الأحد 6 أكتوبر 2024
سياسة

كيف يوظف العقل الانقسامي الغربي الجزائر لفصل الصحراء عن المغرب؟

كيف يوظف العقل الانقسامي الغربي الجزائر لفصل الصحراء عن المغرب؟ أقرب‭ ‬مثال‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬بجنوب‭ ‬السودان
تسخير‭ ‬الجزائر‭ ‬لكل‭ ‬إمكانياتها‭ ‬المالية‭ ‬وعائداتها‭ ‬النفطية‭ ‬للتشويش‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬الوحدة‭ ‬الترابية‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬عبثا،‭ ‬بل‭ ‬يندرج‭ ‬هذا‭ ‬التسخير‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬الجزائر‭ ‬كواجهة‭ ‬يتحكم‭ ‬فيها‭ ‬غربيون‭ ‬(الدولة‭ ‬العميقة‭ ‬بفرنسا‭ ‬بالأساس)‭ ‬ضمن‭ ‬استراتيجية‭ ‬تأزيم‭ ‬الأوضاع‭ ‬ورفع‭ ‬درجات‭ ‬التوتر‭ ‬بالصحراء‭ ‬إغلاقا‭ ‬لكل‭ ‬مساع‭ ‬أممية‭ ‬لتذويب‭ ‬الملف‭ ‬وطيه‭ ‬نهائيا‭.‬
 
وإذا‭ ‬استحضرنا‭ ‬معظم‭ ‬النزاعات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مناطق‭ ‬التوتر‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬سنجد‭ ‬أن‭ ‬نفس‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬يتم‭ ‬تبنيها‭ ‬دائما‭ ‬بنفس‭ ‬التخطيط‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬وأذرعها‭ ‬الجمعوية‭ ‬والإعلامية‭.‬‭ ‬ وأقرب‭ ‬مثال‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬بجنوب‭ ‬السودان،‭ ‬إذ‭ ‬تابعنا‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬الإقليم‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬بؤرة‭ ‬الضوء،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬إقصائه‭ ‬من‭ ‬مخططات‭ ‬التنموية‭ ‬التي‭ ‬تقرها‭ ‬الخرطوم،‭ ‬ومرورا‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬تهميش‭ ‬المسيحيين،‭ ‬وانتهاء‭ ‬بتأكيد‭ ‬خروقات‭ ‬الدولة‭ ‬السودانية‭ ‬وحربها‭ ‬الشرسة‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬استمر‭ ‬الدعاية‭ ‬له‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬انتصرت‭ ‬فكرة‭ ‬الانفصال،‭ ‬ومضى‭ ‬السودان‭ ‬بشماله‭ ‬وجنوبه‭ ‬إلى‭ ‬الغرق‭ ‬في‭ ‬آثار‭ ‬التقسيم‭ ‬الوخيمة،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬توضع‭ ‬الحلول‭ ‬الموضوعية‭ ‬لنهضة‭ ‬السودان‭ ‬بكل‭ ‬أقاليمه‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬العقل‭ ‬الانقسامي‭ ‬الدولي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬بتر‭ ‬أجزاء‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬البلد،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬التهديد‭ ‬بتقسيم‭ ‬الجنوب‭ ‬ذاته‭.‬‭ ‬نفس‭ ‬السيناريو‭ ‬يهيؤه‭ ‬ذلك‭ ‬العقل‭ ‬لمناطق‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬المعمور‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬ناكورني‭ ‬كارا‭ ‬باخ،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وليبيا‭...‬

ولإنجاح‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬يعتمد‭ ‬العقل‭ ‬الانقسامي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الأذرع‭ ‬الممكنة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬توظيف‭ ‬الإعلام‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬يهب‭ ‬إلى‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬بكثافة‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬ما‭ ‬والنفخ‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬معزولة‭ ‬أو‭ ‬اختلاقها‭ ‬حتى،‭ ‬أو‭ ‬انخراطا‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬التجييش‭ ‬المصوب‭ ‬نحونا،‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬انسياق‭ ‬أعمى‭ ‬مع‭ ‬فكرة‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭. ‬كما‭ ‬يعتمد‭ ‬هذا‭ ‬العقل‭ ‬على‭ ‬الأجهزة‭ ‬والفرق‭ ‬النيابية‭ ‬المهيأة‭ ‬لهذا‭ ‬الدور‭ ‬داخل‭ ‬محافل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وداخل‭ ‬أروقة‭ ‬البرلمانات‭ ‬المحلية‭ ‬بكل‭ ‬دولة‭ ‬أوربية‭ ‬ثم‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوربي‭ ‬نفسه‭ ‬التي‭ ‬هي)‭ ‬أي‭ ‬الفرق‭ ‬والمجموعات‭ ‬النيابية (‭ ‬جاهزة‭ ‬لدعم‭ ‬الانفصال،‭ ‬ولتمزيق‭ ‬الدول‭ ‬و«بهدلة» مقومات‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية).
 
ويتوازى‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬اقتناص‭ ‬عساكر‭ ‬الجزائر‭ ‬وقادة‭ ‬البوليساريو‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬الفرص،‭ ‬حيث‭ ‬يواصلون‭ ‬تحركهم‭ ‬في‭ ‬أوربا‭ ‬تحديدا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خدمة‭ ‬مخطط‭ ‬التقسيم‭ ‬والترويج‭ ‬لأطروحة‭ ‬يكونون‭ ‬هم‭ ‬مجرد‭ ‬أداة‭ ‬لا‭ ‬تخدم‭ ‬المصالح‭ ‬الحقيقية‭ ‬للصحراويين‭ ‬المحتجزين‭ ‬بمخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬الكامنة‭ ‬أساسا‭ ‬في‭ ‬فتح‭ ‬المجال‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم‭ ‬المغرب‭ ‬للعيش‭ ‬بكرامة‭ ‬،‭ ‬ولكن‭ ‬فقط‭ ‬خدمة‭ ‬لأطروحة‭ ‬الفوضى‭ ‬الخلاقة‭ ‬بما‭ ‬يلائم‭ ‬مصالح‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬الذي‭ ‬تعولم‭ ‬الصراعات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وتجعلها‭ ‬الأنوية‭ ‬المركزية‭ ‬لإعادة‭ ‬امتلاك‭ ‬العالم‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬خيراته‭ ‬واستعباد‭ ‬شعوبه‭.‬