لقد خلق الله هذا الكون الفسيح وسخره للإنسان وجعل هذا الأخير مخيرا في عدة أمور يحتكم فيها إلى العقل الذي كرم به الله سبحانه وتعالى بني آدم عن باقي المخلوقات، وهناك أمور عدة كذلك جعل الله فيها الانسان مسيرا نذكر منها الأصول والأخوة فلا أحد منا اختار ابويه أو اخوته ولا أحد اختار وطنه والانتماء إليه ولااختار جغرافيته وتموضعه. فالمغرب مثلا تحده الجزائر الشقيقة شرقا وهذا واقع لا يمكن تغييره، وحسن الجوار واجب رغم الخلافات التي تكون في بعض الأحيان رحمة. ومنذ ستينيات القرن الماضي عرفت العلاقات المغربية الجزائرية تصدعا بسبب خلافات من دسائس الاستعمار الفرنسي الغاشم، إلا انه مهما وصل الخلاف مداه بين الجارتين، فإن هناك مجموعة من الروابط تجمع الشعبين الشقيقين نذكر منها اللغة والدين والتاريخ والمصير والعروبة .... وهي أواصر قوية قادرة على الصمود، اما الشنآن والخلافات السياسية ـ وأنا هنا في هذا المقال لست بصدد حل الخلافات بين المغرب والجزائرـ فإن حلحلتها تتم عبر قنوات ديبلوماسية ومؤسسات دولية، لكن المغزى من هذه السطور هو مناشدة الشعبين الشقيقين للنأي عن الملاسنات عبر الوسائط الاجتماعية لأنها لا تزيد إلا من توسيع الهوة وصب مزيد من الزيت على النار، فتتسع الشقة بين البلدين وتنمو الأحقاد في بيئة مشحونة بالعداوات والبغضاء، فاذا كانت الخلافات والخلاف قائما، فالمطلوب منا عدم إذكاء الفتنة والتهييج، فنحن كشعبين تواقين إلى اللحمة العربية ووحدة شعوبها يطلب منا كمواطنين التزام الصمت وضبط النفس عوض السب والشتم والفعل و ردته لأنه يجب أن نعلم ان الأسباب التقليدية للحروب قد اختفت وكل حروب العالم اليوم هي حروب بالوكالة تدار رحاها فوق أرض يراد لشعوبها الدمار والتخلف، لهذا ان سرنا كشعبين على هذا المنوال فإننا نؤجج لحرب نحن في غنى عنها ونفتح المسارب لأطراف أخرى لها مآرب مشبوهة. فالمطلوب من كل المغاربة والجرائريين حكومة وشعبا معارضة وأغلبية خفض التوترو نزع الفتيل الذي لن يزيد الأمور إلى تعقيدا. ولنا في السير على نهج صاحب الجلالة الملك نصر الله في سياسته تجاه الجارة الشرقية أروع قدوة، فهو في جميع خطبه في السنوات الأخيرة ما فتئ يقدم دعوات صريحة لسياسة اليد الممدودة للجزائر أو إشارات تصب في نفس المضمار، فنحن كمغاربة أصبح لزاما علينا اجتناب الرد على إخواننا الجزائرين، وهذا ليس ضعفا منا ولكن حكمة وسمو نفس من أجل تخفيض حدة التوتر بين البلديين ، فلا فائدة لفي التقاط أي شيء كتبه إخواننا بالجزائر . ومع الوقت سيتضح لهم إننا لا نريد بهم سوءا كما يتوهم البعض، نحن لا نبحث مع الجزائر على غلبة أو استعلاء بل ان كل ما نطمح اليه هو و حدة دول شمال افريقيا من تونس وليبيا والجزائر وموريتانيا والمغرب. مرة أخرى هذه دعوة إلى تغليب ثقافة حسن الجوار وتبني الاستراتيجيات الوحدوية إن كنا فعلا نريد السير إلى الأمام بمصالح شعوبنا التواقة إلى التنمية في أجواء من السلم والتعايش وتقدير الآخر كما يؤكد عليه ديننا الحنيف.
كتاب الرأي