يحتفل الإتحاد الإفريقي بالذكرى 60 لإنشائه (تحت مسمى منظمة الوحدة الإفريقية آنذاك) وهو يعيش تحت وطأة العديد من التحديات. وإذا كان من أولوية يجب أن تولى كامل اهتمام الإتحاد هو العنصر البشري، فأفارقة اليوم يبلغ عددهم 1,3 مليار وسينتقل هذا الرقم لـ 2,5 مليار سنة 2050، مع ما يتطلب ذلك من متطلبات التربية والتعليم والصحة والأمن الغذائي والتشغيل ...الخ.
وإذا كانت هذه الملفات تشغل كذلك العالم كله بواسطة منظمة الأمم المتحدة التي عبر ما مرة عن انشغاله بهذه المواضيع، فإن حلها لن يتم إلا بواسطة الأفارقة أنفسهم. فالإعتماد عن القوى الإستعمارية القديمة أو الشركاء الصاعدون الجدد كالصين وروسيا، يعتبر خطأً قاتلاً، لأن كل هؤلاء يبحثون عن مصلحتهم أولاً وقبل ما يمكن أن تجنيه أفريقيا من مكاسب. وهنا أستحضر أن الإتحاد الإفريقي الذي يضم 54 عضواً لازال عاجزاً عن تأمين تمويله، إذ يسجل كل سنة عجزه عن تحمل ميزانية التسيير التي تبلغ حوالي 750 مليون دولار فقط. للتذكير فإن نصف هذه الميزانية هي عبارة عن مساعدات وهبات مالية تتحملها خاصة الصين والإتحاد الأوروبي وهذا يشكل إشكالاً كبيراً بخصوص استقلالية المنظمة اتجاه مصالح خارجية تتصارع من أجل التموقع بأفريقيا. للعلم فإن حوالي ثلاثين بلداً افريقياً عاجزاً عن أداء مستحقات عضويته رغم أن المبلغ الأدنى لا يتجاوز 350 ألف دولار سنوياً.
التحدي الكبير الآخر هو تهديد الأمن والسلم مع ارتفاع منسوب الإرهاب والنزاعات الحدودية والداخلية، مما يُضعف بشكل كبير مناعة القارة رغم محاولات تدخل قوات السلم الإفريقية المشتركة والتي تفتقد الإمكانيات والإرادة السياسية لتسود بقارتها. وكأن هذه العوامل التي تُضعف القارة غير كافية، تعمل بعض الدول على افتعال الأزمات كما تقوم به الجزائر وجنوب أفريقيا بخصوص ملف الصحراء المغربية، مما يؤجج الانقسامات وتشتيت المجهودات وتغيير الأولويات. فعوض تكاثف المجهودات من أجل تحسين الأمن الغذائي ومحاربة الإرهاب واستتباب الأمن والسلم، تُنفق ملايير الدولارات في تسليح بدون جدوى في وقت ما أحوج فيه القارة لاعتماداتها المالية من أجل تحقيق النمو ومتطلبات شباب اليوم والغذ بأعدادهم ومتطلباتهم المتصاعدة.
من أجل كل ذلك، يبدو أن الإتحاد الإفريقي لم يستفد من ستين سنة من التفرقة والتطاحن ولازال عاجزاً عن تحديد أولوياته وبعيداً عن الوعي بالإمكانيات الطبيعية التي تختزنها تربته وبالتالي أعتبر الذكرى الستون لإنشائه مجرد رقم ضائع ضمن مئات الأرقام والفرص الضائعة.