لما استقبل الملك محمد السادس زعيم حزب المصباح عبد الإله بنكيران في ميدلت وعينه رئيسا للحكومة، بادر هذا الأخير في أول تحرك له بإعلان تشبت حزبه بحقيبة التجهيز حتى قبل أن تبدأ المشاورات مع الأحزاب والبحث عن حلفاء لبناء ائتلاف حكومي.
ومع انطلاق المشاورات جدد حزب بنكيران تمسكه بحقيبة وزارة التجهيز لدرجة أن المواجهة كادت أن تحتد بين هذا الحزب وحزب الاستقلال.
الحرص على إسناد وزارة التجهيز لوزير من حزب العدالة والتنمية فجر أحلاما بأن الوزارة في عهدعزيز الرباح ستحقق وثبة لتشبيك التراب الوطني وتوسيع شبكة الطرق وصيانة المتهالك منها.
لكن للأسف، أظهرت الممارسة أن سر تمسك حزب بنكيران بهذه الوزارة نابع من الرغبة في تقويض الخصوم ومحاصرة القلاع الانتخابية للأحزاب المتنافسة.
الدليل على ذلك أن عزيز الرباح وزير التجهيز أصر على رفض إنجاز كل الطرقات المحورية الرابطة بين الأقطاب الحضرية بالدار البيضاء وتم إقبار كل المشاريع المسطرة على عهد أسلافه في المخططات التعميرية للعاصمة الاقتصادية بدعوى أن هذه الطرق توجد في مناطق ينجح فيها برلمانيين من حزب البام وبالتالي إذا تم الترخيص بإنجاز هذه المشاريع "سيطلع الجوك" لمنتخبي حزب "التراكتور".
الدليل على ذلك أن الطريق الرابطة بين الأوطوروت ومطار محمد الخامس المارة عبر تيط مليل وسلام أهل الغلام وثكنة مولاي يوسف تم تعطيل إنجازها من طرف وزارة عزيز الرباح لأنها ستهيكل تراب ثمان جماعات محلية بضاحية الدار البيضاء كلها تنتمي لحزب "البام" وهي꞉ المحمدية + سيدي مومن + عين حرودة تيط مليل + الهراويين + النواصر + مديونة + المجاطية.
المثير أن الحرب الدائرة بين حزب "البام" و حزب "المصباح" يؤدي ثمنها سكان الدار البيضاء دون أن يكون لهم دخل في الموضوع، بل الأفظع أن هذه الطريق، ذات الوضعية الكارثية تربط بين ثلاث أقطاب حضرية كبرى وهي꞉ "سلام أهل الغلام"، لإيواء ساكنة دوار السكويلة وطوما وباقي كاريانات سيدي مومن، وقطب الهراويين الذي خصص لإيواء ساكنة كاريان سنطرال فضلا عن فتحه في وجه التعمير لاستقبال ما يزيد عن 250 ألف نسمة أخرى ثم قطب النواصر المرشح لاستقبال 800 ألف نسمة، هذا دون الحديث عن كون هذه الطريق توجد في المثلث اللوجستيكي الذي يرعاه الملك محمد السادس والممتد من زناتة إلى المطار مرورا بتيط مليل.
وياليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل حتى المشروع الطرقي الرابط بين المدار الجنوبي وساحل دار بوعزة (المار عبر دوار لوزازنة ودوار ميرسيديس) يعرف هو الآخر شد الحبل بين وزارة التجهيز ومجلس الدار البيضاء، علما أن هذه الطريق كانت تابعة للوزارة قبل أن تخضع لتبعية البلدية عقب توسيع المدار الحضري للبيضاء في الانتخابات السابقة. وتعود سياسة شد الحبل إلى كون هذه الطريق تعبر تراب دار بوعزة الخاضعة بدورها لنفوذ عائلة "البام".
هنا ينتصب السؤال꞉ هل وزارة التجهيز ملك للمغاربة أم ملك للوزير الرباح ولبنكيران ليسخرانها وفق أهدافهما الحزبية؟
وهل القسم الذي أداه عزيز الرباح أمام الملك محمد السادس تضمن الولاء للمغاربة ككل أم الولاء للسكان الذين صوتوا على حزب المصباح؟
إن كان الأمر كذلك، فلنقرأ الفاتحة وسورة يس على المغرب والمغاربة.