يشرح نعيم كمال، مدير نشر موقع quid.ma، كيف انزعجت الدولة العميقة في فرنسا من تحرر المغرب من تبعيته لها. كما أسهب كمال في توضيح الاشعاع المغربي قاريا بالنظر إلى الدور الذي لعبه الملك محمد السادس بوصفه قائد الاستقلال الثاني لافريقيا عن فرنسا، انطلاقا من خطابي أبيدجان والرياض.
ما هو تعليقك الأولي على هذه الحملة الفرنسية بغطاء إعلامي وحقوقي ضد المغرب؟
الملاحظ أن كل أصدقاء فرنسا اليوم، أو كل بلد من مستعمراتها السابقة، ضمن مايسمى فرنسا الافريقية، أو الحديقة المستعبدة.. جل هؤلاء بدأوا يأخذون مسافة منها، بعد أن أدركوا أن فرنسا تتخذهم لتحسين وضعها الاقتصادي وريادة عالمية، من خلال استغلال بشع لمقدرات هذه الدول الافريقية بل وترابها كذلك: مالي، بوركينافاسو، ساحل العاج، افريقيا الوسطى، الكاميرون .. وغيرها من الدول، كلها تعاني من هذا الاستعمار الجديد لفرنسا، دول ظلت رغم الاستقلال الصوري متخلفة تنمويا ومتأخرة تعليميا، متقدمة من حيث البطالة. بعد كل هذه الفترة الزمنية من خروج المستعمر الفرنسي، دخلت هذه الدول لمرحلة مراجعة علاقتها بفرنسا، وليس من باب الصدفة أن تطرد مالي عناصر الجيش الفرنسي من أراضيها، مادام أن توسع رقعة الإرهاب في هذ البلد الافريقي تم مع دخول الجيش الفرنسي لمالي سنة 2013، بدعوى محاصرة العناصر الإرهابية والقضاء عليها. أيضا مؤخرا أعلن جيش بوركينافاسو انتهاء عمليات قوة «سابر» الفرنسية بعد تنديد الحكومة الحالية باتفاقات الدفاع التي تربط البلدين وذلك على وقع استمرار هجمات الإرهاب، وأنزلت الأعلام الفرنسية بشكل رسمي.. وزد على ذلك النيجر وساحل العاج وغانا، وغيرها من الدول المطلة على المحيط الأطلسي، كل هذه المتغيرات تطرح سؤالا جوهريا على رئاسة حكومة باريس من حيث طبيعة علاقاتها مع مستعمراتها السابقة، كالمغرب والجزائر. وهنا أفتح قوسا لأؤكد أن العلاقات الفرنسية الجزائرية ليست على ما يرام، نموذج قضية أمينة بوراوي، وهي المواطنة مزدوجة الجنسية، أدت إلى توتر وتأزم ديبلوماسي بين البلدين، بلغ حد استدعاء السفير الجزائري في باريس للتشاور.. في هذا الخضم وعوض أن تطرح فرنسا على نفسها أسئلة حول علاقاتها الدولية، التي شملت أيضا ألمانيا، من أجل التقويم والتقييم، نراها تتعنت وتصر على أنها الحامية لعدد من الدول الافريقية. وهنا ندرج حالة المغرب في علاقته مع هذا البلد الذي نصف علاقاتنا بها بـ «التاريخية».. لقد برز الملك محمد السادس مختلفا في علاقته مع فرنسا منذ اعتلائه العرش سنة 1999. وهناك محطتين فارقتين ومميزتين في العلاقة بين البلدين، فبراير 2014، في خطاب أبيدجان، لما دعا إلى تحالف أفريقي لمواجهة التحديات وكذا تعبئة مستدامة وعملية، وكذا انبثاق قدرة القارة الافريقية على مواجهة الأمن الغذائي والأمن الإنساني والأمن بصفة عامة.. ليختم بالقول: «أفريقيا المبادرة التي تأخذ زمام مصيرها بيدها»، وهذه إشارة واضحة لتعاون جنوب جنوب وتنسيق كل المبادرات التنموية، مادام أنه لايمكن لأفريقيا الاعتماد على الشمال دائما لضمان تنميتها وأمنها. والعقود بينت ذلك بشكل جلي وواضح، بل من مصلحة الشمال أن يظل الجنوب متخلفا غارقا في مشاكله التنموية والأمنية، كما من مصلحته عدم حل ملف الصحراء المغربية، لأن أساس قوته هو استمرار ضعف الجنوب، بل ويتم تغذية هذا الأمر بشكل دائم. ومن مصلحة الشمال أن تظل بؤر التوتر مستمرة ومشتعلة لأنها تعطيهم أوراق ضغط على أطراف هذا التوتر.
المحطة الثانية من هذا التحول، خطاب قمة الرياض الذي بدأ فيه المغرب تغيير اتجاهات تحالفاته الاستراتيجية مثلا نحو الصين وروسيا والهند مع تقوية حضوره أفريقيا عبر العودة للاتحاد الافريقي، وما صاحب هذا الحضور المغربي من حركة مالية نحو هذه الدول. وهذا الأمر بدأ يزعج فرنسا اقتصاديا وسياسيا ومن يدور في فلكها من الدول الأوربية. وهذا ما نجده مضمنا بشكل مباشر أو غير مباشر في تصريحات السياسيين وكذا عبر إعلامهم، بل ويعتبرون أن المغرب هو الذي أسس لأرضية الاستقلال الافريقي الثاني عن فرنسا، وهو قائد التمرد القاري ضد مصالح فرنسا. والحال أن المغرب لم يكن يخفي هذا التوجه، وليس عملا في الخفاء، وبرز بشكل واضح كما قلت في خطابي الرياض وأبيدجان، بل وصرح بها لفرنسا والغرب، إذ ظهرت نخب سياسية جديدة على الساحة الدولية وأفريقيا، لاتفكر كما كانت النخب التقليدية في علاقتها المصلحية مع فرنسا.. هي تحولات متراكمة نتج عنها ما نشاهده اليوم من تهجم إعلامي وسياسي ضد المغرب من قبل المستعمر السابق..
الملاحظ أن كل أصدقاء فرنسا اليوم، أو كل بلد من مستعمراتها السابقة، ضمن مايسمى فرنسا الافريقية، أو الحديقة المستعبدة.. جل هؤلاء بدأوا يأخذون مسافة منها، بعد أن أدركوا أن فرنسا تتخذهم لتحسين وضعها الاقتصادي وريادة عالمية، من خلال استغلال بشع لمقدرات هذه الدول الافريقية بل وترابها كذلك: مالي، بوركينافاسو، ساحل العاج، افريقيا الوسطى، الكاميرون .. وغيرها من الدول، كلها تعاني من هذا الاستعمار الجديد لفرنسا، دول ظلت رغم الاستقلال الصوري متخلفة تنمويا ومتأخرة تعليميا، متقدمة من حيث البطالة. بعد كل هذه الفترة الزمنية من خروج المستعمر الفرنسي، دخلت هذه الدول لمرحلة مراجعة علاقتها بفرنسا، وليس من باب الصدفة أن تطرد مالي عناصر الجيش الفرنسي من أراضيها، مادام أن توسع رقعة الإرهاب في هذ البلد الافريقي تم مع دخول الجيش الفرنسي لمالي سنة 2013، بدعوى محاصرة العناصر الإرهابية والقضاء عليها. أيضا مؤخرا أعلن جيش بوركينافاسو انتهاء عمليات قوة «سابر» الفرنسية بعد تنديد الحكومة الحالية باتفاقات الدفاع التي تربط البلدين وذلك على وقع استمرار هجمات الإرهاب، وأنزلت الأعلام الفرنسية بشكل رسمي.. وزد على ذلك النيجر وساحل العاج وغانا، وغيرها من الدول المطلة على المحيط الأطلسي، كل هذه المتغيرات تطرح سؤالا جوهريا على رئاسة حكومة باريس من حيث طبيعة علاقاتها مع مستعمراتها السابقة، كالمغرب والجزائر. وهنا أفتح قوسا لأؤكد أن العلاقات الفرنسية الجزائرية ليست على ما يرام، نموذج قضية أمينة بوراوي، وهي المواطنة مزدوجة الجنسية، أدت إلى توتر وتأزم ديبلوماسي بين البلدين، بلغ حد استدعاء السفير الجزائري في باريس للتشاور.. في هذا الخضم وعوض أن تطرح فرنسا على نفسها أسئلة حول علاقاتها الدولية، التي شملت أيضا ألمانيا، من أجل التقويم والتقييم، نراها تتعنت وتصر على أنها الحامية لعدد من الدول الافريقية. وهنا ندرج حالة المغرب في علاقته مع هذا البلد الذي نصف علاقاتنا بها بـ «التاريخية».. لقد برز الملك محمد السادس مختلفا في علاقته مع فرنسا منذ اعتلائه العرش سنة 1999. وهناك محطتين فارقتين ومميزتين في العلاقة بين البلدين، فبراير 2014، في خطاب أبيدجان، لما دعا إلى تحالف أفريقي لمواجهة التحديات وكذا تعبئة مستدامة وعملية، وكذا انبثاق قدرة القارة الافريقية على مواجهة الأمن الغذائي والأمن الإنساني والأمن بصفة عامة.. ليختم بالقول: «أفريقيا المبادرة التي تأخذ زمام مصيرها بيدها»، وهذه إشارة واضحة لتعاون جنوب جنوب وتنسيق كل المبادرات التنموية، مادام أنه لايمكن لأفريقيا الاعتماد على الشمال دائما لضمان تنميتها وأمنها. والعقود بينت ذلك بشكل جلي وواضح، بل من مصلحة الشمال أن يظل الجنوب متخلفا غارقا في مشاكله التنموية والأمنية، كما من مصلحته عدم حل ملف الصحراء المغربية، لأن أساس قوته هو استمرار ضعف الجنوب، بل ويتم تغذية هذا الأمر بشكل دائم. ومن مصلحة الشمال أن تظل بؤر التوتر مستمرة ومشتعلة لأنها تعطيهم أوراق ضغط على أطراف هذا التوتر.
المحطة الثانية من هذا التحول، خطاب قمة الرياض الذي بدأ فيه المغرب تغيير اتجاهات تحالفاته الاستراتيجية مثلا نحو الصين وروسيا والهند مع تقوية حضوره أفريقيا عبر العودة للاتحاد الافريقي، وما صاحب هذا الحضور المغربي من حركة مالية نحو هذه الدول. وهذا الأمر بدأ يزعج فرنسا اقتصاديا وسياسيا ومن يدور في فلكها من الدول الأوربية. وهذا ما نجده مضمنا بشكل مباشر أو غير مباشر في تصريحات السياسيين وكذا عبر إعلامهم، بل ويعتبرون أن المغرب هو الذي أسس لأرضية الاستقلال الافريقي الثاني عن فرنسا، وهو قائد التمرد القاري ضد مصالح فرنسا. والحال أن المغرب لم يكن يخفي هذا التوجه، وليس عملا في الخفاء، وبرز بشكل واضح كما قلت في خطابي الرياض وأبيدجان، بل وصرح بها لفرنسا والغرب، إذ ظهرت نخب سياسية جديدة على الساحة الدولية وأفريقيا، لاتفكر كما كانت النخب التقليدية في علاقتها المصلحية مع فرنسا.. هي تحولات متراكمة نتج عنها ما نشاهده اليوم من تهجم إعلامي وسياسي ضد المغرب من قبل المستعمر السابق..
كيف يمكن تفسير هذه الحملة في الوقت الذي يشهد فيه الجميع بالعلاقات التاريخية والاقتصادية بين المغرب وفرنسا؟
فعلا هي علاقات كاملة الأوصاف من حيث الظاهر، لكن في العمق وبالرجوع إلى التاريخ، فلم تكن العلاقة على ما يرام وطبعتها الأزمات، من دوغول إلى ميتران، وباستثناء مرحلة جيسكار ديستان، كان هناك تهدئة اضطرارية من فرنسا بحكم السياق الدولي وقضية الصحراء ودخول موريتانيا على الخط.. ما عدا ذلك فإن فترة التوتر والشد والجذب عادت مع فرانسوا هولاند واليوم مع هذا الرئيس ماكرون، "عاجبو راسو شوي" ويعتبر نفسه من أذكى خلق لله في الأرض، وبالدارجة "ناقصاه غلية، باقي اخضر" ويعمل بسياسة Brusquer جميع شركائه، وهو ما نتج عنه نوعا من التمرد والانتفاضة جراء العلاقات غير المتوازنة.. مثلا عندما أراد المغرب إنجاز القطار فائق السرعة صرح لفرنسا بأن العرض الذي قدمته مرتفع مقارنة مع نظيره الصيني بنفس المردودية وبنفس الجودة، ومادام قانون السوق حر، فمن الحق المغرب أن يبحث بدوره عن مصالحه الاقتصادية، دون الارتباط بفرنسا أو غيرها..
فعلا هي علاقات كاملة الأوصاف من حيث الظاهر، لكن في العمق وبالرجوع إلى التاريخ، فلم تكن العلاقة على ما يرام وطبعتها الأزمات، من دوغول إلى ميتران، وباستثناء مرحلة جيسكار ديستان، كان هناك تهدئة اضطرارية من فرنسا بحكم السياق الدولي وقضية الصحراء ودخول موريتانيا على الخط.. ما عدا ذلك فإن فترة التوتر والشد والجذب عادت مع فرانسوا هولاند واليوم مع هذا الرئيس ماكرون، "عاجبو راسو شوي" ويعتبر نفسه من أذكى خلق لله في الأرض، وبالدارجة "ناقصاه غلية، باقي اخضر" ويعمل بسياسة Brusquer جميع شركائه، وهو ما نتج عنه نوعا من التمرد والانتفاضة جراء العلاقات غير المتوازنة.. مثلا عندما أراد المغرب إنجاز القطار فائق السرعة صرح لفرنسا بأن العرض الذي قدمته مرتفع مقارنة مع نظيره الصيني بنفس المردودية وبنفس الجودة، ومادام قانون السوق حر، فمن الحق المغرب أن يبحث بدوره عن مصالحه الاقتصادية، دون الارتباط بفرنسا أو غيرها..
هل يمكن القول إن تطورات ملف الصحراء المغربية عبر الاعتراف الأمريكي والإسباني بنجاعة الحكم الذاتي، مما يعني "تحررا" من الارتهان لفرنسا من بين أسباب هذا التهجم الإعلامي لباريس؟.
طبعا، كل هذه التطورات، التي جعلت صورة المغرب في المحافل الدولية، جعلت أمريكا تقر بمغربية الصحراء، وإسبانيا بنجاعة الحكم الذاتي، وسحب عدد من الدول لاعترافها بجمهوربة "الماكيط"، هذا بفضل جهود ما يمكن تسميته ب "الديبلوماسية المحمدية" نسبة للملك محمد السادس الذي خلق دينامية ديبلوماسية جديدة، كما يمكن إدراج التقارب المغربي الإسرائيلي الذي ليس جديدا كما تروج له الصحف الفرنسية، فسنة 2002 كان في المغرب مكتب للاتصال الإسرائيلي وتم غلقه في سياق عربي وإسلامي ارتباطا بقضة القدس، وكنا ضمن مجالات اتفاقية أوسلو سنة 1993. وبالعودة لعلاقة فرنسا بالمغرب فيما يخص ملف الصحراء المغربية، فهي كانت تتعامل معنا بما يسمى "الحد الأدنى"، بالمقابل المغرب قدم تنازلات كبيرة في هذه القضية، بلغت حد الحكم الذاتي، فيما ظل خصوم الوحدة الترابية عالقون في مطالب لم تعد لها الراهنية والواقعية..
طبعا، كل هذه التطورات، التي جعلت صورة المغرب في المحافل الدولية، جعلت أمريكا تقر بمغربية الصحراء، وإسبانيا بنجاعة الحكم الذاتي، وسحب عدد من الدول لاعترافها بجمهوربة "الماكيط"، هذا بفضل جهود ما يمكن تسميته ب "الديبلوماسية المحمدية" نسبة للملك محمد السادس الذي خلق دينامية ديبلوماسية جديدة، كما يمكن إدراج التقارب المغربي الإسرائيلي الذي ليس جديدا كما تروج له الصحف الفرنسية، فسنة 2002 كان في المغرب مكتب للاتصال الإسرائيلي وتم غلقه في سياق عربي وإسلامي ارتباطا بقضة القدس، وكنا ضمن مجالات اتفاقية أوسلو سنة 1993. وبالعودة لعلاقة فرنسا بالمغرب فيما يخص ملف الصحراء المغربية، فهي كانت تتعامل معنا بما يسمى "الحد الأدنى"، بالمقابل المغرب قدم تنازلات كبيرة في هذه القضية، بلغت حد الحكم الذاتي، فيما ظل خصوم الوحدة الترابية عالقون في مطالب لم تعد لها الراهنية والواقعية..
لكن إلى متى تظل الورقة الحقوقية وسيلة ضغط في فرنسا؟ وكيف أن بعض الأعضاء في الاتحاد الأوربي يسايرون باريس في الإساءة للرباط؟
لابد أن ندرك أن فرنسا عالميا في تراجع، وهذا نقاش داخلي وسط النخبة الفرنسية والدولة العميقة، تقهقرت من الرتبة الرابعة اقتصاديا إلى الرتبة السابعة وراء الهند، هذا تحول مهم، والفرنسيون يعيشون le vivent mal وزاد من تعميق الأوضاع، هذا الرئيس الذي يفتقد التجربة السياسية، ويروج أنه رسب في امتحان المدرسة الوطنية للإدارة، وهو يتحرك وفق لوبيات ومصالح اقتصادية كبرى، ويزعجها هذا التحرك المغربي في أفريقيا والعالم، لأنه بدأ يتخلص من ربقة الاستعمار الجديد، وهناك طرح آخر، تتخوف منه فرنسا والاتحاد الأوربي بالنظر للتاريخ القديم، أن يكون المغرب "تركيا شمال افريقيا"، وبالتالي هناك عقدة نفسية لدى فرنسا، وأن تحظى مقترحات القرارات الفرنسية فيما يخص المغرب بدعم أوربي، فهذا جانب من المصالح المتبادلة. ثم لنا أن نتساءل، ما قيمة هذا القرار الأوربي الأخير، فهو غير ملزم، وبالتالي فإن عددا من الأعضاء الذين صوتوا للقرار، يعتبرونه كذلك لن يؤثر على علاقاتهم مع المغرب، كما لن تتأثر به فرنسا وتحقق به مرادها. طبعا هناك إصرار فرنسي على محاولة عزل المغرب دوليا من خلال الورقة الحقوقية، وتسفيه كل الجهود التي قام بها المغرب بشكل استثنائي، عبر هيئة الإنصاف والمصالحة، وهي بهذا تريد إضعاف الرباط، حتى لاتقوم له قائمة، ويظل رهين السياسة الفرنسية. ولاحظ أن تأثير فرنسا لا يتجاوز ما سمي بمجموعة 27 في أوربا، أي الغربية، ورغم الاختلاف الفرنسي الألماني فيما يخص التسلح، فهناك توافقات بالنظر للمصالح المشتركة..
لابد أن ندرك أن فرنسا عالميا في تراجع، وهذا نقاش داخلي وسط النخبة الفرنسية والدولة العميقة، تقهقرت من الرتبة الرابعة اقتصاديا إلى الرتبة السابعة وراء الهند، هذا تحول مهم، والفرنسيون يعيشون le vivent mal وزاد من تعميق الأوضاع، هذا الرئيس الذي يفتقد التجربة السياسية، ويروج أنه رسب في امتحان المدرسة الوطنية للإدارة، وهو يتحرك وفق لوبيات ومصالح اقتصادية كبرى، ويزعجها هذا التحرك المغربي في أفريقيا والعالم، لأنه بدأ يتخلص من ربقة الاستعمار الجديد، وهناك طرح آخر، تتخوف منه فرنسا والاتحاد الأوربي بالنظر للتاريخ القديم، أن يكون المغرب "تركيا شمال افريقيا"، وبالتالي هناك عقدة نفسية لدى فرنسا، وأن تحظى مقترحات القرارات الفرنسية فيما يخص المغرب بدعم أوربي، فهذا جانب من المصالح المتبادلة. ثم لنا أن نتساءل، ما قيمة هذا القرار الأوربي الأخير، فهو غير ملزم، وبالتالي فإن عددا من الأعضاء الذين صوتوا للقرار، يعتبرونه كذلك لن يؤثر على علاقاتهم مع المغرب، كما لن تتأثر به فرنسا وتحقق به مرادها. طبعا هناك إصرار فرنسي على محاولة عزل المغرب دوليا من خلال الورقة الحقوقية، وتسفيه كل الجهود التي قام بها المغرب بشكل استثنائي، عبر هيئة الإنصاف والمصالحة، وهي بهذا تريد إضعاف الرباط، حتى لاتقوم له قائمة، ويظل رهين السياسة الفرنسية. ولاحظ أن تأثير فرنسا لا يتجاوز ما سمي بمجموعة 27 في أوربا، أي الغربية، ورغم الاختلاف الفرنسي الألماني فيما يخص التسلح، فهناك توافقات بالنظر للمصالح المشتركة..
وعندما تتحدث فرنسا عن حرية الصحافة والتجمع والتظاهر، فهي تدرك أن الأمر يتعلق بحالات معزولة ومعدودة وليس توجها رسميا لانتهاك الحقوق. بالمقابل من يحاسب فرنسا على تنكيلها بأصحاب "الجيليات الصفر" وغيرها من مظاهر الانتهاكات الموثقة بالصوت والصورة. والمغرب يدرك ذلك، وعليه تقوية موقفه دوليا، لانه لايعقل أن يظل المغاربة رهائن الساسة الفرنسيين في ملف وحدتهم الترابية واقتصادهم ولغتهم..