الثلاثاء 19 مارس 2024
خارج الحدود

خطة إيرانية لملاحقة النساء.. سيناريو "مهسا أميني" يلوح بالأفق

خطة إيرانية لملاحقة النساء.. سيناريو "مهسا أميني" يلوح بالأفق وفاة مهسا أميني لدى شرطة الأخلاق بعد احتجازها بتهمة انتهاك قواعد الحجاب
لم يتعلم النظام في إيران درس “انتفاضة مهسا”، ويدفع قضية “الحجاب الإلزامي” إلى صدارة الجدل السياسي، ما ينذر بجولة جديدة في الشارع.
ومؤخراً دأبت وسائل الإعلام المحسوبة على التيار المتشدد، على نشر صور ومقاطع فيديو لفتيات إيرانيات من دون حجاب، يسرن بكل أريحية في شوارع المدن خلال عطلة عيد النيروز، ما دفع كبار المسؤولين في البلاد إلى التلويح بـ”إصبع الوعيد”.
وهدد رئيس السلطة القضائية الإيرانية، غلام حسين محسني إيجي، بملاحقة من يظهرن في الأماكن العامة بدون حجاب “دون رأفة”، ويأتي تحذير رئيس السلطة القضائية في أعقاب بيان لوزارة الداخلية، يوم الخميس، دعم قانون الحجاب الإلزامي للحكومة.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن إيجي قوله، “عدم ارتداء الحجاب يصل إلى حد العداء لقيمنا، وإن من ترتكبن مثل هذه الأفعال المخلة ستعاقبن وستحاكمن بلا رأفة”.
وقال إيجي إن رجال إنفاذ القانون “ملزمون بإحالة الجرائم الواضحة وأي نوع من الإخلال بالقانون الديني في الأماكن العامة إلى السلطات القضائية”.
خطة البرلمان
إلى ذلك، يعتزم البرلمان الإيراني دراسة خطة جديدة تحت مسمى “العفاف والحجاب” بهدف إلزام الحكومة بتطبيق القانون الخاص بـ”الحجاب الإلزامي”، والذي يتضمن غرامات باهظة مع مصادرة رخصة قيادة السيارة وجواز السفر للنساء المخالفات.
وقال عضو البرلمان الإيراني حسين جلالي، إن “هذه الخطة ستصبح قانونًا إذا وفق عليها البرلمان الإيراني”، مبيناً أن المرشد علي خامنئي أطلع على الخطة ووافق عليها.
وأضاف جلالي في حديث صحفي نقله موقع صحيفة “اعتماد” الإصلاحية، أن “خطة فرض الحجاب الجديدة تشمل الالتزام به داخل السيارات، والأماكن العامة والمطاعم، والمكاتب والمنظمات الحكومية، والمراكز التعليمية والجامعات، والمطارات ومحطات التنقل، والفضاء الافتراضي للمشاهير”.
وأوضح “في هذا المشروع، يكون التعامل مع المخالفين ذكيًا تمامًا ولا توجد مواجهة جسدية. حيث تتراوح الغرامات المالية بين 500 ألف تومان (10 دولار أمريكي) و 3 مليارات تومان (60 ألف دولار)”.
وتابع “من ضمن العقوبات إلغاء رخصة القيادة وإلغاء جواز السفر، كما سيمنع المشاهير ومن لديهم قنوات ومواقع إلكترونية من استخدام الإنترنت”.
ومضى قائلا “سيتم تنفيذ هذه الخطة بغرامات باهظة، بحق النساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب الإلزامي في السيارات والأماكن العامة والمطاعم والمكاتب والمؤسسات الحكومية والمراكز التعليمية والجامعات والمطارات والمحطات والمساحات الافتراضية وغيرها مثل الشوارع والطرق”.
وتأمل السلطات الإيرانية في تطبيق قانون الحجاب الإلزامي بشكل أكثر صرامة وممارسة مزيد من الضغط على النساء الإيرانيات، بالاعتماد على هذا القانون.
وتأتي هذه الخطة بعد موجة احتجاجات شعبية واسعة اندلعت في إيران في الأشهر الستة الماضية، حيث كانت النساء الإيرانيات يحتجن على الحجاب الإلزامي في جميع أنحاء البلاد.
نائب يحذر
في سياق متصل، حدد عضو في البرلمان الإيراني موعدًا نهائيًا لسريان الخطة الجديدة، وقال إنه “إذا لم يوفر القضاء وسيلة لمحاربة المخالفات للحجاب، فسيتم وضع خطة النواب على جدول الأعمال”.
وقال حسين علي حاجي ديليجاني، أحد أعضاء هيئة رئاسة البرلمان، السبت، “إذا لم يقدم القضاء الحلول اللازمة للثغرات القانونية في المناقشة الإيجابية أو السلبية للحجاب بحلول الثالث من أبريلالجاري، سيتم وضع الاقتراح على جدول أعمال البرلمان”.
وفي وقت سابق، قالت بيجن نباوة، إحدى نائبات البرلمان، إنه بموافقة رؤساء السلطات على الخطة الجديدة للبرلمان، سيتم فرض الحجاب بطريقة “ذكية”، بعد أن يتم رصد المخالفات بواسطة كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة في الأماكن العامة.
وشددت وزارة الداخلية الإيرانية قبل يومين، على تشديد فرض الحجاب على النساء والفتيات.
وجاء في بيان لوزارة الداخلية: “لم ولن يكون هناك أي تراجع أو تسامح في المبادئ والقواعد الدينية والقيم التقليدية، والحجاب كضرورة شرعية لا جدال فيها سيكون دائمًا أحد المبادئ العملية لإيران”.
وحث البيان المواطنين على مجابهة النساء غير المحجبات، وشجعت توجيهات مماثلة في عقود ماضية متشددين على مهاجمة النساء دون خوف من العقاب.
وخلع عدد متزايد من الإيرانيات الحجاب منذ وفاة مهسا أميني الفتاة الكردية التي يبلغ عمرها 22 عاما في حجز شرطة الأخلاق، في شتنبر الماضي. بعد احتجازها بتهمة انتهاك قواعد الحجاب.
نساء إيرانيات
واتخذت قوات الأمن تدابير عنيفة لإخماد احتجاجات استمرت لشهور في عموم البلاد بعد وفاة الشابة الكردية، ومع ذلك تظهر نساء بشكل متزايد بدون حجاب في مراكز التسوق والمطاعم والمتاجر والشوارع في أنحاء البلاد بالرغم من أن هذا يعرضهن للاحتجاز بتهمة مخالفة قواعد الملبس الإلزامية.
وانتشرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي لنساء غير محجبات يقاومن شرطة الأخلاق.
ربيع غضب؟
بدوره، قال عضو البرلمان الإيراني جليل رحيمي جهان آبادي، إن “التوترات الاجتماعية وعدم اليقين في مجال خصوصية الناس والقضايا الاجتماعية ومحاولات تقييد هذه الخصوصية (…) هي تحديات قد تدفع باحتجاجات جديدة”.
وجاء موقف النائب جهان آبادي، بعدما أثار نشر وكالة أنباء فارس، المقربة من الحرس الثوري، مقطع فيديو لنساء وفتيات إيرانيات لا يرتدين الحجاب، موجة من ردود الفعل السلبية بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي هذا الفيديو الذي نشرته وكالة أنباء فارس الأربعاء الماضي، تم تجميع صور خاصة وعامة لنساء وفتيات إيرانيات، وزعم أن “هذه الصور هي جزء من حياة أشخاص يبحثون (…) الإباحية باسم الحرية”.
ودعا الفيديو إلى عدم التساهل والتسامح مع فئة قليلة من المجتمع حسب تعبيره، تروّج لما اسماه بـ”الإباحية” في مختلف المدن الإيرانية ولا سيما العاصمة طهران بذريعة الحريات الاجتماعية.
لكن معارضين إيرانيين يرون أن النظام يحاول التملص من الالتزامات الجادة تجاه تحسين الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية لعموم الإيرانيين ليبقى ضمن لعبة القط والفأر المتعلقة بقضايا فرعية تحرف الاحتجاجات عن وجهتها وتضع عناوين جديدة لأزمة واضحة وهي مولد جيل يبحث عن الحرية والتعبير عن نفسه في ظل حياة كريمة.