الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد الهادي مزراري: كيف خطف النظام العسكري الجزائري قناة "الجزيرة" من محفظة الشيخ تميم

عبد الهادي مزراري: كيف خطف النظام العسكري الجزائري قناة "الجزيرة" من محفظة الشيخ تميم عبد الهادي مزراري
في العمل السياسي لا يوجد إعلام بريئ، ولا تنطلي خرافة الإعلام الموضوعي إلا على من لا يفقه شيئا في السياسة، حتى في اتون دول الغرب التي نشأت وتطورت فيها "حرفة" الصحافة، يعتبر الإعلام سلاح ناعم لتجييش الرأي العام، وإسقاط الخصوم، واستعمال ملفات بعينها لابتزاز هذا الطرف أو ذاك.
اندلع خبر إقالة الصحافي المغربي عبد الصمد ناصر، من قناة "الجزيرة" القطرية كالنار في الهشيم، فلا بد ان يتساءل قسم كبير من الرأي العام العربي عن سبب هذه الإقالة، خصوصا أن للرجل باع طويل في العمل الإعلامي، ويعتبر واحدا من الذين بنت قناة "الجزيرة" مجدها على سواعدهم.
لا توجد في قطر نقابة للصحافيين قادرة على مساءلة إدارة قناة "الجزيرة" على قانونية هذا الإجراء، الذي اتخذته ضد الإعلامي عبد الصمد ناصر.  ولا توجد أي هيأة مدنية أو سياسية تستطيع الترافع لحماية حقوق الإعلاميين، وذلك بكل بساطة لأن قناة "الجزيرة" مرتبطة بالعمل السيادي للإمارة وتعتبر ذراعا من أذرعها التي لا تنفصل عن السياسة الخارجية للدولة.
ما دام الأمر كذلك وهو كذلك، هل تم طرد الإعلامي عبد الصمد ناصر بواسطة قرار أميري؟ أم أن إدارة شؤون الموارد البشرية متروكة لتقدير إدارة القناة، ولا يبلغ مستوى البت فيها إلى شيخ الإمارة؟
لم تكشف الأسباب الحقيقية التي ارتكزت عليها إدارة القناة لإعفاء الإعلامي المغربي، ولكن بالنظر إلى تصريحاته الأخيرة التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، التي يدعو من خلالها كافة المغاربة إلى التعبئة للدفاع عن المغرب، ويقول فيها "إن مؤامرات خطيرة تحاك ضد المغرب"، معززا ذلك بعدد من التدوينات التي يفضح فيها أساليب النظام الجزائري لتشويه المغرب والنيل من سمعته وتأليب الرأي العام العربي عليه.
بناء على تصريحات ناصر، يظهر السبب الوحيد في قلب الطاولة عليه من داخل قناة "الجزيرة"، فهو لم يوجه نداءه إلى المغاربة باتخاذ الحيطة والحذر من فراغ، فهو شاهد عيان على مؤامرة تحاك ضد بلده من داخل قناة "الجزيرة" المثيرة للجدل.
دفع عبد الصمد ناصر ثمن يقظته وثمن حبه لوطنه في وجه ما اعتبره مساسا بشرفه، وشرف بلاده، وشرف مهنة الصحافة. حيث يسيطر على إدارة القناة لوبي من الجزائريين يشتغلون في مختلف الأقسام الإعلامية والتقنية والإدارية، وإلا ما كان للإدارة أن تتخذ قرار الإعفاء في حق ناصر وتجاهلت حالات الدراجي وبن قنة اللذين حولا قناة الجزيرة إلى منصة للتهجم على المغرب والدفاع عن النظام العسكري الجزائري.
يذكر الجميع الحوار الساذج، الذي خصت به قناة "الجزيرة" الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وحاورته على هواه خديجة بن قنة، في 22 مارس 2023، وشن من خلاله هجوما سافرا على المغرب، مروجا لمغالطات وأكاذيب لا تحتمل. وكان ذلك بمثابة مؤشر قوي على أن القناة تحولت إلى سلاح بيد النظام الجزائري من خلال عملائه العاملين هناك ضد المغرب.
ما يثير الاستغراب، هل جرت هذه الأمور بعلم الأمير الشيخ تميم أم ان القناة اختطفها الجزائريون من محفظته دون أن يدري؟
تصنف العلاقات المغربية القطرية في خانة العافية، فهي في وضع جيد حسب المؤشرات الدبلوماسية، من يوم فاجأ الملك محمد السادس العالم وطار في رحلة جوية مباشرة من الإمارات العربية المتحدة إلى قطر مخترقا الأجواء السعودية في الوقت الذي كانت إمارة قطر تخضع لحصار بري وجوي وبحري من طرف جيرانها في الخليج. ولا يتصور عاقل أن يرد أمير قطر على الموقف المغربي الداعم له بموقف الخزي والعار ويدعم طغمة من العملاء الجزائريين في قناته "الجزيرة"، لينعش أوهامهم بالترويج لمغالطات مقصدوة ضد المغرب.
لا يحسب المغاربة امير قطر مغفلا، ولا ناكرا للمعروف، ولا مجردا من شيم العروبة، حتى يسمح بأن تنحرف إدارة قناة "الجزيرة" وتصبح مثل طائرة مخطوفة يقودها إرهابيون متطرفون وجهتهم مطار "الهواري بومدين".
كثيرة انحرافات قناة "الجزيرة" هذه الأيام، وبمجرد تتبع تغطيتها لبعض الأحداث يظهر انها بعيدة كثيرا عن الواقع وتميل إلى إغراق نفسها في مواقف قد تكشف صورة مغلوطة عن قطر اللهم إذا كان ذلك مقصودا من أمير البلاد وأسلوبا من أساليب عمله، لكن لا نسيء الظن فبعض الظن إتم. لنراقب وننتظر.