الخميس 6 فبراير 2025
سياسة

المغرب: فزاعة "بيغاسوس" وبؤس الدولة العميقة بفرنسا

المغرب: فزاعة "بيغاسوس" وبؤس الدولة العميقة بفرنسا في عهد ماكرون ازدادت السياسة في فرنسا قذارة وتعفنا
لماذا‭ ‬تصر‭ ‬أوروبا‭ ‬على‭ ‬إشهار‭ ‬«فزاعة‭ ‬بيغاسوس»‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬المغرب؟‭ ‬ولماذا‭ ‬هذا‭ ‬التصعيد‭ ‬الصارخ‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يكشف‭ ‬إلا‭ ‬شيئا‭ ‬واحدا،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬الوجه‭ ‬الديمقراطي‭ ‬المشوه‭ ‬لأوروبا‭ ‬كلما‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بفقدان‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬الآخرين؟‭ ‬
لقد‭ ‬رُتِّب‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬الظل‭ ‬لإرجاع‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬الطاعة،‭ ‬واجتمعت‭ ‬الأذرع‭ ‬السياسية‭ ‬والاستخبارتية‭ ‬في‭ ‬دهاليز‭ ‬قصر‭ ‬الإليزيه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬كسر‭ ‬رغبة‭ ‬الرباط‭ ‬في‭ ‬الانطلاق‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬إملاءات‭ ‬«المستعمر»‭. ‬فرنسا‭ ‬لم‭ ‬تستستغ‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬محرك‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المغربي‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬محلي،‭ ‬ولم‭ ‬تقبل‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬«التابع»‭ ‬إلى‭ ‬منافس‭ ‬قوي‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬ولا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قراره‭ ‬السياسي‭ ‬سياديا‭  ‬أو‭ ‬مستقلا؛‭ ‬فكان‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يتحرك‭ ‬«العقل‭ ‬الكولونيالي»‭ ‬المغلوب‭ ‬على‭ ‬أمره‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬اتجاه‭ ‬لتجنيد‭ ‬«سناريست‭ ‬محترف»‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬كتابة‭ ‬سيناريو‭ ‬محبوك‭ ‬يضع‭ ‬«البلد‭ ‬المارق»‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخطر،‭ ‬ويُعَجِّل‭ ‬باستسلامه‭ ‬وإعادته‭ ‬إلى‭ ‬الصف‭ ‬بالإكراه‭ ‬المُبين‭. ‬
لقد‭ ‬شِيء‭ ‬لهذا‭ ‬السيناريو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬«تلويثا»‭ ‬لسمعة‭ ‬المغرب‭  ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬موسيقاه‭ ‬التصويرية‭ ‬على‭ ‬الإيقاع‭ ‬«الفضيحة‭ ‬الإعلامية»‭. ‬حيث‭ ‬تجندت‭ ‬عدة‭ ‬منظمات‭ ‬ووسائل‭ ‬إعلام‭ ‬مأجورة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬الصحف‭ ‬الكبرى،‭ ‬مثل‭ ‬«لخدمة‭ ‬أجندة‭ ‬معروفة»‭ ‬و«ذي‭ ‬غارديان»‭ ‬و«واشنطن‭ ‬بوست»‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رفع‭ ‬منسوب‭ ‬الانفجار‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى،‭ ‬حين‭ ‬ادعت‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ ‬أنّ‭ ‬الاستخبارات‭ ‬المغربية‭ ‬استخدمت‭ ‬برنامج‭ ‬«بيغاسوس»‭ ‬الذي‭ ‬طوّرته‭ ‬شركة‭ ‬«إن‭ ‬إس‭ ‬أو»‭ ‬الإسرائيليّة،‭ ‬للتجسّس‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬وأعضاء‭ ‬في‭ ‬حكومته،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬نحو‭ ‬30‭ ‬مسؤولا‭ ‬في‭ ‬مؤسّسات‭ ‬إعلاميّة‭ ‬فرنسيّة‭. ‬
لقد‭ ‬كان‭ ‬الغرض‭ ‬المضمر‭ ‬من‭ ‬«المؤامرة»‭ ‬هو‭ ‬إدخال‭ ‬المغرب،‭ ‬الذي‭ ‬انتزع‭ ‬اعترافا‭ ‬دوليا‭ ‬بقدراته‭ ‬الأمنية‭ ‬والاستخبارتية‭ ‬الفائقة،‭ ‬إلى‭ ‬«حقل‭ ‬سلبي»‭ ‬يجعل‭ ‬كل‭ ‬منجزه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬مختزلا‭ ‬«العمل‭ ‬التجسسي»‭ ‬على‭ ‬قادة‭ ‬العالم‭. ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬«الاستخبار»‭ ‬هو‭ ‬تقفي‭ ‬وتتبع‭ ‬وجمع‭ ‬وقدرة‭ ‬ومهارة‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬المعلومات‭ ‬الواردة‭ ‬لإنتاج‭ ‬معلومات‭ ‬استخبارية‭ ‬تخدم‭ ‬الأهداف‭ ‬العليا‭ ‬للدولة،‭ ‬وتُسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬الاستراتيجية‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬«الاستخبار‭ ‬النافع»‭ ‬الذي‭ ‬يحصن‭ ‬المصالح‭ ‬الوطنية،‭ ‬ويحمي‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬للبلد‭ ‬ويمنع‭ ‬عنها‭ ‬أي‭ ‬مخططات‭ ‬ضارة‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬عدوان‭ ‬خارجي‭. ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬خطة‭ ‬«بيغاسوس»‭ ‬المكشوفة‭ ‬أرادت‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬المغرب‭ ‬كدولة‭ ‬بوليسية‭ ‬ترهب‭ ‬الناشطين‭ ‬السياسيين‭ ‬والحقوقيين،‭ ‬وتستبد‭ ‬بحقوق‭ ‬الصحافيين،‭ ‬وتستأسد‭ ‬على‭ ‬المعارضين،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تتورع‭ ‬عن‭ ‬التجسس‭ ‬على‭ ‬قادة‭ ‬العالم‭ ‬المتحضر،‭ ‬وتحاول‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬«قانونها»‭ ‬على‭ ‬أوروبا‭!!‬‭. ‬ولإنجاح‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينطلي‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬«الحاقدين»‭ ‬و«المأجورين»،‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تواكبه‭ ‬جوقة‭ ‬مختارة‭ ‬من‭ ‬قارعي‭ ‬الطبول‭ ‬والصنوج،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ردات‭ ‬فعل‭ ‬«مخدومة»،‭ ‬إذ‭ ‬ما‭ ‬معنى‭  ‬أن‭ ‬يسارع‭ ‬الناطق‭ ‬الرسمي‭ ‬باسم‭ ‬الحكومة‭ ‬الفرنسية،‭ ‬جابرييل‭ ‬أتال،‭ ‬بمجرد‭ ‬انطلاق‭  ‬التفجير‭ ‬الإعلامي‭ ‬الفاشل‭ ‬لقضية‭ ‬بيغاسوس‭ ‬في‭ ‬يوليوز‭ ‬2021،‭ ‬إلى‭ ‬القول،‭ ‬خارج‭ ‬كل‭ ‬الضوابط‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬المعروفة،‭ ‬«إن‭ ‬الرئيس‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬غير‭ ‬هاتفه‭ ‬ورقمه‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬الكشف‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬برنامج‭ ‬بيغاسوس‭ ‬للتجسس»؟‭ ‬وما‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬يضيق‭ ‬«إن‭ ‬فرنسا‭ ‬قررت‭ ‬تعديل‭ ‬إجراءات‭ ‬التأمين،‭ ‬وخاصة‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتأمين‭ ‬الرئيس‭ ‬ماكرون‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬القضية»؟
لقد‭ ‬اتضح‭ ‬منذ‭ ‬البدء‭ ‬أن‭ ‬استهداف‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬أقوى‭ ‬جهاز‭ ‬له‭ ‬«الاستخبارات»،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مجرد‭ ‬«شدّ‭  ‬قوي‭ ‬لأذن‭ ‬بلد‭ ‬متمرد»،‭ ‬كما‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬بيغاسوس‭ ‬ليس‭ ‬إلا‭ ‬ذريعة‭ ‬تشبه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭ ‬أكذوبة‭ ‬«امتلاك‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل»‭ ‬التي‭ ‬استعملها‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬لغزو‭ ‬العراق‭. ‬
هذا‭ ‬ما‭ ‬أدركه‭ ‬المغرب‭ ‬مبكرا،‭ ‬لأن‭ ‬«أوركسترا‭ ‬الفضح»‭ ‬أجرت‭ ‬بروفاتها‭ ‬الأولى‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتوقع‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬اطلاع‭ ‬تام‭ ‬بتفاصيل‭ ‬المعزوفة،‭ ‬ومن‭ ‬يقف‭ ‬وراءها،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬غاياتها‭ ‬الدنيئة،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬أسبابها؟
لقد‭ ‬أراد‭ ‬مخرجو‭ ‬فيلم‭ ‬«بيغاسوس‭ ‬غيت»‭ ‬أن‭ ‬يجبروه‭ ‬على‭ ‬الارتطام‭ ‬بـ‭ ‬«تسونامي‭ ‬جبار»‭ ‬لن‭ ‬يخرج‭ ‬منه‭ ‬سليما،‭ ‬لكن‭ ‬عرف‭ ‬كيف‭ ‬يحوّل‭ ‬هذا‭ ‬التسونامي‭ ‬إلى‭ ‬فقاعة‭ ‬علقت‭ ‬بأنف‭ ‬أصحابها‭. ‬فالمغرب‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬تامة‭ ‬بأنه‭ ‬مستهدف‭ ‬منذ‭ ‬أواخر‭ ‬سنة‭ ‬2020،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬مذكرة‭ ‬تحليلية‭ ‬أنجزتها‭ ‬إيزابيل‭ ‬فيرينفيلس،‭ ‬الباحثة‭ ‬بالمعهد‭ ‬الألماني‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‭ ‬والأمنية،‭ ‬وهي‭ ‬مذكرة‭ ‬سرية‭ ‬بعنوان‭ ‬«التنافس‭ ‬المغاربي‭ ‬على‭ ‬أفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء»،‭ ‬توصي‭ ‬بضرورة‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬المغرب‭ ‬وعرقلة‭ ‬نموه‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وعدم‭ ‬السماح‭ ‬له‭ ‬بأن‭ ‬يصبح‭ ‬أقوى‭ ‬مغاربيا،‭ ‬خاصة‭ ‬أمام‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬البطيء‭ ‬للجزائر‭ ‬وتونس‭.‬
وكان‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭ ‬قد‭ ‬سجل‭  ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬يتقدم‭ ‬بوتيرة‭ ‬سريعة،‭ ‬تاركا‭ ‬وراءه‭ ‬جارتيه‭ ‬الجزائر‭ ‬وتونس،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لطموحات‭ ‬الهيمنة‭ ‬المغربية‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬الديناميات‭ ‬السلبية‭ ‬للتنافس،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬يمثل‭ ‬خللا‭ ‬في‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬البلدان‭ ‬المغاربية‭ ‬الثلاثة‭. ‬
لقد‭ ‬ألزمت‭ ‬توصيات‭ ‬المعهد‭ ‬الألماني‭ ‬فرنسا،‭ ‬ومعها‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬بتوضيح‭ ‬علاقاتهم‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬تقليص‭ ‬الهوة‭ ‬بينها،‭ ‬ومراجعة‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مها‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬يبطئ‭ ‬التطور‭ ‬المتسارع‭ ‬للمغرب‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬جاريه،‭ ‬وتحديدا‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الجارة‭ ‬الجزائر‭ ‬التي‭ ‬فقدت‭ ‬البوصلة‭ ‬تماما،‭ ‬وأصبح‭ ‬حكامها‭ ‬بشعرون‭ ‬باللاجدوى‭.‬
فما‭ ‬العمل‭ ‬إذن؟‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬السلاح‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬للأوروبيين‭ ‬أن‭ ‬يستعملوه‭ ‬ليبرروا‭ ‬حربهم‭ ‬«المقدسة»‭ ‬على‭ ‬المغرب،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬«دفأ»‭ ‬كتفيه‭ ‬باعتراف‭ ‬أمريكي‭ ‬ثمين‭ ‬بـ‭ ‬«مغربية‭ ‬الصحراء»‭ ‬كما‭ ‬أخذ‭ ‬يحظى‭ ‬باحترام‭ ‬أغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الثقة‭ ‬والشفافية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬دولا‭ ‬كانت‭ ‬تصطف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬«الكراغلة‭ ‬الأشرار»‭ ‬«حكام‭ ‬قصر‭ ‬المرادية»‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬مواقفها‭ ‬والإعلان‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬لا‭ ‬مراء‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬تبنيها‭ ‬لمقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬وعلى‭ ‬رأس‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬ألمانيا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وبلجيكا‭. ‬ولم‭ ‬يتبق‭ ‬من‭ ‬رؤوس‭ ‬أوروبا‭ ‬الكبار‭ ‬إلا‭ ‬فرنسا‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬أن‭ ‬التقارب‭ ‬مع‭ ‬الجزائر‭ ‬«ورقة‭ ‬ابتزاز»‭ ‬رابحة،‭ ‬وأن‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء‭ ‬شوكة‭ ‬في‭ ‬حلق‭ ‬المغرب،‭ ‬كلما‭ ‬رغب‭ ‬في‭ ‬إعلاء‭ ‬صوته‭ ‬السيادي‭ ‬يمكن‭ ‬تحريكها‭ ‬ليركن‭ ‬إلى‭ ‬الصمت‭ ‬والتراجع،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬«المغرب‭ ‬في‭ ‬صحرائه‭ ‬والصحراء‭ ‬في‭ ‬مغربها»،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬مغربي‭ ‬قح‭ ‬أن‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬شبر‭ ‬منها،‭ ‬ولو‭ ‬أشعل‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي،‭ ‬بإيعاز‭ ‬فرنسي‭ ‬مكشوف،‭ ‬آلاف‭ ‬البرامج‭ ‬التجسسية‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الرباط،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬«بيغاسوس»‭ ‬و«فليكسيسبي»‭ ‬و«غاسبيرسكي»‭.. ‬إلخ‭.‬
لقد‭ ‬حاول‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬عبر‭ ‬إصدار‭ ‬توصية‭ ‬تدينة‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬حرية‭ ‬التعبير،‭ ‬كما‭ ‬حاولت‭ ‬لجنة‭ ‬الخبراء‭ ‬الأوروبية‭ ‬التابعة‭ ‬للبرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬وضع‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬الزاوية‭ ‬الضيقة‭ ‬عبر‭ ‬مناقشة‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬«احتمال»‭ ‬تورط‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬التجسس‭ ‬عبر‭  ‬بيغاسوس‭. ‬لكن‭ ‬تلك‭ ‬المحاولة‭ ‬باءت‭ ‬بالفشل‭ ‬حين‭ ‬تبين‭ ‬المراقبون‭ ‬أن‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وبدافع‭ ‬من‭ ‬جماعات‭ ‬الضغط‭ ‬الدائرة‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة‭ ‬بفرنسا‭ ‬والمتغولة،‭ ‬أصدر‭ ‬قرارا‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ترفع‭ ‬إليه‭ ‬اللجنة‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتحقيق‭ ‬نتائجها،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬«ديمقراطية‭ ‬أوروبا»‭ ‬أصبحت‭ ‬حساء‭ ‬فاسدا،‭ ‬وأن‭ ‬فرنسا‭ ‬الهائمة‭ ‬بالغاز‭ ‬الجزائري‭ ‬تريد‭ ‬إبطال‭ ‬«التموقع‭ ‬الجديد‭ ‬للمغرب‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية»‭ ‬بأي‭ ‬طريقة‭ ‬من‭ ‬الطرق،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬مؤسسات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬الأخرى،‭ ‬وعلى‭ ‬حساب‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والوضع‭ ‬المتقدم‭ ‬الذي‭ ‬منحه‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬للمغرب‭ ‬سنة‭ ‬2008‭.‬
إن‭ ‬قضية‭ ‬بيغاسوس،‭ ‬وهي‭ ‬تأخذ‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الحيز،‭ ‬يراد‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تُعجل‭ ‬بعودة‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬«حظيرة»‭ ‬باريس،‭ ‬وأن‭ ‬تكتفي‭ ‬الرباط‭ ‬بدور‭ ‬«المناول»‭ ‬كلما‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بإفريقيا،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬أول‭ ‬مستثمر‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬مع‭ ‬حضور‭ ‬سياسي‭ ‬وديني‭ ‬وأمني‭ ‬وازن،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تعتبره‭ ‬باريس‭ ‬مسا‭ ‬بهندستها‭ ‬السياسية‭ ‬وانتزاعا‭ ‬لدورها‭ ‬الكلاسيكي‭ ‬في‭ ‬مد‭ ‬جسور‭ ‬أوروبا‭ ‬مع‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المنافسة‭ ‬الشرسة‭ ‬لأمريكا‭ ‬والصين‭ ‬وروسيا‭ ‬وتركيا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬اليابان‭ ‬والبرازيل‭. ‬
إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬رفع‭ ‬المغرب‭  ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دعاوى‭ ‬تشهير‭ ‬على‭ ‬صحف‭ ‬مأجورة‭ ‬»لوموند،‭ ‬لوكانار‭ ‬أنشيني،‭ ‬ذا‭ ‬غوارديان‭.. ‬إلخ»،‭ ‬وعلى‭ ‬منظمات‭ ‬من‭ ‬الثابت‭ ‬أنها‭ ‬مجرد‭ ‬أداة‭ ‬غير‭ ‬بريئة‭ ‬«مثل‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬و«فوربدن‭ ‬ستوريز»‭...‬»،‭ ‬وكلها‭ ‬لم‭ ‬تقدم‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬تورط‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬التجسس،‭ ‬بل‭ ‬أثبتت‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالا‭ ‬للشك‭ ‬أن‭ ‬البرمجية‭ ‬الخبيثة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬هي‭ ‬محاولة‭ ‬توريط‭ ‬المغرب،‭ ‬ليس‭ ‬بالحجة‭ ‬والدليل،‭ ‬بل‭  ‬عبر‭ ‬«مكبرات‭ ‬الصوت»‭ ‬ومحاولة‭ ‬التدنيس‭ ‬والتلويث،‭ ‬إكراما‭ ‬للغاز‭.. ‬ولأعداء‭ ‬النجاح‭.‬