الجمعة 19 إبريل 2024
منبر أنفاس

عبد اللطيف برادة: مدينة الحلم الضائع

عبد اللطيف برادة: مدينة الحلم الضائع عبد اللطيف برادة
ربما قد يأتي او لا يأتي ألشفاء
او ربما يأتي يوما الفرج فيرفع عنا كل الشقاء
اوقد يأتي الفرح في حين غرة بعد كل العناء
فينزع اثر الضيم فينا ومن عيون حزينة
اه يا ربي هل من يشفي سواك قلوبنا المريضة
اه يا ربي ربما هناك شيء يزرع الامل في الايام العصيبة
او شيء ينزع خوفا ذب بداخلنا الى حد الضجر
ولقد اكتفينا وتجرعنا كؤوسا مذاقها امر من علقم
هي اثار الحروب لا زالت كما هي لم تندثر
حفر عميقة تبرح داخل غياهب جرح عقيم
ومن لم يشاهد دعر العباد
ومن لم يسمع الارض تزمجر والحناجر تأن
له قلب من حجر
انها لقلوب تمزقت من شدة هول الهلع
انظر كيف هزت زلازل عنيفة ارض كانت في سلام
هي الزلازل القت الذعر في النفوس
انها كوارث فضيعة المت بالمدينة
هزات حطمت حصونا منيعة
فاجعة تلوى فاجعة
ويا ويلنا من فواجع نخرت احشاء المدينة
اهي عقوبات الدهر ام من خيرات المشيئة
نوائب ظهر لخطايا قد جنينا البعض مما زرع بأيدينا
فهل كان الضمير غائبا وهل كان الجهل صائب
نازلة قلبت الحياة أي منقلب
انه لأزر ثقيل جعل طعم الايام امر من حنظل
الم شقت له قلوب الاقوياء
جراح لم تتحملها نفوس ضعيفة
صرحت الفتاة بكل الالم والخوف يجثم في عينيها
تشتكي لله
تصرخ ويدها على فمها تكتم الانفاس
تبكي من شدة الوجع
تتضوع من الجوع والبرد والعطش
تصرخ ثم تبسط يديها ممدودة نحوى السحاب
تمد ذراعيها باسقة كعروش شجرة سدر من اجل قطرة ماء
تنحني متضرعة الى السماء
دموع الحزن انهمرت من جفنيها المحمرين
قطرات من غضب تكورت حبة وراء حبة
عيون جريحة اطلت على خدودها الرقيقة فتناسلت الكلمات
اذا حسبتم أن الإنسانية قد تحيى بشعار
فلما لا تُثبط الشعارات أنين قلبي و دموع عيني تسيل
في الوقت الذي احتجت فيه يد طبية تمسح دموعي البريئة
كانت الأيادي الطبية على الضفة الأخرى تنظر إلى دموعي و لا تجيب
هكذا تنطق عقول بريئة بحروف جريئة
عالقة هي الاجساد في الأنقاض
عالقة هي الارواح التائهة في هده المشيئة
عالقة هي الكائنات كالملائكة بين السماء والأرض
وتئن كل الكائنات
قطط مذعورة لا تعرف مادا وقع
هي نفسها تعاني كمثل أي ممن تعرض للخطر
فمن سيشعر بوجدان من عانى من عنف الطبيعة
من سيشاطر هموم الضحايا الثكلى
ومن سيخفف من اهوال القتلى
عليك ان تكون كأي شخص تدمر من امان اندثر
كمثل من تمزقت احشاءه من ويلات المشيئة
تبعثرت اطرافه
سحق قلبه فزم لسانه
لا ينبس ولو بحرف
صمته قاتل
قالت كلما لديها ثم التفتت الى الفتاة مرة اخرى قبل ان تغادر
قالت لي
هل انت تشعر بما اشعر به انا حقا
فأجبتها وهي تحدق في ملامحي المرعوبة
انني لأشعر بألمك من أعماق قلبي الجريح يا مسكينة
فظلت تتساءل وتجول بنظراتها البريئة بعيدا جدا جدا
ثم تساءلت
مادا يا ترى حل بعالمنا الغريب؟
ما هو الشر الذي اقترفناه
ما هي الخطيئة
لماذا يدمر مستقبل كاد ان يكتمل
كل شيء كان على ما يرام
وفي ومضة تغير كل شيء
في رمشه عين انفتح جرح غائر
انفتح الجرح بعدما كاد يندمل ؟
لماذا دفنت أحلامنا تحت رماد الحرب و اكوام الحجر
فضلا اخواني لا تنزعجوا من صدام الكلام
هؤلاء سوى أطفال بريئة
الاطفال والحمقى وحدهم ينطقون بصدق الحقيقة
اطفال اضحوا يحتمون بكل مكان امن
يهربون من خطر يداهم
اينما حلوا و ارتحلوا تتساقط الاحجار
تتوالى الصدمات
تنهمر المنازل من اعالى الطوابق
تتهاوى المنازل كبياضك لعبة شطرنج
الاطفال اليتامى تائهون
اضحى عيشهم بين دروب المدينة
خطواتهم تتيه في عرض الشوارع
اجسادهم مهدمة مترهلة بالكاد تتحرك
ضعفت من جراء هول الشدائد
اجسادهم تتمايل تماما
ترتعش كما الاغصان من شدة العواصف
تترامى كقطع متشظية لحياة ممزقة
اه لما هذه الفاجعة وما مغزى الرسالة من كل دالك
اه لقد اضحى الانسان البائس هالك
قبل ولمدة ليست ببعيدة ساد شيء من الهدوء والسكينة في المدينة
عاشت الاهالي في وئام
و قد تنعموا ببعض الشيء من شبه سلام
وألان كل شيء قد تغير الى عدم
الوالدان اصبحا يشاهدان من دون حيلة
هكذا بقلب يعتصر يرضخان بكل دل لواقع فاجع
من فضلكم اغيثونا رجاء فلا تماطلوا
اسرعوا الخطى من فضلكم فالويل ات يركض بسرعة برق لامع
مهما تسرعتم فالموت اسرع
بالله لا تدعون الجوع والخوف يجهضان أحلامنا الوردية
اننا لا زلنا نسال هنا وهناك لعل الفرج يأتي
فمن يدري
ربما سيأتي الغيث من حيث لا ندري
ربما هناك من سيقود خطواتنا الضائعة
ايدي تسحبنا إلى مكان بهيج
الى مدينة يمكن الاستمتاع فيها بألحان الطفولة
اه لقد سئمت آذاننا من وابل طلقات رصاص
طلقات تصم الآذان
رصاصات تطلق في الهواء
رصاصات تصيب من تشاء
وثمن كل رصاصة يسدد مصروف يوم كامل
ثمن يسد رمق جائع
سئمت عيوننا من كوارث تلاحقنا
في كل مكان وزمان تقتفي الويلات خطانا
فمن فضلكم ساعدونا
قد طفح الكيل
قلوبنا بحاجة إلى جانب آخر من حياة بهيجة
هكذا نطقت الفتاة المكلومة
بكلمات بريئة جعلت عيوني تدمع
ثم وقفت بعيدا هناك و شرعت تمسح الدمع هناك حيث ورى جثمان والديها الثرى تحت الانقاض
هناك حيث دفنت الاحلام الوردية
عيونها البريئة لا زالت تنظر إلى الأمام نحو الافق الازرق
ا تنقلب عيونها من شدة البكاء فلم تعد تلمع
تنظر الى ألأنقاض واثأر ما تبقى من ماض توارى خلف الاحزان
هكذا مرة واحدة تحولت المدينة الى غبار وركام
تحول كل شيء الى عدم
الفتاة تنظر الى بعيد وهي تعلم ان في ألأنقاض دفنت الحياة الجميلة
لقد كانوا ستة أطفال كما تقول تلك المرأة الحزينة
إلا وحدا ستة لم يضل منهم يحيا بأوجاعه حياة بشعة
الأم تعرف ما تعنيه أن يكون لديك ستة وليس واحدا
ستة ضمنهم خمسة أموات
غابوا ولقد نقشت اسمائهم في الذاكرة
ومن الستة ضل واحدا فقط،
والحقيقة كل الحقيقة ان اردتم هي كما قيل
الاموات شهداء احياء عند ربهم
اما الباقون هم القتلى
تصرح هكذا بثقل الكلام ثم تعاود فتصرخ