطفي، بالشكل الذي يجعل من هذه الرسائل يوميات الألم والحصار، وشهادة من داخل رفح على الوجه البشع لهذا العدوان.
تكتب نجوى في رسالة تحمل تاريخ 15 يوليوز:
"فريدة... يا صوتي نحو العالم.
فريدة ... يا يدي التي أقذف بها كل الكلمات لتكتب غزتنا.
لا أعلم إلى متى هذا الفكر أن يبقى وأن يساورني وأساوره
في لحظة الموت لا تبقى في يدي زهرة، أو حتى قلم لأقابل به قاتلي، ذلك المحتل الذي يطير في سمائي ليل نهار، يقتل العصافير في السماء، وعصافير الطفولة على الأرض.
أي وردة تلك التي تقبل أن اقطفها من حياتها لأرميها على دبابة تقترب من حدودي، لتخبرها أريد السلام السلام الفعلي، أي يد تلك التي تحمل الوردة لتقول للمحتل هذه وردة الحياة مقابل الموت الذي توزعه بالمجان علينا،هل سيقبل القاتل بالوردة...!!!؟؟
الوردة التي تقول نعم للحياة ....!!؟"
أعتقد يقبل بها محملة بأرواح كثيرة من غزة وجيرانها".
وفي رسالة أخرى تحمل تاريخ 13 يوليوز، تصف الشاعرة غزة في عمق جغرافيا الدم:
"غزة مذبح متحرك يا صديقتي... وحدها تحارب قاتلها. اليوم لما صار القصف لبيت الجيران بقيت ساعة واقفة بالبيت. انتظر. وأقول يا رب استر. والشارع مليان بالناس ينتظرون ويضحكون ويصرخون... لا بديل عما أنت فيه الآن... الاحتلال مجرم لا يعرف الرحمة، لا لطفل ولا امرأة ولا صبي ولا رجل ولا بيت أو مسجد.
في التغطية للحرب غضبا عنك تشاهد كل شيء. لكني أحاول عدم التدقيق في الأشلاء. ولا أريدك مشاهدتها لأنها تترك في النفس ما تترك. أما عنا فبمجرد ما تسمعي صوت الطائرة... تتخيلين كل شيء... هذا الجو النفسي نحاربه بالضحك، وبأشياء كثيرة نحتال على الحرب والموت يا فريدة".