الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

شعيب حليفي: ترحيل معرض النشر والكتاب جزء من سياسة التهميش الثقافية بالمغرب(مع فيديو)

شعيب حليفي: ترحيل معرض النشر والكتاب جزء من سياسة التهميش الثقافية بالمغرب(مع فيديو) شعيب حليفي والزميل أحمد بوستة
في سياق الجدل القائم حول ملف ترحيل المعرض الدولي من الدار البيضاء إلى مدينة الرباط أوضح الكاتب والأستاذ الجامعي شعيب حليفي أن قرار ترحيل المعرض يرتبط للأسف بسياسة ثقافية عامة للحكومة منذ سنة 2011 (نسختي العدالة والتنمية ) بالإضافة إلى الحكومة الحالية التي كنا نتمنى أن تغير من نظرتها للثقافة باعتبارها واجهة وشرفة على العالم وعلى الذات وعلى الذاكرة.
وشدد ضيف الزميل أحمد بوستة في برنامج "كازا سيتي" الذي احتضنته "أنفاس تيفي"، على أن السياسة الثقافية في مجملها تهدف إلى شيئين أساسين، وضمنهما مسألة ترحيل المعرض نحو الرباط، وهو التهميش الثقافي وتهميش الاجتماعي. وقال بأنه حين لا نجد سياسة ثقافية فليست هناك سياسة اجتماعية.
في هذا السياق أكد  شعيب حليفي، على أن كل الدول التي لها سياسة ثقافية طبعا لها سياسة اجتماعية، وهما أمران مرتبطان. واعتبر أن ترحيل المعرض مجرد جانب جزئي، ينظر إليه باعتباره ضمن مجموعة من المثقفين بأنه جزئي وأن الصراع الحقيقي يجب أن يخاض فيما هو كلي على مستوى السياسة الثقافية.
وتابع يقول بأن مدينة الدار البيضاء كان لها معرضا دوليا للكتاب مدة 26 سنة، حيث اشتهر في العالم العربي في محطات أساسية للمغاربة أولا، وللمشارقة وللعالم برمته، بحيث أنه في شهر فبراير من كل سنة هناك حدث معرض الدار البيضاء باعتبارها مركزا تتم زيارته من طرف المغاربة والسياح الأجانب.
وباستغراب قال حليفي فجأة في السنة الماضية وبحجج واهية يتم ترحيل المعرض إلى الرباط، في الوقت الذي كان من الممكن أن نقيم معرض الدار البيضاء في مكان آخر حتى نضمن الاستمرارية. 
وبأسف أضاف حليفي بأن قرار الترحيل هو إعدام للثقافة والقطع معها، بعد أن تم خلق معرض بمدينة الرباط (النسخة الثانية)، حيث أكد بأن كل المغاربة متفقين على أن هناك عدالة مجالية تتحقق من خلال معرض الكتاب بالدار البيضاء الذي يستقطب عددا كبيرا من الناشرين والكتاب والمبدعين، فضلا على أن الجهة تحتضن أكبر وأعرق الجامعات  (ثلاث جامعات كبرى).
واعتبر الروائي شعيب حليفي أن المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء قد أصبح جزءا من البناء الثقافي والهوياتي للمدينة. وتساءل عن أهداف سبب الترحيل، موضحا بأنه كان من الممكن أن نخلق معرضا آخر موازيا لمعرض الدار البيضاء في شهر يونيو أو يوليوز أو أكتوبر من كل سنة بالرباط، ونفس الشيء بمدينة أكادير والداخلة وطنجة ومدن أخرى.
وعن سؤال أوضح بأن المسؤولين بمدينة الدار البيضاء "ليست لهم الكبدة" على كل ما هو اجتماعي، فبالأحرى أن تكون كبدهم على الشأن الثقافي. وأضاف موضحا بأنه رغم الإكراهات التي يعرفها الجميع على اعتبار أن الدار البيضاء مدينة/ دولة، فذلك لا يمنع الاشتغال على الجانب الثقافي. 
وأشار إلى أن الجانب الثقافي فيها عناصر متعددة ابتداء من العمران إلى ما يمكن أن نعتبره ثقافة شعبية لامادية ومادية، واعتبر بأن اهتمام السياسي غير واضح.
وقال بأن أهمية معرض النشر والكتاب بالدار البيضاء تكمن في أن جميع المغاربة كانوا يتهيؤون لهذه الفترة من أيام المعرض، من أجل أن يناقشوا وينظروا في الجديد الذي ينشر داخل وخارج المغرب ويتداولون في الشأن الثقافي، وهذا معطى مهم.
وأشار إلى أن سؤال الشأن الثقافي بمدينة الدار البيضاء لن يجيب عليه المعرض، (يرجع أو لا يرجع للمدينة)، حيث شدد على أن هناك استهتارا من جميع الأطراف، بما فيهم المثقفين أيضا على مستوى الإهمال الثقافي.
ترحيل المعرض من الدار البيضاء يوضح أن المسؤولين في الحكومة وعلى رأسهم الوزارة الوصية لا تهمهم الثقافة، (هَزْ مَعْرِضْ حُطُّو هْنَا). حتى السياسيين المنتخبين في مدينة الدار البيضاء لا تهمهم الثقافة. 
في هذا السياق طرح سؤال حارق حول من يتحدث اليوم عن المعرض وعن الشأن الثقافي، ليس في الدار البيضاء وحدها في المغرب برمته، هم المثقفون، أو نخبة من المثقفين. واعتبر أن معاناة الثقافة والسياسة الثقافية في المغرب هي صورة للسياسة الاجتماعية، وهي صورة للسياسة وللتدبير بشكل عام.
وجدد شعيب حليفي التأكيد على أنه لا يحمل المسؤولية لوزارة الثقافة لوحدها، ولا إلى المنتخبين، ولكن حملها لرئيس الحكومة، وللحكومة المغربية. على اعتبار أن هناك رؤية ثقافية بذخية، مخالفة للرؤية الثقافية التي تنصب على الذات وعلى الذاكرة والتاريخ. مؤكدا على أن المثقفين المغاربة تميزوا تاريخيا ومنذ ستينيات القرن الماضي في العالم العربي بصوتهم المميز البعيد عن كل سلطة سياسية أو عن كل انبطاح، وكانوا دائما يعتبرون بأنهم أقرب إلى المجتمع.
في هذا السياق قال حليفي بأن ما وقع للمثقف إلى حدود سنة 2011، هو تعرضه لسلسلة من التدمير منذ ستينيات القرن الماضي، في القيم وفي التعليم وفي الصحة وفي القدرة الشرائية... ورغم ما وقع أوضح بأن المثقف إنسان اجتماعي وفرد من أفراد المجتمع، يعاني أكثر مما يعانيه أي إنسان، في خضم المسؤوليات المتعددة بما فيها مسؤولية دوره داخل المجتمع. لذلك أعتبر أن لحظة سبات المثقف ليست هي الانبطاح ومازالت له القدرة لقول كلمة لا، والمقاومة بكل الأشكال المشروعة والمتاحة أمام المثقف بالكتابة وبالإبداع والتعبير والفن في كل المجالات.
وأكد على كل ما يقع للثقافة (المعرض جزء منه) أن المثقفين سيقفون وسيعبرون عن ذلك بكل الأشكال الممكنة، لأن المعرض بدون مثقف وبدون كتاب ليس بمعرض.
وأعطى دليلا على أن للمثقف المغربي حضورا في المشهد الثقافي رغم انحدار نسبة طبع الكتب بالمغرب بأكثر من 60 في المائة، بحكم أن الدعم الذي كان يقدم للناشرين الصغار وللكتاب ولدعم ترويج الكتاب، وللجمعيات الثقافية التي هي قليلة وتروج لثقافة القراءة والكتاب وأكد بأنها ظاهرة موجودة في المغرب.